من فضائل جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات أنها أثبتت لأصحاب الأعمال والتجارة بشكل فعلي أن كثيرا من مصروفاتهم على بنود التوظيف وفواتير المقرات والاجتماعات يمكن الاستغناء عنها بالاعتماد على التقنية دون أن تتأثر أعمالهم.
لقد كشفت الجائحة أن عالم الأعمال لدينا كان يعاني من أمية تقنية مريعة بالرغم من توفر وسائل وتطبيقات التقنية بين يديه منذ سنوات طويلة، وهذا بالطبع ناتج عن القوالب التقليدية الموروثة المسيطرة على هذا المجال، قوالب تحولت مع الوقت إلى سجون وهمية اقتحمتها الجائحة وأطلقت نزلاءها قسراً.
مئات التخصصات الوظيفية ثبت عدم جدوى تواجد أصحابها في مقرات العمل، بل تبين أن إنجاز المهام الوظيفية المتعلقة بها عن بعد أفضل وربما أكثر جودة.
آلاف المحال التجارية الغارقة في ديون الإيجار وفواتير الخدمات والمهددة بالإفلاس وجدت طريقها للخلاص والربح عبر تحولها إلى متاجر الكترونية تُدار من المنازل وتعتمد على التسويق الإلكتروني.
لكن هناك بالتأكيد من سقط من المعادلة وغادر السوق لأنه عجز عن التحول السريع أو لم يملك الأدوات الممكّنة تقنياً نتيجة جهله بهذا العالم أو ربما إصراره على البقاء في سجنه الوهمي رغم كل شيء.
في التعليم كتبت سابقاً عن أننا عانينا طويلا من تسلط أعداء التقنية على القرار.. وأقصد بالطبع أولئك الذين يصيغون القرارات في مكاتبهم ويعتقدون أن التعليم عن بعد خرافة ووسيلة لهدم العملية التعليمية برمتها، وأن من يتعلم عبر التقنية لا يستحق الحصول على الدرجة العلمية وإن حصل عليها فإن شهادته أقل قيمة من شهادة التعليم التقليدي وربما لا تستحق الاعتراف بها أكاديمياً.. وهذه ليست مبالغة فلدينا منذ سنوات في السعودية جامعة تُسمى (إلكترونية) لكنها تشترط على الطلاب حضور نسبة من المحاضرات في مقراتها ناسفة بذلك معنى (التعليم عن بعد) نسفاً من أعلاه حتى جذوره.
أما الشهادة الأكاديمية التي يحصل عليها المتعلم عن بعد من جامعة دولية محترمة ومعترف بها في بلادها، فغير معتمدة لدينا بحسب الأنظمة ولا قيمة لها، لأن من شروط معادلة أي شهادة (الإقامة في بلد الدراسة).
جاءت جائحة كورونا التي هزت العالم هزاً، لتصفع أعداء التقنية وصانعي السجون الوهمية.. جاءت لتفتح آفاقاً جديدة لحياتنا وأفكارنا وما أكبر خسارتنا إن لم نستفد منها.
* كاتب سعودي
Hani_DH@
لقد كشفت الجائحة أن عالم الأعمال لدينا كان يعاني من أمية تقنية مريعة بالرغم من توفر وسائل وتطبيقات التقنية بين يديه منذ سنوات طويلة، وهذا بالطبع ناتج عن القوالب التقليدية الموروثة المسيطرة على هذا المجال، قوالب تحولت مع الوقت إلى سجون وهمية اقتحمتها الجائحة وأطلقت نزلاءها قسراً.
مئات التخصصات الوظيفية ثبت عدم جدوى تواجد أصحابها في مقرات العمل، بل تبين أن إنجاز المهام الوظيفية المتعلقة بها عن بعد أفضل وربما أكثر جودة.
آلاف المحال التجارية الغارقة في ديون الإيجار وفواتير الخدمات والمهددة بالإفلاس وجدت طريقها للخلاص والربح عبر تحولها إلى متاجر الكترونية تُدار من المنازل وتعتمد على التسويق الإلكتروني.
لكن هناك بالتأكيد من سقط من المعادلة وغادر السوق لأنه عجز عن التحول السريع أو لم يملك الأدوات الممكّنة تقنياً نتيجة جهله بهذا العالم أو ربما إصراره على البقاء في سجنه الوهمي رغم كل شيء.
في التعليم كتبت سابقاً عن أننا عانينا طويلا من تسلط أعداء التقنية على القرار.. وأقصد بالطبع أولئك الذين يصيغون القرارات في مكاتبهم ويعتقدون أن التعليم عن بعد خرافة ووسيلة لهدم العملية التعليمية برمتها، وأن من يتعلم عبر التقنية لا يستحق الحصول على الدرجة العلمية وإن حصل عليها فإن شهادته أقل قيمة من شهادة التعليم التقليدي وربما لا تستحق الاعتراف بها أكاديمياً.. وهذه ليست مبالغة فلدينا منذ سنوات في السعودية جامعة تُسمى (إلكترونية) لكنها تشترط على الطلاب حضور نسبة من المحاضرات في مقراتها ناسفة بذلك معنى (التعليم عن بعد) نسفاً من أعلاه حتى جذوره.
أما الشهادة الأكاديمية التي يحصل عليها المتعلم عن بعد من جامعة دولية محترمة ومعترف بها في بلادها، فغير معتمدة لدينا بحسب الأنظمة ولا قيمة لها، لأن من شروط معادلة أي شهادة (الإقامة في بلد الدراسة).
جاءت جائحة كورونا التي هزت العالم هزاً، لتصفع أعداء التقنية وصانعي السجون الوهمية.. جاءت لتفتح آفاقاً جديدة لحياتنا وأفكارنا وما أكبر خسارتنا إن لم نستفد منها.
* كاتب سعودي
Hani_DH@