ونحن نعيش في أجواء منع التجول والإجراءات الوقائية من فايروس كورونا المستجد هذه الأيام، علينا أن نتذكر ملايين البشر الذين عاشوا في أجواء وظروف أسوأ بكثير بسبب وباء آخر أخطر بآلاف المرات من هذا الفايروس اسمه (حماقة الإنسان).
بين عامي 1939م و1945م عاش مئات الملايين من البشر حول العالم ظروفاً أكثر قسوة ورعباً وألماً، وتعايشوا مع أنظمة حظر التجول وصادقوا مشاهد الدماء والأعضاء المبتورة والجثث المتناثرة في الشوارع خلال الحرب العالمية الثانية التي خلفت أكثر من 60 مليون قتيل أي ما يزيد على 300 ضعف ضحايا كورونا.. حدث ذلك بسبب (حماقة الإنسان).. الوباء الذي لا يمكن أن يُكتشف له علاج أو لقاح حتى تفنى الأرض ومن عليها.
قبل أيام نشرت وزارة الدفاع الروسية، جزءاً من رسالة قديمة ذات كلمات خالدة كتبها الجندي الأمريكي جوزيف بولوفسكي وأرسلها إلى المارشال السوفيتي إيفان كونييف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وجاء نشر الرسالة (بحسب وكالة سبوتنك الروسية) تكريماً للذكرى 75 للقاء الذي جمع بين القوات السوفيتية والأمريكية على نهر إلبه وهو من أهم أنهار أوروبا الوسطى.
الجندي الأمريكي كاتب الرسالة كان أول من عبر النهر آنذاك واجتمع مع الجنود السوفييت، وهو أول من صافح قائد الجيش الأحمر، وقد احتفظ بها ورثة المارشال السوفيتي حتى اليوم.
يقول الجندي الأمريكي جوزيف في رسالته الخالدة:
«لقد تعهدنا، نحن جنود الجانبين (الجيش السوفيتي والأمريكي)، بأن نبذل قصارى جهدنا لبناء حياة أفضل مبنية على حسن النية والاحترام والسلام بين بلدينا، السلام الضروري لأطفالنا وكل البشرية. أتذكر القسم على نهر إلبه فوق جثة الفتاة الصغيرة المقتولة التي كانت تحمل دمية في يد وقلم رصاص ملوناً في اليد الأخرى.. يجب الوفاء بالوعد الذي تم قطعه في 25 أبريل/نيسان 1945».
تُطوّر الفايروسات التاجية نفسها وتفاجئ البشر بإصدار جديد منها كل مرة (سارس، ميرس، كوفيد-19....) وكذلك هي حماقة الإنسان.. فرغم كل مآسي الحروب ودروسها عبر التاريخ ما زال وسيبقى يحمل السلاح لقتل أخيه الإنسان ويرتكب المجازر والإبادات الجماعية لا لشيء سوى فكرة حمقاء خطرت ببال أحدهم حينها.
أمس الأول اجتمع على الإخوة من أبناء الشعب الأرمني حزنان.. حزن بسبب وباء كورونا المستجد، وحزن أعمق بسبب حلول الذكرى السنوية للإبادة الجماعية التي ارتكبتها دولة الاحتلال العثماني بحقهم بين عامي 1915م و1917م والمعروفة بأسماء عدة منها (المحرقة الأرمنية، والمذبحة الأرمنية، والجريمة الكبرى) وهي بالفعل جريمة مأساوية تاريخية راح ضحيتها أكثر من مليون و500 ألف أرمني أي ما يزيد على 7 أضعاف من قتلهم فايروس كورونا في العالم كله، فأي الوباءين أخطر على البشرية بربكم كورونا أم المخبول التركي الذي تسبب في هذه الكارثة التاريخية.
سينتصر الإنسان على الوباء الفايروسي غداً أو بعده.. لكن كل ما يمكنه فعله تجاه وباء (حماقة الإنسان) هو العمل على إبقائه خاملاً قدر الإمكان.
* كاتب سعودي
Hani_DH@
بين عامي 1939م و1945م عاش مئات الملايين من البشر حول العالم ظروفاً أكثر قسوة ورعباً وألماً، وتعايشوا مع أنظمة حظر التجول وصادقوا مشاهد الدماء والأعضاء المبتورة والجثث المتناثرة في الشوارع خلال الحرب العالمية الثانية التي خلفت أكثر من 60 مليون قتيل أي ما يزيد على 300 ضعف ضحايا كورونا.. حدث ذلك بسبب (حماقة الإنسان).. الوباء الذي لا يمكن أن يُكتشف له علاج أو لقاح حتى تفنى الأرض ومن عليها.
قبل أيام نشرت وزارة الدفاع الروسية، جزءاً من رسالة قديمة ذات كلمات خالدة كتبها الجندي الأمريكي جوزيف بولوفسكي وأرسلها إلى المارشال السوفيتي إيفان كونييف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وجاء نشر الرسالة (بحسب وكالة سبوتنك الروسية) تكريماً للذكرى 75 للقاء الذي جمع بين القوات السوفيتية والأمريكية على نهر إلبه وهو من أهم أنهار أوروبا الوسطى.
الجندي الأمريكي كاتب الرسالة كان أول من عبر النهر آنذاك واجتمع مع الجنود السوفييت، وهو أول من صافح قائد الجيش الأحمر، وقد احتفظ بها ورثة المارشال السوفيتي حتى اليوم.
يقول الجندي الأمريكي جوزيف في رسالته الخالدة:
«لقد تعهدنا، نحن جنود الجانبين (الجيش السوفيتي والأمريكي)، بأن نبذل قصارى جهدنا لبناء حياة أفضل مبنية على حسن النية والاحترام والسلام بين بلدينا، السلام الضروري لأطفالنا وكل البشرية. أتذكر القسم على نهر إلبه فوق جثة الفتاة الصغيرة المقتولة التي كانت تحمل دمية في يد وقلم رصاص ملوناً في اليد الأخرى.. يجب الوفاء بالوعد الذي تم قطعه في 25 أبريل/نيسان 1945».
تُطوّر الفايروسات التاجية نفسها وتفاجئ البشر بإصدار جديد منها كل مرة (سارس، ميرس، كوفيد-19....) وكذلك هي حماقة الإنسان.. فرغم كل مآسي الحروب ودروسها عبر التاريخ ما زال وسيبقى يحمل السلاح لقتل أخيه الإنسان ويرتكب المجازر والإبادات الجماعية لا لشيء سوى فكرة حمقاء خطرت ببال أحدهم حينها.
أمس الأول اجتمع على الإخوة من أبناء الشعب الأرمني حزنان.. حزن بسبب وباء كورونا المستجد، وحزن أعمق بسبب حلول الذكرى السنوية للإبادة الجماعية التي ارتكبتها دولة الاحتلال العثماني بحقهم بين عامي 1915م و1917م والمعروفة بأسماء عدة منها (المحرقة الأرمنية، والمذبحة الأرمنية، والجريمة الكبرى) وهي بالفعل جريمة مأساوية تاريخية راح ضحيتها أكثر من مليون و500 ألف أرمني أي ما يزيد على 7 أضعاف من قتلهم فايروس كورونا في العالم كله، فأي الوباءين أخطر على البشرية بربكم كورونا أم المخبول التركي الذي تسبب في هذه الكارثة التاريخية.
سينتصر الإنسان على الوباء الفايروسي غداً أو بعده.. لكن كل ما يمكنه فعله تجاه وباء (حماقة الإنسان) هو العمل على إبقائه خاملاً قدر الإمكان.
* كاتب سعودي
Hani_DH@