-A +A
رامي الخليفة العلي
وضعت الولايات المتحدة الأمريكية قانون قيصر موضع التنفيذ، والذي يتضمن عقوبات موجهة ضد النظام السوري ورموزه ولكن الأهم هو منع التحويلات المالية، مما يعني حصاراً مطبقاً على التبادلات التجارية والمالية. مما أدى مباشرة إلى انهيار الليرة السورية إلى أدنى مستوى لها منذ استقلال الدولة السورية، وحتى كتابة هذه السطور بلغ الدولار 3500 ليرة سورية. الأمر لم يتوقف على النظام السوري بل تجاوزه إلى الجانب اللبناني الذي بقي الرئة التي يتنفس منها النظام على امتداد سنوات الثورة السورية، فعاقبت الولايات المتحدة المصارف التي تتعامل مع النظام، مما أدى إلى أزمة اقتصادية طاحنة وتطورات سياسية أدت في نهاية المطاف إلى سيطرة «حزب الله» على خيوط اللعبة السياسية كاملة، وبدت الميليشيات الإرهابية عاجزة عن نجدة الاقتصاد، ولا تزال تعاني جراء ذلك مما أدى إلى مظاهرات جديدة اجتاحت بلاد الأرز.

لمن لا يعرف خلفيات ملف قيصر، فهو كناية عن قيام أحد عناصر التوثيق الجنائي التابعين للنظام السوري بالانشقاق وتسريب وثائق تتضمن صوراً وأفلاماً لأحد عشر ألفاً من القتلى الذين قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري. ومنذ تسرب تلك الصور والوثائق كانت هناك رغبة في إدانة النظام السوري سواء من قبل المعارضة السورية أو الدول المتعاطفة معها. بدت الطرق مسدودة أمام كل المحاولات سواء في محكمة العدل الدولية أو محكمة روما أو حتى عبر مجلس الأمن، لأن النظام كان يخضع لحماية الجانب الروسي وحتى الصيني في بعض الأحيان، ثم بدأ التحرك على مستوى الدول ورفعت عدد من القضايا، ولكن الخطوة الأهم كان التحرك من خلال الكونغرس الأمريكي، حتى وصلنا إلى إقرار قانون في الولايات المتحدة يفرض عقوبات على النظام السوري، وسمي باللقب الذي أطلق على الشخص الذي سرب تلك المعلومات.


لابد من إقرار العدالة في سوريا وقد يكون قانون قيصر خطوة في هذا الاتجاه ولكن السؤال: هل هذا القانون خطوة في إطار خطة أشمل تتضمن تغييراً في سوريا لطالما تاق إليه السوريون، أم مجرد تحركات خجولة لممارسة مزيد من الضغوط لدفع نظام الأسد إلى تقديم تنازلات تهم الولايات المتحدة وليس بالضرورة الثورة السورية. ويبدو الاحتمال الثاني هو الأكثر ترجيحاً إذا ما أخذنا تصريحات السيد جيمس جيفري مبعوث الولايات المتحدة الخاص بالملف السوري، والذي قال إن العقوبات تهدف إلى تغيير سلوك النظام وليس تغيير النظام. النظام اعتاد على العقوبات والبديل لا يستطيع النظام تطبيقه ونقصد فك الارتباط مع إيران وإخراج الميليشيات الإيرانية وإقامة عملية سياسية جادة وكل هذا لن يتحقق. إذن نحن أمام خطوة أمريكية لن تجد لها آذاناً صاغية من قبل النظام. ويبقى سؤال من سيتضرر من تلك العقوبات. إنه وبلا شك المواطن البسيط الذي يعاني أصلاً من أوضاع اقتصادية كارثية. من المشكوك به أن تستطيع تلك العقوبات إسقاط النظام وإحداث التغيير المطلوب ولكنها بكل تأكيد سوف تسقط الشعب البسيط الذي أصبح ضحية ادعاء الغباء من قبل المجتمع الدولي الذي يريد أن يعاقب النظام فيعاقب شعباً كاملاً.

باحث سياسي

ramialkhalife@