تحولت نظارة الطفل اليمني محمد المحكوم بالعذاب في أحد مخيمات النازحين داخل وطنه إلى حكاية في مواقع التواصل، وانتقلت صورته من محافظة مأرب إلى الفضاء الكوني، بابتسامته البريئة التي تختبئ خلفها أحزان وجودية تلعن الحروب ومشعليها وباروناتها. القصة بسيطة فقد صنع محمد لنفسه نظارة من أسلاك معدنية ليلتقط المشهد مصور نبيل قام بنشرها على صفحته في فيسبوك وعرضها في مزاد بسيط علّه يؤمن كسوة العيد لذلك الطفل، فانهالت التبرعات وانتهى المزاد بشراء النظارة المعدنية بمبلغ 2.5 مليون ريال يمني، أي قرابة 5 آلاف دولار، وذلك ما سيكفي كسوة العيد لحوالى 200 من أطفال المخيم.
الطفل محمد الذي وضع على عينيه نظارة الأسلاك المعدنية لا يسمح له سنه الآن بمعرفة الأشخاص الذين يلبسون نظارات كارتييه ذات الإطارات المذهبة ويديرون لعبة الحرب من بني وطنه اليمن والتي انتهكت طفولته وسحقت أحلامه وحولته من طفل يحمل حقيبة المدرسة كل صباح إلى يتيم مشرد في ملجأ تخيم عليه غربان الموت.
الطفل البريء محمد الذي ينتظر وجباته المعلبة الباردة من وكالات الإغاثة لا يمكن له الآن معرفة الذين يتحدثون باسمه عن الطفولة المشردة ويتباكون عليها وهم يتناولون أفخر الأطعمة في البوفيهات المفتوحة، ولا تمثل قيمة نظارته في المزاد سوى أقل مبلغ يدفعه واحد منهم قيمة لعبة لأحد أطفاله.
محمد الذي سيقضي العيد مع مئات من رفاقه في المخيم على دوي الرصاص وانفجارات القنابل لن يدرك أن أطفال الفرقاء من بارونات الحرب سوف يستيقظون صباح العيد وبجانبهم أفخر الملابس والحلوى والألعاب بثمن مستقبله ودم أبيه وأمه الذين حصدتهم حرب عبثية لا يريد المستفيدون منها أن تتوقف حتى لو راح ضحيتها مليون محمد.
إنها لعنة الحروب يا بني، التي تغيب فيها الأخلاق والقيم الإنسانية، وتحضر المصالح القذرة. إنها الحروب التي وقودها براءتك ومستقبلك وكل شيء في وطنك، ولن تستطيع رؤية حقيقتها حتى لو ألبسوك ألف نظارة حقيقية غير نظارتك المعدنية.
كاتب سعودي
habutalib@hotmail.com
الطفل محمد الذي وضع على عينيه نظارة الأسلاك المعدنية لا يسمح له سنه الآن بمعرفة الأشخاص الذين يلبسون نظارات كارتييه ذات الإطارات المذهبة ويديرون لعبة الحرب من بني وطنه اليمن والتي انتهكت طفولته وسحقت أحلامه وحولته من طفل يحمل حقيبة المدرسة كل صباح إلى يتيم مشرد في ملجأ تخيم عليه غربان الموت.
الطفل البريء محمد الذي ينتظر وجباته المعلبة الباردة من وكالات الإغاثة لا يمكن له الآن معرفة الذين يتحدثون باسمه عن الطفولة المشردة ويتباكون عليها وهم يتناولون أفخر الأطعمة في البوفيهات المفتوحة، ولا تمثل قيمة نظارته في المزاد سوى أقل مبلغ يدفعه واحد منهم قيمة لعبة لأحد أطفاله.
محمد الذي سيقضي العيد مع مئات من رفاقه في المخيم على دوي الرصاص وانفجارات القنابل لن يدرك أن أطفال الفرقاء من بارونات الحرب سوف يستيقظون صباح العيد وبجانبهم أفخر الملابس والحلوى والألعاب بثمن مستقبله ودم أبيه وأمه الذين حصدتهم حرب عبثية لا يريد المستفيدون منها أن تتوقف حتى لو راح ضحيتها مليون محمد.
إنها لعنة الحروب يا بني، التي تغيب فيها الأخلاق والقيم الإنسانية، وتحضر المصالح القذرة. إنها الحروب التي وقودها براءتك ومستقبلك وكل شيء في وطنك، ولن تستطيع رؤية حقيقتها حتى لو ألبسوك ألف نظارة حقيقية غير نظارتك المعدنية.
كاتب سعودي
habutalib@hotmail.com