في لقاء قديم مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله على قناة MBC، تعليقاً على سؤال عن شتم البعض للمملكة ومهاجمتها وإنكار فضلها، فرد بما معناه كنا في المملكة نمنح ونساعد الكثير من الدول، ولكننا لم نكن نرغب في الحديث عنها تعفّفا وانطلاقا من قيم أصيلة تحث على العطاء في الخفاء وعدم التباهي أو الاستعراض، ثم أضاف –رحمه الله- قائلاً: إن هذا الأسلوب لم يعد مجدياً في عالم اليوم، وإننا نحن السعوديين مقصرون في التعريف بما نقوم به كما تفعل بقية دول العالم، في إشارة منه –رحمه الله- إلى أهمية التأثير المترتب على الإعلان عن مثل هذه الأعمال، وتحديداً توظيف مثل هذه الأعمال كقوة ناعمة للمملكة.
أكاد أجزم أن الأمير سلطان -رحمه الله- عندما أشار إلى هذا الكلام، فإنه لم يكن يريد التأثير بالمعنى الذي تسعى إليه الدول، وبما توظفه من حيل بعضها لا أخلاقي وانتهازي، لإحداث التأثير والهيمنة في المجتمعات التي تستفيد من دعمها ومشاريعها، بل كان يريد أن يقول إن أدنى درجات التقدير المتوقعة من الدول والشعوب التي ندعمها هي إن لم يأت منكم خير، فعلى الأقل كفوا عنّا أذاكم وألسنتكم، أو بالعامية «فكونا من شركم».
لكن، هل نحن مقصرون فعلاً في الترويج لما نقوم به من دعم ؟ الإجابة نعم. وأقول إنه مع الأسف الشديد تم التفريط في حق الدولة المعنوي وحق الوطن من قبل بعض الجهات التي أخفقت أو توصلت لتقديرات غير موفقة بعدم أهمية الإعلان والترويج لكل دعم ومشروع تقوم به المملكة خارجياً. هناك جهات وصناديق تطلق المشاريع التنموية الواحد تلو الآخر في العالم العربي وفي دول أفريقيا وحول العالم، بعضها مشاريع تشق الجبال والمناطق الوعرة لتعبد الطرق، وتقيم المستشفيات والمدارس وتوفر الماء وتبني محطات الكهرباء وأبراج الاتصالات، لكن كل ذلك لا يحظى بأي تسويق أو ترويج.
المحزن أكثر هو أن تقدير عدم التسويق والترويج لهذه المشاريع لا يبدو أنه منهج أو توجه رسمي من الدولة، بل يبدو أنه توجه خاضع غالباً لمزاج الجهة وتقديرها وربما لتقدير فرد واحد أو عدة أفراد فيها، وهذا نتيجة لعدم استشعار أو وعي عميق بأهمية هذا الموضوع، وعلى هذا لك أن تتخيل حجم التفريط في استغلال كنز هائل من رصيد القوة الناعمة التي بقيت معطلة، وجزء من نتائجها هو تلك الجرأة البغيضة من بعض الشتّامين الذين غمزوا ولمزوا وهاجموا المملكة وشعبها ورموزها، وأنكروا فضلها ومعروفها عليهم، تماماً كما حدث من بعض الفسطينيين مؤخراً.
وختاماً، نحن لا نقول إننا نريد أن نعلن حتى نرضي الآخرين في الخارج عنا، لا ليس هذا المقصود، بل الهدف هو استثمار كل مصادر القوة الناعمة التي تؤتي ثماراً على المدى الطويل لمصالح المملكة خارجياً على المستوى الاقتصادي والسياسي وغيرها من المجالات. ونقطة مهمة أخيرة، تأثير الإعلان عن هذه المشاريع ليس محدودا أو مقتصراً على شعوب تلك الدول، بل تأثيره ممتد إلى دول وشعوب أخرى تحتفي بفكرة العمل الإنساني والعطاء والدعم، لذا نقول مشاريعنا ودعمنا وعطاؤنا هو كنز لا ينبغي التفريط فيه إطلاقاً.
* كاتب سعودي
alshakri@
أكاد أجزم أن الأمير سلطان -رحمه الله- عندما أشار إلى هذا الكلام، فإنه لم يكن يريد التأثير بالمعنى الذي تسعى إليه الدول، وبما توظفه من حيل بعضها لا أخلاقي وانتهازي، لإحداث التأثير والهيمنة في المجتمعات التي تستفيد من دعمها ومشاريعها، بل كان يريد أن يقول إن أدنى درجات التقدير المتوقعة من الدول والشعوب التي ندعمها هي إن لم يأت منكم خير، فعلى الأقل كفوا عنّا أذاكم وألسنتكم، أو بالعامية «فكونا من شركم».
لكن، هل نحن مقصرون فعلاً في الترويج لما نقوم به من دعم ؟ الإجابة نعم. وأقول إنه مع الأسف الشديد تم التفريط في حق الدولة المعنوي وحق الوطن من قبل بعض الجهات التي أخفقت أو توصلت لتقديرات غير موفقة بعدم أهمية الإعلان والترويج لكل دعم ومشروع تقوم به المملكة خارجياً. هناك جهات وصناديق تطلق المشاريع التنموية الواحد تلو الآخر في العالم العربي وفي دول أفريقيا وحول العالم، بعضها مشاريع تشق الجبال والمناطق الوعرة لتعبد الطرق، وتقيم المستشفيات والمدارس وتوفر الماء وتبني محطات الكهرباء وأبراج الاتصالات، لكن كل ذلك لا يحظى بأي تسويق أو ترويج.
المحزن أكثر هو أن تقدير عدم التسويق والترويج لهذه المشاريع لا يبدو أنه منهج أو توجه رسمي من الدولة، بل يبدو أنه توجه خاضع غالباً لمزاج الجهة وتقديرها وربما لتقدير فرد واحد أو عدة أفراد فيها، وهذا نتيجة لعدم استشعار أو وعي عميق بأهمية هذا الموضوع، وعلى هذا لك أن تتخيل حجم التفريط في استغلال كنز هائل من رصيد القوة الناعمة التي بقيت معطلة، وجزء من نتائجها هو تلك الجرأة البغيضة من بعض الشتّامين الذين غمزوا ولمزوا وهاجموا المملكة وشعبها ورموزها، وأنكروا فضلها ومعروفها عليهم، تماماً كما حدث من بعض الفسطينيين مؤخراً.
وختاماً، نحن لا نقول إننا نريد أن نعلن حتى نرضي الآخرين في الخارج عنا، لا ليس هذا المقصود، بل الهدف هو استثمار كل مصادر القوة الناعمة التي تؤتي ثماراً على المدى الطويل لمصالح المملكة خارجياً على المستوى الاقتصادي والسياسي وغيرها من المجالات. ونقطة مهمة أخيرة، تأثير الإعلان عن هذه المشاريع ليس محدودا أو مقتصراً على شعوب تلك الدول، بل تأثيره ممتد إلى دول وشعوب أخرى تحتفي بفكرة العمل الإنساني والعطاء والدعم، لذا نقول مشاريعنا ودعمنا وعطاؤنا هو كنز لا ينبغي التفريط فيه إطلاقاً.
* كاتب سعودي
alshakri@