مشكلة كبار الفنانين والمنتجين ومخرجي المسلسلات والبرامج الفنية في الخليج اليوم أنهم منفصلون عن الواقع تماما، فهم يعيشون بعقولهم في التسعينات بينما تعيش أجسادهم معنا في هذا العصر.. عصر نتفليكس وستارز بلاي وبرايم فيديو.. والمحزن بحق أن كثيرا منهم على ثقة تامة بأن ما يقدمونه من أعمال يستحق الإشادة والتصفيق والجوائز.
لا يختلف ما تقدمه المسلسلات والبرامج الفنية الخليجية اليوم سواء كانت درامية أو كوميدية عما كان يُقدم قبل ٤٠ سنة إلا في تقنيات التصوير والإخراج والديكور نسبياً.. أما على مستوى الأفكار والنصوص والأداء فلا جديد.. مجرد تكرار واجترار مثير للشفقة وأعمال بائسة ليس لديها القدرة على إثارة دهشة أو إعجاب جيل اليوم.. هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن نعلنها صريحة لأن ما أوصل مستوانا الفني لهذه الدرجة من البؤس ليس سوى المجاملة والمديح في غير محله.
في نهاية التسعينات برزت ظاهرة «أفلام المقاولات» في مصر وهي أعمال تافهة بلا أي قيمة فنية أو محتوى يستحق المشاهدة.. أعمال كان ينتجها تجار المواشي ومعلمو سوق الخضار طمعا في الربح الذي سمعوا أن السينما تحققه.. أعمال حاولت الاعتماد على نكتة الشارع والمؤدين الذين لا يمتلكون موهبة حقيقية في التمثيل وبعض المشاهد الساخنة ثم ماذا حدث؟
انهارت صورة وقيمة السينما المصرية وانهارت كذلك أرباحها وهذا ما يحدث في عالم الإنتاج الفني الخليجي هذه الأيام مع الأسف.
يقول الصديق الكاتب أحمد الفهيد في إحدى تغريداته عبر تويتر: «حين صار الناس يشاهدون الإنتاج الأجنبي (مسلسلات وأفلاما) أصبحت عندهم القدرة الكافية، والفهم العميق لملاحظة القبح في الدراما الخليجية والعربية بوضوح شديد.. هناك فرق كبير جداً على مستوى (الأفكار والكتابة والإنتاج والأداء) وبالتالي لماذا عليهم متابعة الغث وهم متلذذون بمتابعة السمين؟!».
وأنا بدوري أقول وأجري على الله: مشكلة إنتاجنا الفني الكبرى في النصوص والأفكار.. فلا يمكن أن نحول فكرة تافهة أو نصاً مستهلكاً إلى عمل جيد حتى وإن صرفنا مئات الملايين عليه واستجلبنا أحدث التقنيات في العالم لصناعته.. هذا أمر يشبه زراعة البطيخ في قاع البحر.. بينما الأفكار العظيمة والنصوص المدهشة ستنجح حتى لو كان إخراجها سيئاً أو قديماً لأن «المحتوى هو الملك» كما يُقال.
يؤسفني بحق أن نرى فنانين خليجيين نجوماً يحترقون بأعمال تافهة تبعث على الشفقة، ويصرون على حصر أنفسهم في قوالب مستهلكة لمجرد أنهم اعتادوا على ذلك أو أن هذا المتوفر في السوق.. على الفنان الكبير أن يبحث بنفسه عن الأفكار والنصوص الجديدة القادرة على إدهاش المشاهد في هذا الزمن لا حقبة التسعينات، وعلى المنتجين التوقف عن العمل بسياسة سلق البيض.. لأن جيل اليوم أكثر منهم وعياً وأعلى منهم ذائقة وقد انصرف عن أعمالهم وهم يدركون ذلك.
* كاتب سعودي
Hani_DH@
لا يختلف ما تقدمه المسلسلات والبرامج الفنية الخليجية اليوم سواء كانت درامية أو كوميدية عما كان يُقدم قبل ٤٠ سنة إلا في تقنيات التصوير والإخراج والديكور نسبياً.. أما على مستوى الأفكار والنصوص والأداء فلا جديد.. مجرد تكرار واجترار مثير للشفقة وأعمال بائسة ليس لديها القدرة على إثارة دهشة أو إعجاب جيل اليوم.. هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن نعلنها صريحة لأن ما أوصل مستوانا الفني لهذه الدرجة من البؤس ليس سوى المجاملة والمديح في غير محله.
في نهاية التسعينات برزت ظاهرة «أفلام المقاولات» في مصر وهي أعمال تافهة بلا أي قيمة فنية أو محتوى يستحق المشاهدة.. أعمال كان ينتجها تجار المواشي ومعلمو سوق الخضار طمعا في الربح الذي سمعوا أن السينما تحققه.. أعمال حاولت الاعتماد على نكتة الشارع والمؤدين الذين لا يمتلكون موهبة حقيقية في التمثيل وبعض المشاهد الساخنة ثم ماذا حدث؟
انهارت صورة وقيمة السينما المصرية وانهارت كذلك أرباحها وهذا ما يحدث في عالم الإنتاج الفني الخليجي هذه الأيام مع الأسف.
يقول الصديق الكاتب أحمد الفهيد في إحدى تغريداته عبر تويتر: «حين صار الناس يشاهدون الإنتاج الأجنبي (مسلسلات وأفلاما) أصبحت عندهم القدرة الكافية، والفهم العميق لملاحظة القبح في الدراما الخليجية والعربية بوضوح شديد.. هناك فرق كبير جداً على مستوى (الأفكار والكتابة والإنتاج والأداء) وبالتالي لماذا عليهم متابعة الغث وهم متلذذون بمتابعة السمين؟!».
وأنا بدوري أقول وأجري على الله: مشكلة إنتاجنا الفني الكبرى في النصوص والأفكار.. فلا يمكن أن نحول فكرة تافهة أو نصاً مستهلكاً إلى عمل جيد حتى وإن صرفنا مئات الملايين عليه واستجلبنا أحدث التقنيات في العالم لصناعته.. هذا أمر يشبه زراعة البطيخ في قاع البحر.. بينما الأفكار العظيمة والنصوص المدهشة ستنجح حتى لو كان إخراجها سيئاً أو قديماً لأن «المحتوى هو الملك» كما يُقال.
يؤسفني بحق أن نرى فنانين خليجيين نجوماً يحترقون بأعمال تافهة تبعث على الشفقة، ويصرون على حصر أنفسهم في قوالب مستهلكة لمجرد أنهم اعتادوا على ذلك أو أن هذا المتوفر في السوق.. على الفنان الكبير أن يبحث بنفسه عن الأفكار والنصوص الجديدة القادرة على إدهاش المشاهد في هذا الزمن لا حقبة التسعينات، وعلى المنتجين التوقف عن العمل بسياسة سلق البيض.. لأن جيل اليوم أكثر منهم وعياً وأعلى منهم ذائقة وقد انصرف عن أعمالهم وهم يدركون ذلك.
* كاتب سعودي
Hani_DH@