مسلم ومسيحي ويهودي في حي واحد وكلهم عرب يسكنون بالكويت قبل تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م، المسلم يذهب لمسجده والمسيحي لكنيسته واليهودي يتوجه لمعبده كلهم عابدون رباً واحداً.
تعايش جميل وروح وفية وهمّ واحد وفرح واحد، هبّ الجميع لنداء جارهم عندما اشتعلت النيران ببيته واحتفل الجميع عندما تزوج الأحباب، بصرف النظر عن المكون الديني بينهم معيداً لنا مشهداً يجسد العربي النقي الإنسان الذي يترفع عن الفوارق الدينية والطائفية بلا أي تدخل من السياسة ولوثات الأيديولوجيا التي غيبتنا.
تظاهر الكل، المسلم واليهودي والمسيحي، مؤيدين لفلسطين ومنددين لقيام دولة إسرائيل! ساروا يداً بيد في طرقات الحي يهتفون ضد الصهاينة بمشهد واضح يؤكد موقفهم جميعاً ضد التطبيع والتواجد الصهيوني.
مشهد يؤكد بأن هذا المسلسل لا يسوق لأي اتجاه سوى السلام والتعايش بلا كراهية! إلا أن الأصوات تعالت وتواصل الهجوم والتخوين لأن المشهد هو ليس المعتاد! هو ليس المتفق عليه! كُفّرت الممثلة الكويتية حياة الفهد وخُون المخرج المصري محمد العدل وأُنتقد العمل!
هذا العمل الذي وصفوه بقاعدة لبروبوغاندا التطبيع مع النظام الإسرائيلي! بينما المسلسل أصبح «تريند» في خمس دول عربية بيوم واحد، ونجح نجاحاً كبيراً عند المشاهد الإنسان العربي الذي يرتكي على أريكته يتابع مسلسل «أم هارون» على تلفازه بلا مَن يملي على رأسه كيف يفكر.. وبلا اجترار لما تم حشوه من (فكر) متجذر بالرأس طوال سنوات من أيديولوجيا تكرس الكره والطائفية والعنصرية.
ما المشكلة بأن تكون هناك أعمال درامية تجسد التعايش الديني وتنبذ الكراهية؟ هل أقول لكم ما المشكلة الحقيقية؟ المشكلة سادتي أن الوجدان العربي اليوم مازال مثقلاً بهموم وحمل فُرض عليه هو لا ذنب له فيه.. هموم من حقب وصراعات سابقة كثير من الشباب اليوم يجهل تفاصيلها.. قومية وإسلاموية وسرورية وسرورية قطبية وقاعدية وداعشية وسلفية وسلفية جهادية وإخوان مسلمون وأشاعرة والماتريدية والمرجئة والمعتزلة والخوارج والشيعة والجهمية والصوفية والديوبندية والباطنية والنقطوية والذكرية والمهدوية والأكبرية والحرورية والقدرية والجبرية والزنادقة!
ما ذنبنا نحن اليوم باختلافاتكم وبكوارثكم؟
ما ذنب الشباب العربي بهذا الحمل؟ شعارات أساءت للبشرية والفكر والأديان نفسها وجنت على جيل كامل عبر الترويج لفكر مؤدلج بعيد كل البعد عن القيم الرفيعة والحرة، شعارات استثمرت القيم المتاحة للمزايدة والربح باستقطاب جماعات وللفرز بينها لأهداف تعرت اليوم وانكشفت أمام الكل.
أنا هنا لا أدافع عن الصهاينة ولا أبرر التواجد الإسرائيلي بيننا، ولمن سيرفع كرت النصوص الدينية بوجهي التي نعرف أن لها سياقات تاريخية معينة وسيسقطها على الواقع مطلقاً سيراني غير ذلك، ولكن الله وحده على ما أكتب شهيد.. أما علماء الدين فهذا وقت التعايش في زمن صعب مثقل بالتحديات، ليعيش المسلم بسلام من خلال بث قيم التعايش وإعادة تفسير الإشكالات في المتشابهات بالنص.
هرمنا يا أم هارون، وأنتِ أعدتِ لنا الزمن العربي الجميل النقي وأثرتِ فينا نوستالجيا الانسجام الذي كان يسود المجتمعات العربية.. والانسجام والتعايش لا يعني أبداً التفريط بالحقوق المسلوبة، ولا يعني الانسجام والتعايش مع القتلة والمجرمين سواء أكان يهودياً أو بوذياً.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@
تعايش جميل وروح وفية وهمّ واحد وفرح واحد، هبّ الجميع لنداء جارهم عندما اشتعلت النيران ببيته واحتفل الجميع عندما تزوج الأحباب، بصرف النظر عن المكون الديني بينهم معيداً لنا مشهداً يجسد العربي النقي الإنسان الذي يترفع عن الفوارق الدينية والطائفية بلا أي تدخل من السياسة ولوثات الأيديولوجيا التي غيبتنا.
تظاهر الكل، المسلم واليهودي والمسيحي، مؤيدين لفلسطين ومنددين لقيام دولة إسرائيل! ساروا يداً بيد في طرقات الحي يهتفون ضد الصهاينة بمشهد واضح يؤكد موقفهم جميعاً ضد التطبيع والتواجد الصهيوني.
مشهد يؤكد بأن هذا المسلسل لا يسوق لأي اتجاه سوى السلام والتعايش بلا كراهية! إلا أن الأصوات تعالت وتواصل الهجوم والتخوين لأن المشهد هو ليس المعتاد! هو ليس المتفق عليه! كُفّرت الممثلة الكويتية حياة الفهد وخُون المخرج المصري محمد العدل وأُنتقد العمل!
هذا العمل الذي وصفوه بقاعدة لبروبوغاندا التطبيع مع النظام الإسرائيلي! بينما المسلسل أصبح «تريند» في خمس دول عربية بيوم واحد، ونجح نجاحاً كبيراً عند المشاهد الإنسان العربي الذي يرتكي على أريكته يتابع مسلسل «أم هارون» على تلفازه بلا مَن يملي على رأسه كيف يفكر.. وبلا اجترار لما تم حشوه من (فكر) متجذر بالرأس طوال سنوات من أيديولوجيا تكرس الكره والطائفية والعنصرية.
ما المشكلة بأن تكون هناك أعمال درامية تجسد التعايش الديني وتنبذ الكراهية؟ هل أقول لكم ما المشكلة الحقيقية؟ المشكلة سادتي أن الوجدان العربي اليوم مازال مثقلاً بهموم وحمل فُرض عليه هو لا ذنب له فيه.. هموم من حقب وصراعات سابقة كثير من الشباب اليوم يجهل تفاصيلها.. قومية وإسلاموية وسرورية وسرورية قطبية وقاعدية وداعشية وسلفية وسلفية جهادية وإخوان مسلمون وأشاعرة والماتريدية والمرجئة والمعتزلة والخوارج والشيعة والجهمية والصوفية والديوبندية والباطنية والنقطوية والذكرية والمهدوية والأكبرية والحرورية والقدرية والجبرية والزنادقة!
ما ذنبنا نحن اليوم باختلافاتكم وبكوارثكم؟
ما ذنب الشباب العربي بهذا الحمل؟ شعارات أساءت للبشرية والفكر والأديان نفسها وجنت على جيل كامل عبر الترويج لفكر مؤدلج بعيد كل البعد عن القيم الرفيعة والحرة، شعارات استثمرت القيم المتاحة للمزايدة والربح باستقطاب جماعات وللفرز بينها لأهداف تعرت اليوم وانكشفت أمام الكل.
أنا هنا لا أدافع عن الصهاينة ولا أبرر التواجد الإسرائيلي بيننا، ولمن سيرفع كرت النصوص الدينية بوجهي التي نعرف أن لها سياقات تاريخية معينة وسيسقطها على الواقع مطلقاً سيراني غير ذلك، ولكن الله وحده على ما أكتب شهيد.. أما علماء الدين فهذا وقت التعايش في زمن صعب مثقل بالتحديات، ليعيش المسلم بسلام من خلال بث قيم التعايش وإعادة تفسير الإشكالات في المتشابهات بالنص.
هرمنا يا أم هارون، وأنتِ أعدتِ لنا الزمن العربي الجميل النقي وأثرتِ فينا نوستالجيا الانسجام الذي كان يسود المجتمعات العربية.. والانسجام والتعايش لا يعني أبداً التفريط بالحقوق المسلوبة، ولا يعني الانسجام والتعايش مع القتلة والمجرمين سواء أكان يهودياً أو بوذياً.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@