أخرجت المناكفة السياسية بعض الإعلام الأمريكي عن مهنيته. وأبسط مثال مناكفة صحيفة الواشنطن بوست للرئيس ترمب مما جعلها تبدو وكان رئيس تحريرها هو الرئيس التركي!
ذات يوم، وبزيارة لمكتب رئيس تحرير الواشنطن بوست المتقاعد حينها، الراحل الأسطورة بن برادلي، والذي أُسقط الرئيس ريتشارد نيكسون بفترته، على خلفية «وترجيت»، لاحظت صورة لبرادلي بشبابه مع نيكسون. سألته، مشيرا للصورة: «ما شعورك وأنت من أسقطه»؟ رد بحزم: «نيكسون أسقط نيكسون»!
بينما الواشنطن بوست الآن هي من يحاول إسقاط ترمب، وهذه قصة أمريكية، لكن الإشكالية اليوم مع الصحيفة هي ازدواجية المعايير الصارخة. الأسبوع الماضي نشرت الصحيفة قصة بعنوان: «حاولت الولايات المتحدة تلقين الصين درسا في الإعلام، لكنه ارتد عكسيا».
ملخص القصة هو طرد إدارة ترمب خمسة صحافيين صينين بعد الجدل حول فايروس كورونا، مما أدى الى طرد الصين لصحافيي الواشنطن بوست، والنيويورك تايمز، وول ستريت جورنال. وتقول الصحيفة إن توقيت طرد الصحافيين الصينيين لم يكن خاطئا وحسب، بل سيئ التوقيت. مضيفة أن قرار ترمب هذا أدى لحرمان الأمريكيين من وجود أعين ترصد تعامل الصين مع الفايروس. ولا ندري لماذا لم يرصد مراسلو تلك الصحف الفايروس مبكرا؟
الأدهى، في لعبة المناكفة، أن الصحيفة تتبنى خطاب المرشح الديموقراطي جو بايدن، والذي يقول إن ترمب تساهل مع الصين، بينما القصة الآن تلوم ترمب لأنه أخطأ بتصعيده مع الصين بحسب الصحيفة، رغم أن الدول الأوروبية المؤثرة تصعد مع الصين أيضا مطالبة بالشفافية!
ولا تقف الصحيفة عند هذا الحد، بل إن القصة، موضع النقاش، تذكر بسعي أوباما لانخراط الصين بالقيم الديموقراطية، وهذا بحد ذاته أحد الأمثلة على سذاجة سياسات أوباما التي تبناها بعض الإعلام بمناكفته لترمب.
وأبسط مثال لسذاجة تركة أوباما الإعلامية هو تعاطي الواشنطن بوست مع إيران. مثلا، وبعد مقتل الإرهابي قاسم سليماني، قالت افتتاحية الصحيفة إن سليماني «كان أيضا بطلا للعديد من الإيرانيين»! يا للسخرية، فحتى أسامة بن لادن كان بطلا بأعين المتطرفين، والسذج! فهل هكذا تقاس الأمور؟!
وعليه فإن مناكفة الواشنطن بوست لترمب حولتها وكأنها صحيفة يرأس تحريرها أردوغان الذي يحذر بأن لا حل عسكريا باليمن، ثم يحتل أراضي سورية. ويحذر من كربلاء جديدة، ثم يقوم بإنزال مرتزقة في ليبيا. ويتحدث عن الحريات والديموقراطية ثم يعفو عن زعيم مافيا، ويبقي الصحافيين، والساسة في السجون.
ولذا فمن المناسب أن نختم هنا بما ختمت به الواشنطن بوست قصتها، حيث يقول الكاتب: «أخبرني صحفي صيني بواشنطن» أن التلفزيون الصيني سيوظف «صحفيين أمريكيين بعقد للمساعدة في بث دعايتهم». خاتما قصته بالتعليق التالي: «بسوق العمل هذا، ربما ليس من الصعب العثور على هؤلاء». الحقيقة أن هذا واضح جدا!
* كاتب سعودي
tariq@al-homayed.com
ذات يوم، وبزيارة لمكتب رئيس تحرير الواشنطن بوست المتقاعد حينها، الراحل الأسطورة بن برادلي، والذي أُسقط الرئيس ريتشارد نيكسون بفترته، على خلفية «وترجيت»، لاحظت صورة لبرادلي بشبابه مع نيكسون. سألته، مشيرا للصورة: «ما شعورك وأنت من أسقطه»؟ رد بحزم: «نيكسون أسقط نيكسون»!
بينما الواشنطن بوست الآن هي من يحاول إسقاط ترمب، وهذه قصة أمريكية، لكن الإشكالية اليوم مع الصحيفة هي ازدواجية المعايير الصارخة. الأسبوع الماضي نشرت الصحيفة قصة بعنوان: «حاولت الولايات المتحدة تلقين الصين درسا في الإعلام، لكنه ارتد عكسيا».
ملخص القصة هو طرد إدارة ترمب خمسة صحافيين صينين بعد الجدل حول فايروس كورونا، مما أدى الى طرد الصين لصحافيي الواشنطن بوست، والنيويورك تايمز، وول ستريت جورنال. وتقول الصحيفة إن توقيت طرد الصحافيين الصينيين لم يكن خاطئا وحسب، بل سيئ التوقيت. مضيفة أن قرار ترمب هذا أدى لحرمان الأمريكيين من وجود أعين ترصد تعامل الصين مع الفايروس. ولا ندري لماذا لم يرصد مراسلو تلك الصحف الفايروس مبكرا؟
الأدهى، في لعبة المناكفة، أن الصحيفة تتبنى خطاب المرشح الديموقراطي جو بايدن، والذي يقول إن ترمب تساهل مع الصين، بينما القصة الآن تلوم ترمب لأنه أخطأ بتصعيده مع الصين بحسب الصحيفة، رغم أن الدول الأوروبية المؤثرة تصعد مع الصين أيضا مطالبة بالشفافية!
ولا تقف الصحيفة عند هذا الحد، بل إن القصة، موضع النقاش، تذكر بسعي أوباما لانخراط الصين بالقيم الديموقراطية، وهذا بحد ذاته أحد الأمثلة على سذاجة سياسات أوباما التي تبناها بعض الإعلام بمناكفته لترمب.
وأبسط مثال لسذاجة تركة أوباما الإعلامية هو تعاطي الواشنطن بوست مع إيران. مثلا، وبعد مقتل الإرهابي قاسم سليماني، قالت افتتاحية الصحيفة إن سليماني «كان أيضا بطلا للعديد من الإيرانيين»! يا للسخرية، فحتى أسامة بن لادن كان بطلا بأعين المتطرفين، والسذج! فهل هكذا تقاس الأمور؟!
وعليه فإن مناكفة الواشنطن بوست لترمب حولتها وكأنها صحيفة يرأس تحريرها أردوغان الذي يحذر بأن لا حل عسكريا باليمن، ثم يحتل أراضي سورية. ويحذر من كربلاء جديدة، ثم يقوم بإنزال مرتزقة في ليبيا. ويتحدث عن الحريات والديموقراطية ثم يعفو عن زعيم مافيا، ويبقي الصحافيين، والساسة في السجون.
ولذا فمن المناسب أن نختم هنا بما ختمت به الواشنطن بوست قصتها، حيث يقول الكاتب: «أخبرني صحفي صيني بواشنطن» أن التلفزيون الصيني سيوظف «صحفيين أمريكيين بعقد للمساعدة في بث دعايتهم». خاتما قصته بالتعليق التالي: «بسوق العمل هذا، ربما ليس من الصعب العثور على هؤلاء». الحقيقة أن هذا واضح جدا!
* كاتب سعودي
tariq@al-homayed.com