تتكشف إستراتيجية القيادة السعودية في إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة يومًا بعد الآخر، في ظل اندفاعات غير محسوبة لدول إقليمية تسعى لإقحام المنطقة في تجاذبات أمنية وسياسية ممزقة، وهو ما التفت إليه صانع القرار في السعودية وتجاوزه حد التجاهل نحو بذل مزيد من الجهود لصياغة واقع جديد يتوافق والرؤية السعودية في بناء (مشروع مارشال) عربي - مع الفارق - على غرار المشروع الذي أطلقه وزير الخارجية الأميركي جورج مارشال في (يونيو) 1947، والذي بفضله استطاعت كامل أوروبا النهوض وبناء اقتصاد قوي لدولها، بعد إنهاكه في الحرب العالمية الثانية.
المشروع السعودي يتجاوز في جغرافيته الداخل السعودي نحو عالم يضم قائمة من الدول القريبة والبعيدة على حد سواء، يصب في الأخير نحو رؤية ولي العهد القائد الأمير محمد بن سلمان، الذي عبر عنها في كلمة لسموه خلال مشاركته في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض منتصف (أكتوبر) 2019، قال فيها «إن الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة.. أريد أن أرى الشرق الأوسط في مقدمة العالم»، وهي عبارة تبرز تعاطي القيادة السعودية مع ملف من أهم وأخطر الملفات في المنطقة، وهو ملف التنمية والبناء وصناعة عالم لأجيال قادمة خال من التطرف والإرهاب وتوظيف الدين بغرض تحقيق طموحات حمقاء لبعض أنصار الإسلام السياسي وعرابيهم في المنطقة.
ربما السودان من أكثر الدول دفعًا لفاتورة أخطاء الإسلام السياسي في منطقتنا، منذ أن تسلل إليهم من مصر عبر تنظيم الإخوان المسلمين، والذي ما لبث أن عشش وتغول وسيطر على أركان الشارع السوداني قبل أن ينقض على الحكم في انقلاب قاده البشير في 1989، ومنذ ذلك الحين والسودان يُستنزف في ثرواته ونخبه ومفكريه بل وحتى في هويته التي باتت ممزقة بين الانتماء للتنظيم أم للوطن، حتى استعاد الشعب السوداني سيادته مجددًا وأصبح على مسار متوقع منه وله انطلاقة حقيقية تليق به وبأبنائه.
ما يقارب ربع قرن والسودان يستنزف في ثرواته ومقدراته، خاصة في ظل حركات إسلاموية داخلية اعتادت الاقتيات على أزماته، من أبرزها الحركة الإخوانية أو ما تسمى بـ(الجبهة الإسلامية القومية) والتي يتبدى في تاريخها مدى استغلالها للفراغ الذي خلفه نظام (مايو) 1972 وما تسبب فيه من نتائج لفشل مشروعه الديموقراطي، وحتى ثورة الشعب الأخيرة على إفرازات هذه الجبهة، فطوال هذه المدة والسودان يعاني من وضع اسمه على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو قرار عملياتيًا لا يمكن بحال من الأحوال أن يحقق السودان - في ظل وجوده على هذه القائمة - أي تقدم في صناعة مستقبل يليق بأبنائه، بعيدًا عن جهود الحكومة السودانية أو رؤيتها في البناء والتنمية وحقها المشروع في الانطلاق بوطنها كما تريده أن يكون.
لقد خسر السودان طوال ربع قرن نحو 350 مليار دولار نتيجة مغامرات وأهداف حزبية ضيقة، ورهانات كانت دائمًا خاسرة أمام تغليب قياداته للتنظيم أو للحزب على حساب الوطن، من هنا تتبدى الأهمية الاستراتيجية لاتصال رئيس مجلس السيادة في السودان الرئيس الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما تضمنتها من تأكيدات لسموه بأن «المملكة ستواصل مساعيها لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وحرص المملكة على أمن واستقرار السودان لتحقيق تطلعات شعبه»، وهو ما أكد عليه في المقابل الفريق البرهان باعتزاز بلاده بـ«مواقف المملكة تجاه السودان وحرصها على أمنه واستقراره»، ما يشير إلى صواب البوصلة السودانية وعودتها إلى مكانها الطبيعي كدولة عربية كبرى وعضو فاعل ومؤثر في تنمية المنطقة وليس هدمها أو التآمر عليها لأهداف لا تمت للوطنية السودانية بأي صلة.
كاتب صحفي مصري
المشروع السعودي يتجاوز في جغرافيته الداخل السعودي نحو عالم يضم قائمة من الدول القريبة والبعيدة على حد سواء، يصب في الأخير نحو رؤية ولي العهد القائد الأمير محمد بن سلمان، الذي عبر عنها في كلمة لسموه خلال مشاركته في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض منتصف (أكتوبر) 2019، قال فيها «إن الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة.. أريد أن أرى الشرق الأوسط في مقدمة العالم»، وهي عبارة تبرز تعاطي القيادة السعودية مع ملف من أهم وأخطر الملفات في المنطقة، وهو ملف التنمية والبناء وصناعة عالم لأجيال قادمة خال من التطرف والإرهاب وتوظيف الدين بغرض تحقيق طموحات حمقاء لبعض أنصار الإسلام السياسي وعرابيهم في المنطقة.
ربما السودان من أكثر الدول دفعًا لفاتورة أخطاء الإسلام السياسي في منطقتنا، منذ أن تسلل إليهم من مصر عبر تنظيم الإخوان المسلمين، والذي ما لبث أن عشش وتغول وسيطر على أركان الشارع السوداني قبل أن ينقض على الحكم في انقلاب قاده البشير في 1989، ومنذ ذلك الحين والسودان يُستنزف في ثرواته ونخبه ومفكريه بل وحتى في هويته التي باتت ممزقة بين الانتماء للتنظيم أم للوطن، حتى استعاد الشعب السوداني سيادته مجددًا وأصبح على مسار متوقع منه وله انطلاقة حقيقية تليق به وبأبنائه.
ما يقارب ربع قرن والسودان يستنزف في ثرواته ومقدراته، خاصة في ظل حركات إسلاموية داخلية اعتادت الاقتيات على أزماته، من أبرزها الحركة الإخوانية أو ما تسمى بـ(الجبهة الإسلامية القومية) والتي يتبدى في تاريخها مدى استغلالها للفراغ الذي خلفه نظام (مايو) 1972 وما تسبب فيه من نتائج لفشل مشروعه الديموقراطي، وحتى ثورة الشعب الأخيرة على إفرازات هذه الجبهة، فطوال هذه المدة والسودان يعاني من وضع اسمه على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو قرار عملياتيًا لا يمكن بحال من الأحوال أن يحقق السودان - في ظل وجوده على هذه القائمة - أي تقدم في صناعة مستقبل يليق بأبنائه، بعيدًا عن جهود الحكومة السودانية أو رؤيتها في البناء والتنمية وحقها المشروع في الانطلاق بوطنها كما تريده أن يكون.
لقد خسر السودان طوال ربع قرن نحو 350 مليار دولار نتيجة مغامرات وأهداف حزبية ضيقة، ورهانات كانت دائمًا خاسرة أمام تغليب قياداته للتنظيم أو للحزب على حساب الوطن، من هنا تتبدى الأهمية الاستراتيجية لاتصال رئيس مجلس السيادة في السودان الرئيس الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما تضمنتها من تأكيدات لسموه بأن «المملكة ستواصل مساعيها لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وحرص المملكة على أمن واستقرار السودان لتحقيق تطلعات شعبه»، وهو ما أكد عليه في المقابل الفريق البرهان باعتزاز بلاده بـ«مواقف المملكة تجاه السودان وحرصها على أمنه واستقراره»، ما يشير إلى صواب البوصلة السودانية وعودتها إلى مكانها الطبيعي كدولة عربية كبرى وعضو فاعل ومؤثر في تنمية المنطقة وليس هدمها أو التآمر عليها لأهداف لا تمت للوطنية السودانية بأي صلة.
كاتب صحفي مصري