يقول إميل سيوران «أربعون ألف سنة من لغة الإنسان، ولا يمكنك أن تجد حرفاً واحداً يصف الشعور الذي بداخلك تماماً» ويقول صاحب رواية «موت صغير» «الكتابة بذهن مشتت تشبه النوم أثناء السباحة كلاهما يؤدي إلى الغرق»!
ويرى كافكا «الكتابة شكل من أشكال الصلاة» ويتأفف أحمد خالد توفيق في قوله «كان ينصحني أن أتقي الله وأكف عن الكتابة، لماذا لا يتقي هو الله ويكف عن القراءة»! معاناة الكاتب معاناة عظيمة مع الكتابة حيث تأخذ روحه شكل جمل وعبارات أمامه ممدة على الورق، لتبدأ مرحلة أخرى بعدها مرحلة القيد الذي سيعيشه مع تلك الجمل والعبارات تلك الحروف التي حفرت داخل وجدانه وشم لا يمحى، فالكتابة في أحد تعريفاتها قيد، فماذا بعد الكتابة؟!
يقابلنا مصطلح نقدي مثير يترك الكتابة بوصفها منتجاً خطابياً، ليذهب إلى ركن أصيل من أركان عملية التواصل المهمة وهو المتلقي المقصود بالكتابة أي من يقرأ ما تكتب! فيحكم «القارئ» على ما تكتبه بحسب ثقافته وفهمه وعلمه، هذا المصطلح النقدي يعرف بـ«التلقي» وهو يجيب عن الأسئلة التالية: كيف يتقبل ويفسر القارئ القصيدة أو الرواية أو القصة أو المقال؟! فتذهب به الظنون في بعض الأحيان إلى أن الشاعر أو المبدع قد عاش تفاصيل تلك الحكاية في نص شعري أو روائي، ويبدأ البحث بين الأسطر عن حياة الكاتب أو الكاتبة! ولذلك نجد الأسماء المستعارة قناعاً تختبئ خلفه بعض الأسماء خوفاً من سوء الظن ذلك، وهذه الظاهرة منتشرة بين المبدعات النساء أكثر للوضع الاجتماعي للمرأة، وهي ظاهرة عاشتها جميع المجتمعات الإنسانية ولم تكن وقفاً على مجتمع دون آخر.
نجد هذه الظاهرة الآن في وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتقنع الكثير خلف معرفات وأسماء وهمية خوفاً من هجوم أو تقصد إلى النيل من الآخرين، ولذلك أعتبر هذا الفعل جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون والنظام، فهل نتوقع أن يكون هناك تجريم لمن يتدخل في نية الكاتب ويذهب إلى تأويل كتاباته وإبداعه إلى ما يسيء له ولمن حوله، أما إن كان التأويل مصدر ثراء للعمل الإبداعي دون الدخول في توزيع التهم أو التلصص في تفاصيل حياة المبدع داخل عمله الإبداعي، فالتأويل هنا يعد سر خلود بعض الأعمال الإبداعية العظيمة.
ولذلك دعونا لا نتطرف كثيراً عندما نقول «بموت المؤلف» فننحي الكاتب جانباً عند تناول ما يكتب، وكذلك لا نبحر إلى الضفة الأخرى عندما نقول إن العمل الإبداعي «سيرة ذاتية» للكاتب، فن تناول النص سواء قصيدة أو رواية أو قصة قصيرة أو مسرحية أو فيلم أو لوحة تشكيلية يشبه فن المسافات الذكية، ولا أجد أجمل من عبارة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي عن الحب في توصيف علاقة القارئ بالعمل الإبداعي بقولها «الحب هو ذكاء المسافة، ألا تقترب كثيراُ فتلغي اللهفة، ولا تبتعد طويلاً فتُنسى».
* كاتبة سعودية
monaalmaliki@
ويرى كافكا «الكتابة شكل من أشكال الصلاة» ويتأفف أحمد خالد توفيق في قوله «كان ينصحني أن أتقي الله وأكف عن الكتابة، لماذا لا يتقي هو الله ويكف عن القراءة»! معاناة الكاتب معاناة عظيمة مع الكتابة حيث تأخذ روحه شكل جمل وعبارات أمامه ممدة على الورق، لتبدأ مرحلة أخرى بعدها مرحلة القيد الذي سيعيشه مع تلك الجمل والعبارات تلك الحروف التي حفرت داخل وجدانه وشم لا يمحى، فالكتابة في أحد تعريفاتها قيد، فماذا بعد الكتابة؟!
يقابلنا مصطلح نقدي مثير يترك الكتابة بوصفها منتجاً خطابياً، ليذهب إلى ركن أصيل من أركان عملية التواصل المهمة وهو المتلقي المقصود بالكتابة أي من يقرأ ما تكتب! فيحكم «القارئ» على ما تكتبه بحسب ثقافته وفهمه وعلمه، هذا المصطلح النقدي يعرف بـ«التلقي» وهو يجيب عن الأسئلة التالية: كيف يتقبل ويفسر القارئ القصيدة أو الرواية أو القصة أو المقال؟! فتذهب به الظنون في بعض الأحيان إلى أن الشاعر أو المبدع قد عاش تفاصيل تلك الحكاية في نص شعري أو روائي، ويبدأ البحث بين الأسطر عن حياة الكاتب أو الكاتبة! ولذلك نجد الأسماء المستعارة قناعاً تختبئ خلفه بعض الأسماء خوفاً من سوء الظن ذلك، وهذه الظاهرة منتشرة بين المبدعات النساء أكثر للوضع الاجتماعي للمرأة، وهي ظاهرة عاشتها جميع المجتمعات الإنسانية ولم تكن وقفاً على مجتمع دون آخر.
نجد هذه الظاهرة الآن في وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتقنع الكثير خلف معرفات وأسماء وهمية خوفاً من هجوم أو تقصد إلى النيل من الآخرين، ولذلك أعتبر هذا الفعل جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون والنظام، فهل نتوقع أن يكون هناك تجريم لمن يتدخل في نية الكاتب ويذهب إلى تأويل كتاباته وإبداعه إلى ما يسيء له ولمن حوله، أما إن كان التأويل مصدر ثراء للعمل الإبداعي دون الدخول في توزيع التهم أو التلصص في تفاصيل حياة المبدع داخل عمله الإبداعي، فالتأويل هنا يعد سر خلود بعض الأعمال الإبداعية العظيمة.
ولذلك دعونا لا نتطرف كثيراً عندما نقول «بموت المؤلف» فننحي الكاتب جانباً عند تناول ما يكتب، وكذلك لا نبحر إلى الضفة الأخرى عندما نقول إن العمل الإبداعي «سيرة ذاتية» للكاتب، فن تناول النص سواء قصيدة أو رواية أو قصة قصيرة أو مسرحية أو فيلم أو لوحة تشكيلية يشبه فن المسافات الذكية، ولا أجد أجمل من عبارة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي عن الحب في توصيف علاقة القارئ بالعمل الإبداعي بقولها «الحب هو ذكاء المسافة، ألا تقترب كثيراُ فتلغي اللهفة، ولا تبتعد طويلاً فتُنسى».
* كاتبة سعودية
monaalmaliki@