كتب جبران إلى مي زيادة وهو على بعد آلاف الأميال يقول «البارحة ذكرى اليوم وغد حلمه» وهكذا عاشا على حلم باللقاء وإن لم يتحقق ولكنه أمل عاشا عليه. يقول الطغرائي الأصبهاني في قصيدته المشهورة «لامية العجم»:
أعللُ النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
فسحة الأمل هي من جعلت ابن زيدون وهو في حبسه، ينظم نونيته الشهيرة لحبيبته ولادة بنت المستكفي يذكر أيامهما الخوالي لعل وعسى أن تعود يقول:
إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ بكمْ
في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا
أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَةً
فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا
إليكِ منّـا سَلامُ اللَّهِ مـا بَقِــيَتْ
صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا
أحلامنا وإن تأجلت ستتحق يوماً ما، البقاء على حافة المنى تهور لمن لا يعلم كم هو شعور الأمل جارف نحو الإبداع والتجلي والاكتشاف، الأحلام وإن تأجلت تبقى هدفا ورؤية ساطعة للعارفين للمستضيئين بنار الشوق والأمل المرتقب.
«لقد كنت في بدني طوال الوقت، في شفتي، في عيني وفي رأسي، كنت عذابي وشوقي والشيء الرائع الذي يتذكره الإنسان كي يعود ويعيش، إن لي قدرة لم أعرف مثلها في حياتي على تصورك ورؤيتك، وحين أرى منظراً أو أسمع كلمة أو أعلق عليها بيني وبين نفسي، أسمع جوابك في أذني، إنك واقفة إلى جواري، ويدك في يدي». بهذه الكلمات وبهذا التوحد الخالص كتب غسان كنفاني إلى غادة السمان رسالته يستحضرها في كل تفاصيله رغم بعد المسافة رغم الحلم الذي تأخر حدوثه رغم المرض رغم الوباء رغم ورغم يبقى الحب حاضراً ليهزم كل ما تأجل ويعد بالحضور الأجمل الأكمل!
ردت عليه غادة بعلاج لهذا الخوف، الخوف من الأحلام المؤجلة، كتبت إليه تقول: «لم يرغمني أحد على شيء حقاً، لكنني بمعنى ما أشعر أنني أكاد أكون مرغمة على كل شيء وبإرادتي، خوفاً أو جبناً أو حباً، أعيش حياتي داخل الكتب والحكايا التي أتوهم ان أعيشها، كأنني أعالج الخوف بالحلم»!
إنَّه الحلم الذي ينقذنا في لحظات الظلام والألم «تمسكوا بالحلم جيداً» عبارة في فيلم كانت وما زالت شعلة أمل تضيء في وقت من يحتاج إلينا من يحتاج أن نمسك بيده، أن يمسك بيدنا حتى نعبر معه طريقا طويلا اسمه الحياة.
يذهب الفقيه الأندلسي ابن حزم لطريقين لا ثالث لهما حين يقول «لن تتوقف رسائل الشوق إليك .. حتى يفنى بي العمر أو ألقاك»!!
* كاتبة سعودية
monaalmaliki@
أعللُ النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
فسحة الأمل هي من جعلت ابن زيدون وهو في حبسه، ينظم نونيته الشهيرة لحبيبته ولادة بنت المستكفي يذكر أيامهما الخوالي لعل وعسى أن تعود يقول:
إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ بكمْ
في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا
أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَةً
فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا
إليكِ منّـا سَلامُ اللَّهِ مـا بَقِــيَتْ
صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا
أحلامنا وإن تأجلت ستتحق يوماً ما، البقاء على حافة المنى تهور لمن لا يعلم كم هو شعور الأمل جارف نحو الإبداع والتجلي والاكتشاف، الأحلام وإن تأجلت تبقى هدفا ورؤية ساطعة للعارفين للمستضيئين بنار الشوق والأمل المرتقب.
«لقد كنت في بدني طوال الوقت، في شفتي، في عيني وفي رأسي، كنت عذابي وشوقي والشيء الرائع الذي يتذكره الإنسان كي يعود ويعيش، إن لي قدرة لم أعرف مثلها في حياتي على تصورك ورؤيتك، وحين أرى منظراً أو أسمع كلمة أو أعلق عليها بيني وبين نفسي، أسمع جوابك في أذني، إنك واقفة إلى جواري، ويدك في يدي». بهذه الكلمات وبهذا التوحد الخالص كتب غسان كنفاني إلى غادة السمان رسالته يستحضرها في كل تفاصيله رغم بعد المسافة رغم الحلم الذي تأخر حدوثه رغم المرض رغم الوباء رغم ورغم يبقى الحب حاضراً ليهزم كل ما تأجل ويعد بالحضور الأجمل الأكمل!
ردت عليه غادة بعلاج لهذا الخوف، الخوف من الأحلام المؤجلة، كتبت إليه تقول: «لم يرغمني أحد على شيء حقاً، لكنني بمعنى ما أشعر أنني أكاد أكون مرغمة على كل شيء وبإرادتي، خوفاً أو جبناً أو حباً، أعيش حياتي داخل الكتب والحكايا التي أتوهم ان أعيشها، كأنني أعالج الخوف بالحلم»!
إنَّه الحلم الذي ينقذنا في لحظات الظلام والألم «تمسكوا بالحلم جيداً» عبارة في فيلم كانت وما زالت شعلة أمل تضيء في وقت من يحتاج إلينا من يحتاج أن نمسك بيده، أن يمسك بيدنا حتى نعبر معه طريقا طويلا اسمه الحياة.
يذهب الفقيه الأندلسي ابن حزم لطريقين لا ثالث لهما حين يقول «لن تتوقف رسائل الشوق إليك .. حتى يفنى بي العمر أو ألقاك»!!
* كاتبة سعودية
monaalmaliki@