إيران كانت الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي أصيبت بوباء فايروس كورونا، ولكن كما عادة نظام الخميني في كنس الأوساخ تحت السجادة، أخفى تلك المعلومات ليس فقط عن المجتمع الدولي ولكن أيضا عن أبناء شعبه. وأمام عدم الشفافية انتشر الفايروس في المجتمع الإيراني انتشار النار في الهشيم، وأصبحت إيران هي البؤرة التي انتشر منها الوباء إلى دول الجوار. وبدل أن يسارع نظام الملالي إلى تطبيق إجراءات الحجر الصحي أصر على الانتخابات التشريعية من أجل البحث عن شرعية مفقودة ولمحاولة إعادة ترميم النظام السياسي والاقتصادي الذي أصابه الضرر خلال السنوات القليلة الماضية، ضاربا عرض الحائط بكل النصائح من قبل المختصين والأطباء، بل إن النظام حاول التهرب من المسؤولية عبر إلقائها على الولايات المتحدة الأمريكية عبر الإغراق اللاعقلاني في نظرية المؤامرة. وكما يحاول النظام أن يصدر أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية إلى الخارج فقد أصر على تصدير أزمته الصحية عندما أرسل زوارا مصابين إلى دول الخليج العربي دون أن يخبر هذه الدول بحقيقة هؤلاء المصابين ودون أن يمهر جوازاتهم بختم الدخول أو الخروج، على كل حال هذا ليس مستغربا من نظام امتهن إثارة الأزمات والمشاكل لكل من يقترب منه.
فشل النظام الإيراني في إيجاد المنظومة الصحية القادرة على تلبية الحاجات اليومية للشعب الإيراني، فما بالك بمواجهة أزمة عاصفة كأزمة كورونا، البنية التحتية متهالكة والفساد يسري في كافة مفاصل الدولة الإيرانية بما فيها المؤسسات الصحية كما يسري الدم في الجسم. الجميع يحاول الكذب ويحاول أن يظهر الأمور على خير ما يرام، ولكن الحقائق التي يعانيها الشعب الإيراني كفيلة بإظهار حقيقة أكاذيب النظام. الأنباء القادمة من طهران تشير إلى أن الأعداد التي يعلنها النظام لا تعدو أن تكون سوى 10 بالمئة من الأرقام الحقيقية التي يتكتم عليها. الأزمة ليست في عدم شفافية النظام وحسب ولكن أيضا في محدودية الإنفاق الصحي في الحكومات الإيرانية المتوالية، مما جعل هذا القطاع ضعيفا وهشا، بل وحوله النظام إلى تجارة سياسية عندما افتتح مشافي في دول الهيمنة الإيرانية في سوريا واليمن ولبنان. أما الفشل الاقتصادي فحدث ولا حرج، النظام الإيراني بدد ثروات الشعب الإيراني على مقامراته الإقليمية وعلى تمويل التنظيمات الإرهابية مثل حزب الله والحشد الشعبي والحوثي، وكذا إنشاء ميليشيات إرهابية هي ميليشيات الحرس الثوري. وما تبقى ذهب في مسارب الفساد، فلم يبق إلا الفتات للمواطن الإيراني المغلوب على أمره. هذا الذي دفع الرئيس الإيراني والنظام إلى التخلي عن إجراءات الحجر الصحي والسماح للناس بالذهاب إلى أعمالهم، لأن الدولة غير قادرة على الإنفاق على مواطنيها وتركتهم بين خيارين؛ إما الموت جوعاً أو الموت في مواجهة كورونا، ويبدو أن الشعب الإيراني ذهب إلى الخيار الثاني. ولعل القارئ للتاريخ الإيراني يدرك أن الجوع والعوز كانا المسمار الأخير في نعش نظام الشاه، فهل يعيد التاريخ نفسه.
* باحث سياسي
ramialkhalife@
فشل النظام الإيراني في إيجاد المنظومة الصحية القادرة على تلبية الحاجات اليومية للشعب الإيراني، فما بالك بمواجهة أزمة عاصفة كأزمة كورونا، البنية التحتية متهالكة والفساد يسري في كافة مفاصل الدولة الإيرانية بما فيها المؤسسات الصحية كما يسري الدم في الجسم. الجميع يحاول الكذب ويحاول أن يظهر الأمور على خير ما يرام، ولكن الحقائق التي يعانيها الشعب الإيراني كفيلة بإظهار حقيقة أكاذيب النظام. الأنباء القادمة من طهران تشير إلى أن الأعداد التي يعلنها النظام لا تعدو أن تكون سوى 10 بالمئة من الأرقام الحقيقية التي يتكتم عليها. الأزمة ليست في عدم شفافية النظام وحسب ولكن أيضا في محدودية الإنفاق الصحي في الحكومات الإيرانية المتوالية، مما جعل هذا القطاع ضعيفا وهشا، بل وحوله النظام إلى تجارة سياسية عندما افتتح مشافي في دول الهيمنة الإيرانية في سوريا واليمن ولبنان. أما الفشل الاقتصادي فحدث ولا حرج، النظام الإيراني بدد ثروات الشعب الإيراني على مقامراته الإقليمية وعلى تمويل التنظيمات الإرهابية مثل حزب الله والحشد الشعبي والحوثي، وكذا إنشاء ميليشيات إرهابية هي ميليشيات الحرس الثوري. وما تبقى ذهب في مسارب الفساد، فلم يبق إلا الفتات للمواطن الإيراني المغلوب على أمره. هذا الذي دفع الرئيس الإيراني والنظام إلى التخلي عن إجراءات الحجر الصحي والسماح للناس بالذهاب إلى أعمالهم، لأن الدولة غير قادرة على الإنفاق على مواطنيها وتركتهم بين خيارين؛ إما الموت جوعاً أو الموت في مواجهة كورونا، ويبدو أن الشعب الإيراني ذهب إلى الخيار الثاني. ولعل القارئ للتاريخ الإيراني يدرك أن الجوع والعوز كانا المسمار الأخير في نعش نظام الشاه، فهل يعيد التاريخ نفسه.
* باحث سياسي
ramialkhalife@