-A +A
طارق الحميد
ثارت حملة صاخبة على الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد بعد تصريح لها عن العمالة في الكويت، وعلى خلفية القلق الناتج عن جائحة فايروس كورونا المستجد، وبعيداً عن «فحوى» ما قالته الفنانة الفهد، فهي ليست القصة، بل القصة أكبر، وأكثر تعقيداً.

ما قالته السيدة الفهد هو نتاج انفعال تحت وطأة القلق، والخوف، من تداعيات الجائحة، حيث ليس للفهد تاريخ معروف بالعنصرية، ولم تقل ما قالته وقت رخاء، مع التحفظ بالطبع على صياغة ما قيل، والذي جاء على خلفية نقاشات، وتصريحات، لها سياقات مختلفة بالكويت.


وعليه فإن القصة الأكبر هي قضية العمالة الأجنبية في الخليج، والتي دائما ما توصف بـ«القنبلة الموقوتة». واقع العمالة بالخليج يمثل خطراً اجتماعياً، وصحياً، نراه الآن، وسياسياً، واقتصادياً وأمنياً. وجميع دول الخليج تعاني من ذلك، وإن تفاوتت النسب، بل إن هناك خطراً على التركيبة السكانية ببعض دول الخليج.

وللأسف انساق البعض خلف حملات وسائل التواصل ضد الفهد متناسياً أن دول الخليج كافة، أو معظمها، تواجه الآن أزمة على خلفية الجائحة بسبب واقع العمالة، وذلك بسبب طريقة إسكانهم في تجمعات غير صحية، ولا إنسانية، أدت، وتؤدي، إلى زيادة تفشي الفايروس، وهذا ما تعاني منه الكويت، وقطر، وفي السعودية، وإن تعددت الأسباب، وبحسب المؤتمر الصحافي اليومي لوزارة الصحة فإن نسبة غير السعوديين المصابين بفايروس كورونا المستجد بلغ 53%.

والأمر لا يقف عند هذا الحد، فقصة العمالة هذه تذكرنا بخطورة مخالفي الإقامة، مثل ما هو حادث بالكويت، أو أعداد مجهولي الهوية، وهذه قصة أكثر تعقيداً. وهناك أيضاً الأحياء العشوائية، وكل ذلك يعني أنه من الصعوبة الاستشهاد بأي أرقام رسمية منشورة خليجياً، وذلك نظراً لصعوبة تدقيقها.

وهناك خطر آخر أيضاً بالنسبة للعمالة الأجنبية من ناحية التساهل بأعدادهم دون مراعات الدواعي الاقتصادية، والتبعات الأمنية، خصوصاً مع التداعيات الاقتصادية الآن للجائحة، وانحسار مصادر دخل العمالة، وحتى المقيمين الأجانب، مما يطرح سؤالاً مهماً وهو: كيف يتسنى لتلك العمالة الآن توفير فرص الحياة دون دخل منتظم مع حظر التجول، وتعطل أعمال كثيرة كانت مصدر دخل لهم؟ هذا عدا عن خطورة العمالة المتسيبة، ولأسباب مختلفة، من الأساس.

لذا القصة ليست الفنانة حياة الفهد حتى يتم التركيز عليها بهذا الشكل، مع التشديد على رفض أي خطاب عنصري، بل كان المفروض تسليط الضوء على واقع العمالة الأجنبية بالخليج، ما لها، وما عليها، حيث إن هناك أزمة لا يستهان بها، وتتطلب جدية بالتعامل، وخصوصاً الآن.

tariq@al-homayed.com