تتردد هذه الجملة كثيرا ومنذ فترة طويلة، وتتعدد الأماكن والمواقف التي تظهر من خلالها، فنجدها لدى المدير عندما يسمع تذمر أحد موظفيه، والزوج عندما يرى زوجته وقد تناثرت دموعها، والصديقة عندما تتنمر على صديقتها فتبدأ تظهر عليها مشاعر الغضب والجرح، والعائلة عندما يتواجد بينهم شخص شديد الحساسية يتأثر بأقل الخلافات وغير ذلك من مواقف تصدح بها «بلاش دراما».
ولو عدنا لمفهوم الدراما بأنه نوع من التعبير الأدبي المجسد الذي يؤدى تمثيلا وتشخيصا في عروض السينما والتلفزيون، فهل عندما نطلقها عليهم نقصد بأنهم في وضعية التمثيل!
الحساسية المفرطة مشكلة ولكنها ليست تمثيلا، وكارثية التفكير أحد أخطاء التفكير الشائعة التي تتطلب التعديل ولكنها ليست تمثيلا، فمن يعاني من هاتين المشكلتين أو غيرهما يحتاج إلى التعديل والتوجيه وليس الاتهام بالتمثيل، وخصوصا إذا ما عرفنا بأن هذه التهمة قد تدفع في الواقع إلى المزيد من الحساسية والكارثية، وهنالك أسباب أخرى تدفع ببعض الأشخاص لاستخدام الجملة الشهيرة «بلاش دراما»، فنجد ذلك المتسلط من مدير أو زوج أو صديقة أو أخ يستخدمها ليخفف لديه مشاعر تأنيب الضمير التي تجعله بين خيارين إما أن تداهمه لتؤذيه أو يلقي بالتهمة على الشخص المقابل بأنه يبالغ في التعبير عن مشاعره، فيتملص من ذلك الإحساس بأن يجعل من ظلمه للآخر عبارة عن سلوك طبيعي ولكن الشخص المقابل كان مبالغا ودراميا في ردة فعله.
مؤخرا تكررت الجملة ولكن لأسباب حديثة، فنرى البعض ينشر أحداثه اليومية في وسائل التواصل الاجتماعي دون أن يكون فيما نشر ما ينافي الدين، لنجد من يعلق على ذلك بـ«بلاش دراما»، علما بأن النشر كان في حسابه الشخصي، وذلك السلوك يمثله سواء كان تمثيلا أو حقيقة، وتولدت لدينا الرغبة لتربية الآخرين وتقييدهم في ما ينشرونه وكأننا أصبحنا أولياء أمور على حساباتهم وربما حياتهم، وكأننا نرغب بإيصال رسالة للمتابعين الآخرين بأنه كاذب فلا تصدقونه، وبذلك تجاوزنا الحد من ولاية الأمر إلى الرغبة في التحكم في عقول الآخرين ومحاولتنا لجعلهم يرون الأمور من زاويتنا، بالرغم من أن من ينشر محتوى يمثل من خلاله مشاعر درامية مبالغا فيه فسينتقده الأغلبية دون الحاجة إلى تلك الوصاية.
في الأزمات والحروب تتعدد طرق التحفيز وزيادة الدافعية والحماس وخصوصا إذا ما علمنا بأن الشخصيات تختلف في وسائل تحفيزها، فنجد إحدى هذه الطرق القصائد التي قد تملأها التشبيهات المبالغ بها والمقالات التي تسطر بطولاتهم وإن ازداد مديحها، ففي الأزمات والحروب وبغض النظر إذا كانت تلك القصائد والمشاهد حقيقية أو تمثيلا ولكنها ترفع الدافعية والحماس في نفوس البعض، ولذلك من المفيد استخدامها بل والإكثار منها للشد من أزرهم والخروج بأفضل ما لديهم، ولا يستوجب حسابهم على مبالغتهم في الدراما إلا إذا اخترقوا نظاما أو ارتكبوا خطأ، ومع أزمة كورونا ومع وجود أبطال يواجهون عدوا يهاجم البشرية ظهرت لنا بعض المقاطع والتغريدات التي تحدثت عن معاناة أبطال الصحة الاجتماعية والنفسية والصحية، وقد تكون هنالك صور مبالغة ولكنها لم تتجاوز الحدود الأخلاقية، ووجدناها أغضبت الكثير بالرغم من وجودها في حساب شخصي ولم يتجاوز فيها حدود الآخرين أو التعدي عليهم، وكانت تمثله ولم يعممها على غيره، ورآها آخرون بأن فيها إساءة للمجال الطبي بأكمله بالرغم من أنه لم يكن هنالك ما يدعو إلى هذا التعميم، وهنا أرى بأن من يصبح دراميا وبالمقابل يؤدي عمله بكفاءة وكان في تلك الدرامية زيادة في دافعيته وفي هذه الأوضاع تحديدا، وكان في ذلك مجال للتغلب على ضغوط نفسية يمر بها، فليته يصبحنا ويمسينا بالدراما في وقت لنا الحرية في متابعة ذلك المحتوى أو حجبه، ولذلك نعود إلى السؤال «بلاش دراما توبيخ أم فرض وصاية أم نصيحة».
alaqeelme@
ولو عدنا لمفهوم الدراما بأنه نوع من التعبير الأدبي المجسد الذي يؤدى تمثيلا وتشخيصا في عروض السينما والتلفزيون، فهل عندما نطلقها عليهم نقصد بأنهم في وضعية التمثيل!
الحساسية المفرطة مشكلة ولكنها ليست تمثيلا، وكارثية التفكير أحد أخطاء التفكير الشائعة التي تتطلب التعديل ولكنها ليست تمثيلا، فمن يعاني من هاتين المشكلتين أو غيرهما يحتاج إلى التعديل والتوجيه وليس الاتهام بالتمثيل، وخصوصا إذا ما عرفنا بأن هذه التهمة قد تدفع في الواقع إلى المزيد من الحساسية والكارثية، وهنالك أسباب أخرى تدفع ببعض الأشخاص لاستخدام الجملة الشهيرة «بلاش دراما»، فنجد ذلك المتسلط من مدير أو زوج أو صديقة أو أخ يستخدمها ليخفف لديه مشاعر تأنيب الضمير التي تجعله بين خيارين إما أن تداهمه لتؤذيه أو يلقي بالتهمة على الشخص المقابل بأنه يبالغ في التعبير عن مشاعره، فيتملص من ذلك الإحساس بأن يجعل من ظلمه للآخر عبارة عن سلوك طبيعي ولكن الشخص المقابل كان مبالغا ودراميا في ردة فعله.
مؤخرا تكررت الجملة ولكن لأسباب حديثة، فنرى البعض ينشر أحداثه اليومية في وسائل التواصل الاجتماعي دون أن يكون فيما نشر ما ينافي الدين، لنجد من يعلق على ذلك بـ«بلاش دراما»، علما بأن النشر كان في حسابه الشخصي، وذلك السلوك يمثله سواء كان تمثيلا أو حقيقة، وتولدت لدينا الرغبة لتربية الآخرين وتقييدهم في ما ينشرونه وكأننا أصبحنا أولياء أمور على حساباتهم وربما حياتهم، وكأننا نرغب بإيصال رسالة للمتابعين الآخرين بأنه كاذب فلا تصدقونه، وبذلك تجاوزنا الحد من ولاية الأمر إلى الرغبة في التحكم في عقول الآخرين ومحاولتنا لجعلهم يرون الأمور من زاويتنا، بالرغم من أن من ينشر محتوى يمثل من خلاله مشاعر درامية مبالغا فيه فسينتقده الأغلبية دون الحاجة إلى تلك الوصاية.
في الأزمات والحروب تتعدد طرق التحفيز وزيادة الدافعية والحماس وخصوصا إذا ما علمنا بأن الشخصيات تختلف في وسائل تحفيزها، فنجد إحدى هذه الطرق القصائد التي قد تملأها التشبيهات المبالغ بها والمقالات التي تسطر بطولاتهم وإن ازداد مديحها، ففي الأزمات والحروب وبغض النظر إذا كانت تلك القصائد والمشاهد حقيقية أو تمثيلا ولكنها ترفع الدافعية والحماس في نفوس البعض، ولذلك من المفيد استخدامها بل والإكثار منها للشد من أزرهم والخروج بأفضل ما لديهم، ولا يستوجب حسابهم على مبالغتهم في الدراما إلا إذا اخترقوا نظاما أو ارتكبوا خطأ، ومع أزمة كورونا ومع وجود أبطال يواجهون عدوا يهاجم البشرية ظهرت لنا بعض المقاطع والتغريدات التي تحدثت عن معاناة أبطال الصحة الاجتماعية والنفسية والصحية، وقد تكون هنالك صور مبالغة ولكنها لم تتجاوز الحدود الأخلاقية، ووجدناها أغضبت الكثير بالرغم من وجودها في حساب شخصي ولم يتجاوز فيها حدود الآخرين أو التعدي عليهم، وكانت تمثله ولم يعممها على غيره، ورآها آخرون بأن فيها إساءة للمجال الطبي بأكمله بالرغم من أنه لم يكن هنالك ما يدعو إلى هذا التعميم، وهنا أرى بأن من يصبح دراميا وبالمقابل يؤدي عمله بكفاءة وكان في تلك الدرامية زيادة في دافعيته وفي هذه الأوضاع تحديدا، وكان في ذلك مجال للتغلب على ضغوط نفسية يمر بها، فليته يصبحنا ويمسينا بالدراما في وقت لنا الحرية في متابعة ذلك المحتوى أو حجبه، ولذلك نعود إلى السؤال «بلاش دراما توبيخ أم فرض وصاية أم نصيحة».
alaqeelme@