-A +A
جواهر حمد اليوسف
تخيل يوما أن تأتي المدرسة إلى بيتك وتقدم الحصص والدروس من خلال معلم آلي؟

تخيل لو أن العلوم والرياضيات جميعها ضُغطت داخل شريحة ذكية وزرعت داخل دماغك أو وضعت هذه الشريحة الذكية داخل كبسولة فتبتلعها ثم يكون بمقدورك حل المسائل الرياضية السبع المستعصية أو تتوصل لنظرية قيم الثوابت الفيزيائية. كل هذه الخيالات ربما تكون وشيكة في المستقبل بسبب التطور السريع في التقنية.


إن التقنية حتماً ستغير ملامح التعليم، فالعلماء يتنبأون بغياب التعليم التقليدي المكون من معلم ومبنى مدرسة يذهب إليه الطلاب، ستكون المدرسة داخل الأجهزة المحمولة والمعلم قد يستبدل بالآلة الذكية. والتعليم الإلكتروني واقع قادم لا محالة وليس مؤقتاً بسبب أزمة كورونا.

في المستقبل سيكون التعليم لا يتمركز على المعلم إطلاقاً ولن يكون هو محور المعلومة بل الطالب هو من يمتلك المعلومة، ويمتلك الوسيلة إلى المعلومة والمصادر المفتوحة، فهو يمتلك التقنية فلديه الهاتف الذكي والكمبيوتر المحمول ونظارة الواقع الافتراضي كذلك. سيكون الطالب هو الباحث وهو السائل وهو المجيب وهو من يحدد طريقة التعلم المناسبة له، ودور المعلم سيكون مفاوضاً وداعماً ليس أكثر. سيتعلم الطالب من خلال النماذج الثلاثية الأبعاد، سيستخدم الواقع الافتراضي Virtual Reality والواقع المعزز Augmented Reality وأيضا العالم الافتراضي المعزز Augmented Virtuality لن يكون هناك كتب ولا أوراق فكل شيء ربما سيكون داخل نظارات الواقع الافتراضي.

لم يعد هاجس العلماء في تطوير نظارات الواقع الافتراضي واستخدامها في التعليم، بل امتد الشغف إلى تطوير عدسة لاصقة تستطيع من خلالها استعراض كم هائل من المعلومات. هذه العدسة تعمل بالضوء وحرارة الجسم وعلى شبكة الـ5G بالرغم من خطورة الموجات الكهرومغناطيسية على العين البشرية! كما ستكون الألعاب الإلكترونية سبيلا للتعلم واكتساب المعرفة والمهارات الاجتماعية، فلن يكون زميلك بالصف هو ابن جاركم بل سيكون من قارة مختلفة بلغة غير لغتك. هذا التغيير القادم يشكل تحديا لخبراء التعليم، فنقل المعلومة من خلال التقنية أمر سهل ولكن نقل المهارة والحفاظ على الثقافة وتشكيل الأيديولوجيات هو التحدي الأكبر في هذا المستقبل المشرع الأبواب.. لذا هذا التغير القادم لا بد أن يستهل بدراسات مستفيضة واستكشاف لأساليب التعلم والتعليم التي تتلاءم مع التقنيات القادمة وتوقعات الطلاب وتوجهات المجتمع.

لا شك أن الطلاب مستقبلاً أكثر حظاً في التعليم الممزوج بالمتعة ولكنهم حتما لن يعرفوا ماذا يعني أن تكون عريفاً للصف، وماذا يعني أن تكون الطالب الذي يختاره المعلم لتوزيع أوراق الاختبار أو جمع الدفاتر، وماذا يعني أن تنشد في الإذاعة المدرسية، ولن يعرفوا لماذا كان يضع المعلم نجمة على جبين الطالب المتفوق فيمشى طوال يومه مزهواً بنجمته اللامعة. لن ينتظموا في طوابير صباحية: تلك الركيزة الأساسية لتعلم الانتظام والاتحاد ضمن مجموعة. سينظرون إلى الطباشير فلن يعرفوها وسيعتقدون أن المسطرة وسيلة قديمة للقياس فقط وسيظنون أن قلم الحبر الأحمر هو مجرد قلم بلون زاه.. ولن يكون صوت الجرس ظهراً هو صوت الفرج.

كاتبة سعودية

Jwaher_alyousef@