منذ، بداية العام، والعالم لم يعد العالمَ الذي عهدناه. حتى في أوقاتِ الحروبِ والكوارثِ الطبيعية، لم يُصب العالمُ بنازلةٍ شاملةٍ لامةٍ، كجائحةِ كرونا. الكوارثُ الطبيعيةُ دائماً محدودةٌ وفي مناطقَ معينةٍ. الحروبُ الكونيةُ، أيضاً: كانت معاركُها تدورُ في مناطقَ محدودةٍ، لم يصلْ سعيرُها للعالمِ، إلا بالقدرِ الذي تفرضُهُ ألسنةُ نيرانِها الاقتصاديةِ والسياسية.
أما في حالةِ جائحةِ كرونا، فإن العالمَ، بأسرِهِ، خضعَ لشروطِها في إدارتِها للأزمةِ، التي أوجدَتَها. لقد أجبرت الجائحةُ عجلةَ النموِ الاقتصادي العالمي، للتوقفِ القسريِّ.. أو على الأقل: التعليقَ المُكْلِف، لدرجةِ صعوبةِ عودةِ الحياةِ الاقتصاديةِ إلى سابقِ عهدِها.
اجتماعياً: فرضت الجائحةُ نمطاً غير تقليديٍ من العلاقاتِ بين البشر، أضرت بحميميتِها وتواصُلِها. حتى المساجد والكنائس ودورِ العبادةِ أُغلقت. بعضُ البلدانِ خبِرَت إجراءاتٍ أمنيةً غير معهودةٍ، لضبطِ سلوكِ الناسِ، لمواجهةِ احتمالاتِ العدوى بالوباء.
ما الذي حدث، ويحدث، بالضبط. إن تفسيرَ ما يحدث، لا تشرحه نماذجُ (Models) معرفةِ سلوكِ الڤايروس.. ولا الجدل حولَ منشئه، طبيعياً كان أم مُخَلّقاً اصطناعياً.. أو النقاشُ حولَ كيفيةِ انتقالِه وتفسيرِ سرعةِ انتشارِه، أو الكلامُ عن إمكانيةِ تَحَوّرِهِ وتعددِ سلالاته وصعوبةِ وطولِ أمدِ تطوير لقاحٍ وعلاجٍ له.
بغضِ النظرِ عن كلِ ذلك، رغم أهميته، إلا أنه ليس أكثر من حوارٍ يدور بـ«رطانةٍ» علميةٍ، لا يفهما الكثيرون.. ويتجاهل حقائقها الكثيرُ من الساسةِ. إن القضيةَ أعقدُ وأخطرُ وأشدُ استعصاءً للتفسيرِ والفهمِ، حصرياً، بالوسائلِ العلميةِ.. والمعادلاتِ الرياضيةِ.. والجداولِ الإحصائيةِ، وأدواتِ البحثِ والتحليل الكميةِ.
هناك متغيرٌ معياريٌ قِيَمِيٌ، غيبيٌ «ميتافيزيقي»، تاه عنه الكثيرون. الكثيرون نسوا، وهم في خضمِ تفسيرِ وتحليلِ ظاهرةَ كرونا، أن الكون لم يوجد صدفة.. وأن الحياة، ليست مجرد طفرات نتجت عن نشأةِ وانقسامِ وتطورِ الخلية.. وأن هناك قوة ربانية خالقة مدبرة قادرة وحكيمة تحافظُ على توازنِ الكون.. وترعى تنوعَ وتعددَ الحياةِ بالأرض. هذه القوةُ الجبارةُ القادرةُ الحكيمةُ لن تسمحَ ولن تتسامحَ، بإرادتِها القاهرةِ وعلمِها القديم، بأي عبثٍ بشريٍ يتدخل، بعلمٍ أو بجهلٍ، للإضرار بسنن الكون، التي لا مبدلَ لها، إلا خالقها، سبحانه.
لقد تجاوز الإنسانُ حدودَ إمكاناتِهِ وتعدى محاذيرَ قدراتِهِ.. وطالَ عبثُهُ بالطبيعةِ وسوءُ معاملَتِهِ، لكلِ أوجهِ الحياةِ الفطريةِ المتنوعةِ والمتوازنة، بقدرٍ وحكمةٍ إلهية. لقد بلغَ تجاوزُ الإنسانِ عدوانه لنفسِهِ، الإضرارَ بالسلامِ على الأرض، فأشاع الفسادَ والظلمَ والاستبداد.
ڤيروس كرونا إنما هو نازلةٌ إلهيةٌ، لا مُبْدِئ ولا كاشفَ ولا حَابِسَ لها إلا الله. إنها لعنةُ السماء لما أحدَثَه الإنسانُ، بغروره وظلمه لنفسه، من عبثٍ وطغيانٍ وفسادٍ في الأرض. إنها رسالةٌ ربانيةٌ بأن يرجعَ الإنسانُ لخالقِه، تائباً نائباً متضرعاً.. ويعترف، بتواضعٍ، بضآلةِ شأنِهِ، أمامَ خلقِ الله.. ويتدبر خلقَ الله من حولهِ، وأنه سبحانه لم يخلق الكونَ عبثاً ولا باطلاً، ليكف الإنسانُ عن مكابرتِهِ وغروره وطغيانِهِ وإلحادِهِ وفسادِهِ في البرِ والبحرِ.
* كاتب سعودي
talalbannan@icloud.com
أما في حالةِ جائحةِ كرونا، فإن العالمَ، بأسرِهِ، خضعَ لشروطِها في إدارتِها للأزمةِ، التي أوجدَتَها. لقد أجبرت الجائحةُ عجلةَ النموِ الاقتصادي العالمي، للتوقفِ القسريِّ.. أو على الأقل: التعليقَ المُكْلِف، لدرجةِ صعوبةِ عودةِ الحياةِ الاقتصاديةِ إلى سابقِ عهدِها.
اجتماعياً: فرضت الجائحةُ نمطاً غير تقليديٍ من العلاقاتِ بين البشر، أضرت بحميميتِها وتواصُلِها. حتى المساجد والكنائس ودورِ العبادةِ أُغلقت. بعضُ البلدانِ خبِرَت إجراءاتٍ أمنيةً غير معهودةٍ، لضبطِ سلوكِ الناسِ، لمواجهةِ احتمالاتِ العدوى بالوباء.
ما الذي حدث، ويحدث، بالضبط. إن تفسيرَ ما يحدث، لا تشرحه نماذجُ (Models) معرفةِ سلوكِ الڤايروس.. ولا الجدل حولَ منشئه، طبيعياً كان أم مُخَلّقاً اصطناعياً.. أو النقاشُ حولَ كيفيةِ انتقالِه وتفسيرِ سرعةِ انتشارِه، أو الكلامُ عن إمكانيةِ تَحَوّرِهِ وتعددِ سلالاته وصعوبةِ وطولِ أمدِ تطوير لقاحٍ وعلاجٍ له.
بغضِ النظرِ عن كلِ ذلك، رغم أهميته، إلا أنه ليس أكثر من حوارٍ يدور بـ«رطانةٍ» علميةٍ، لا يفهما الكثيرون.. ويتجاهل حقائقها الكثيرُ من الساسةِ. إن القضيةَ أعقدُ وأخطرُ وأشدُ استعصاءً للتفسيرِ والفهمِ، حصرياً، بالوسائلِ العلميةِ.. والمعادلاتِ الرياضيةِ.. والجداولِ الإحصائيةِ، وأدواتِ البحثِ والتحليل الكميةِ.
هناك متغيرٌ معياريٌ قِيَمِيٌ، غيبيٌ «ميتافيزيقي»، تاه عنه الكثيرون. الكثيرون نسوا، وهم في خضمِ تفسيرِ وتحليلِ ظاهرةَ كرونا، أن الكون لم يوجد صدفة.. وأن الحياة، ليست مجرد طفرات نتجت عن نشأةِ وانقسامِ وتطورِ الخلية.. وأن هناك قوة ربانية خالقة مدبرة قادرة وحكيمة تحافظُ على توازنِ الكون.. وترعى تنوعَ وتعددَ الحياةِ بالأرض. هذه القوةُ الجبارةُ القادرةُ الحكيمةُ لن تسمحَ ولن تتسامحَ، بإرادتِها القاهرةِ وعلمِها القديم، بأي عبثٍ بشريٍ يتدخل، بعلمٍ أو بجهلٍ، للإضرار بسنن الكون، التي لا مبدلَ لها، إلا خالقها، سبحانه.
لقد تجاوز الإنسانُ حدودَ إمكاناتِهِ وتعدى محاذيرَ قدراتِهِ.. وطالَ عبثُهُ بالطبيعةِ وسوءُ معاملَتِهِ، لكلِ أوجهِ الحياةِ الفطريةِ المتنوعةِ والمتوازنة، بقدرٍ وحكمةٍ إلهية. لقد بلغَ تجاوزُ الإنسانِ عدوانه لنفسِهِ، الإضرارَ بالسلامِ على الأرض، فأشاع الفسادَ والظلمَ والاستبداد.
ڤيروس كرونا إنما هو نازلةٌ إلهيةٌ، لا مُبْدِئ ولا كاشفَ ولا حَابِسَ لها إلا الله. إنها لعنةُ السماء لما أحدَثَه الإنسانُ، بغروره وظلمه لنفسه، من عبثٍ وطغيانٍ وفسادٍ في الأرض. إنها رسالةٌ ربانيةٌ بأن يرجعَ الإنسانُ لخالقِه، تائباً نائباً متضرعاً.. ويعترف، بتواضعٍ، بضآلةِ شأنِهِ، أمامَ خلقِ الله.. ويتدبر خلقَ الله من حولهِ، وأنه سبحانه لم يخلق الكونَ عبثاً ولا باطلاً، ليكف الإنسانُ عن مكابرتِهِ وغروره وطغيانِهِ وإلحادِهِ وفسادِهِ في البرِ والبحرِ.
* كاتب سعودي
talalbannan@icloud.com