تعرف «الأيديولوجية» (Ideology) بأنها: اعتقادات معينة، ترمى لدفع الناس لعمل أشياء معينة. وهى الإطار النظري الذي ينظر الفرد عبره للعالم. إنها ظاهرة ثقافية – سياسية بدأت تتبلور منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م. والصفة لها هي «أيديولوجي»، والموصوف هو «المؤدلج». فـ«المؤدلج»، سواء كان فردا أو جماعة، ينظر للعالم من حوله عبر نافذة فكرية – عقائدية معينة، أو يمكن تعيينها. إنها مبادئ معينة، يعمل لتطبيقها في الواقع الفعلي. وإن أخذنا بهذا التعريف، نجد أن غالبية البشر مؤدلجون. ولكن لفظ مؤدلج يستخدم الآن لوصف الشخص الذي لا يكتفي باعتناق مبادئ معينة وحسب، بل ويسعى لتطبيقها، أو المشاركة في تطبيقها، في واقع معين. ومصدر الأيديولوجية، بالطبع، هو الفلسفة، بأنواعها.
ولا عيب في الأدلجة، طالما لم تظلم آخرين. أما إن كانت تتسبب في ظلم آخرين، دون وجه حق، فيصبح من حق الآخرين رفضها ومقاومتها، بل وتبنى ما يناقضها من مبادئ. هذا، وتقسم الأيديولوجيات إلى أقسام شتى، بناء على معايير مختلفة. ولكن أهم تصنيفاتها هو التصنيف القائم على معيار: مدى دعوة الأيديولوجية لـ «تغيير» واقع حياتي معين.
****
وكثيرا ما يصنف سلوك البشر، تبسيطا، على خط مستقيم... قسم إلى ثلاثة أقسام متساوية... بحيث يشغل كل قسم ثلث مساحة الخط المستقيم. ويشار إلى الثلث الأول منه الذي على يمين الناظر إلى الخط بـ«اليمين»، والثلث الأوسط بـ «الوسط»، بينما الثلث الأخير الواقع على يسار الناظر إلى الخط بـ «اليسار». وعندما نحاول «تصنيف» سلوك وميول وعقائد وأيديولوجيات أفراد أو مجموعات معينة من الناس (تقريبيا) على مستقيم تقسيم التوجهات الفكرية الثلاثي الأبعاد هذا، نضع كل شخص في الثلث الموافق لفكره ولسلوكه، بناء على مدى محافظته، أو رغبته في «التغيير». كما يمكن تقسيم من هم في الثلث نفسه، ويعتنقون نفس التوجه، إلى يمين ووسط ويسار. ونحاول في هذا المقال، والذي يليه، تسليط بعض الضوء على مسألة الأدلـــجــــــة، وعلى هذا التصنيف، وأبرز خصائص المصنفين على أساسه.
****
أخذت هذه الألفاظ وما تفرع منها (كـ «يمين اليمين المتطرف».... إلخ) تستعمل في وصف (وتقسيم) العقائد والتوجهات السياسية والفكرية المختلفة للأفراد والجماعات المختلفة. فيقال - مثلا - إن هذه الأيديولوجية «يسارية».... إن كان أنصارها ينادون بإحداث تغيير جذري في الوضع المعني القائم. ويقال إن ذاك الشخص يساريا، إن كان يدعو للتغييرات الجذرية. وتوصف الأيديولوجية بأنها «يمينية» إذا كانت محافظة.... وكان من يعتنقها محافظا، داعيا للحفاظ على ما هو كائن. بينما توصف الأيديولوجيات ذات الأهداف المعتدلة بأنها «وسط». مع وجود تفرعات مشابهة لكل توجه رئيس. فإن اعتبرنا الاشتراكية (الشمولية) المتطرفة، مثلا، تقع في اليسار، و«الليبرالية» (التحررية) في الوسط، و«اليمين» التقليدي (المحافظ) في اليمين، بالإمكان القول أيضا: إن في كل «اتجاه» توجهات متفرعة عنه، ومنبثقة منه، إفراطا أو تفريطا، تشددا أو مرونة.
وهذا التقسيم لا يقتصر على السياسة، وحسب، بل يمكن انطباقه في بقية مجالات الحياة العامة الأخرى، وخاصة المجالات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية... بما في المجال الاجتماعي من تفرعات دينية وفكرية وثقافية. ولا تخلو أي بلد، في عالم اليوم، من متحمسين لهذا الاتجاه أو ذاك، ومن تواجد عشرات «التوجهات» السياسية المعلنة وغير المعلنة المختلفة، التي يمكن إدراجها وتصنيفها ضمن هذه التقسيمات. وفي كل من الدول الديموقراطية تتجسد هذه «التوجهات» في أطر حزبية (أحزاب سياسية) ومؤسساتية سياسية متنوعة، ومتنافسة على تأييد شعبها، أو جزء منه.
****
ودائما ما يكون لكل شخص مثقف طبيعي على وجه البسيطة توجه عقائدي معين، أو أيديولوجية معينة، أو يمكن تعيينها، غالبا ما ينظر إلى العالم من حوله، عبرها. وغالبا ما يعتمد ما هو حق وما هو باطل لديه، استنادا عليها. حتى توجه اللادين واللانتماء يعتبر هو الآخر أيديولوجية، وإن أنكر من يعتنقه أنه كذلك. وذلك يوضح أن كل الناس -تقريبا- ينطلقون في فكرهم وسلوكهم من أيديولوجيات معينة، أو يمكن تعيينها. وأن من «يعيب» أيديولوجية آخر، قد يعرض نفسه لذات التهجم. فهناك من يسخر من التوجهات الطبيعية المختلفة، بإضافة حرف «ج» للموصوف، فيوصم هذا -تعييرا- بأنه «قومجي»، والآخر بأنه «وطنجي»... إلخ، متناسيا هذه الحقائق الإنسانية البديهية.
وهذا يذكرنا بأفكار الكاتب والفيلسوف الإنجليزي «كولن ويلسون»، وفكرته الرئيسة في كتابه الشهير «اللامنتمي» الصادر عام 1956م، والمترجم إلى معظم اللغات. ويمكننا، على أي حال، اعتبار المؤدلجين، وهم غالبية البشر، «منتمين»، واعتبار الرافضين لكـــــــل الأيـــديــــــولوجيات «لا منتمين»، بحق، كما سنوضح في المقال القادم.
كاتب سعودي
ولا عيب في الأدلجة، طالما لم تظلم آخرين. أما إن كانت تتسبب في ظلم آخرين، دون وجه حق، فيصبح من حق الآخرين رفضها ومقاومتها، بل وتبنى ما يناقضها من مبادئ. هذا، وتقسم الأيديولوجيات إلى أقسام شتى، بناء على معايير مختلفة. ولكن أهم تصنيفاتها هو التصنيف القائم على معيار: مدى دعوة الأيديولوجية لـ «تغيير» واقع حياتي معين.
****
وكثيرا ما يصنف سلوك البشر، تبسيطا، على خط مستقيم... قسم إلى ثلاثة أقسام متساوية... بحيث يشغل كل قسم ثلث مساحة الخط المستقيم. ويشار إلى الثلث الأول منه الذي على يمين الناظر إلى الخط بـ«اليمين»، والثلث الأوسط بـ «الوسط»، بينما الثلث الأخير الواقع على يسار الناظر إلى الخط بـ «اليسار». وعندما نحاول «تصنيف» سلوك وميول وعقائد وأيديولوجيات أفراد أو مجموعات معينة من الناس (تقريبيا) على مستقيم تقسيم التوجهات الفكرية الثلاثي الأبعاد هذا، نضع كل شخص في الثلث الموافق لفكره ولسلوكه، بناء على مدى محافظته، أو رغبته في «التغيير». كما يمكن تقسيم من هم في الثلث نفسه، ويعتنقون نفس التوجه، إلى يمين ووسط ويسار. ونحاول في هذا المقال، والذي يليه، تسليط بعض الضوء على مسألة الأدلـــجــــــة، وعلى هذا التصنيف، وأبرز خصائص المصنفين على أساسه.
****
أخذت هذه الألفاظ وما تفرع منها (كـ «يمين اليمين المتطرف».... إلخ) تستعمل في وصف (وتقسيم) العقائد والتوجهات السياسية والفكرية المختلفة للأفراد والجماعات المختلفة. فيقال - مثلا - إن هذه الأيديولوجية «يسارية».... إن كان أنصارها ينادون بإحداث تغيير جذري في الوضع المعني القائم. ويقال إن ذاك الشخص يساريا، إن كان يدعو للتغييرات الجذرية. وتوصف الأيديولوجية بأنها «يمينية» إذا كانت محافظة.... وكان من يعتنقها محافظا، داعيا للحفاظ على ما هو كائن. بينما توصف الأيديولوجيات ذات الأهداف المعتدلة بأنها «وسط». مع وجود تفرعات مشابهة لكل توجه رئيس. فإن اعتبرنا الاشتراكية (الشمولية) المتطرفة، مثلا، تقع في اليسار، و«الليبرالية» (التحررية) في الوسط، و«اليمين» التقليدي (المحافظ) في اليمين، بالإمكان القول أيضا: إن في كل «اتجاه» توجهات متفرعة عنه، ومنبثقة منه، إفراطا أو تفريطا، تشددا أو مرونة.
وهذا التقسيم لا يقتصر على السياسة، وحسب، بل يمكن انطباقه في بقية مجالات الحياة العامة الأخرى، وخاصة المجالات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية... بما في المجال الاجتماعي من تفرعات دينية وفكرية وثقافية. ولا تخلو أي بلد، في عالم اليوم، من متحمسين لهذا الاتجاه أو ذاك، ومن تواجد عشرات «التوجهات» السياسية المعلنة وغير المعلنة المختلفة، التي يمكن إدراجها وتصنيفها ضمن هذه التقسيمات. وفي كل من الدول الديموقراطية تتجسد هذه «التوجهات» في أطر حزبية (أحزاب سياسية) ومؤسساتية سياسية متنوعة، ومتنافسة على تأييد شعبها، أو جزء منه.
****
ودائما ما يكون لكل شخص مثقف طبيعي على وجه البسيطة توجه عقائدي معين، أو أيديولوجية معينة، أو يمكن تعيينها، غالبا ما ينظر إلى العالم من حوله، عبرها. وغالبا ما يعتمد ما هو حق وما هو باطل لديه، استنادا عليها. حتى توجه اللادين واللانتماء يعتبر هو الآخر أيديولوجية، وإن أنكر من يعتنقه أنه كذلك. وذلك يوضح أن كل الناس -تقريبا- ينطلقون في فكرهم وسلوكهم من أيديولوجيات معينة، أو يمكن تعيينها. وأن من «يعيب» أيديولوجية آخر، قد يعرض نفسه لذات التهجم. فهناك من يسخر من التوجهات الطبيعية المختلفة، بإضافة حرف «ج» للموصوف، فيوصم هذا -تعييرا- بأنه «قومجي»، والآخر بأنه «وطنجي»... إلخ، متناسيا هذه الحقائق الإنسانية البديهية.
وهذا يذكرنا بأفكار الكاتب والفيلسوف الإنجليزي «كولن ويلسون»، وفكرته الرئيسة في كتابه الشهير «اللامنتمي» الصادر عام 1956م، والمترجم إلى معظم اللغات. ويمكننا، على أي حال، اعتبار المؤدلجين، وهم غالبية البشر، «منتمين»، واعتبار الرافضين لكـــــــل الأيـــديــــــولوجيات «لا منتمين»، بحق، كما سنوضح في المقال القادم.
كاتب سعودي