-A +A
حمود أبو طالب
نُشر مؤخراً في مواقع التواصل مقطع من حوار تليفزيوني مع وزير الشؤون الإسلامية ذكر فيه معلومة عن جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال عمله السابق رئيساً لها، مفادها أنها كانت تستعين بمستشارين متعاونين من أساتذة الجامعات بمكافآت تتجاوز تسعين ألف ريال في الشهر، وهو بذلك يشير إلى جانب واحد من جوانب التجاوزات التي كانت تحدث في ذلك الجهاز.

نشير إلى هذه المعلومة ليس بهدف الحديث عن ماضي جهاز الهيئة، وإنما لأنها تذكرنا أو تعيد تذكيرنا بظاهرة المستشارين المنتشرة في كثير من أجهزة الدولة؛ وزارات وهيئات ومؤسسات، بشكل يطرح كثيراً من التساؤلات حول جدوى بعضها، وكفاءة بعض المستشارين الذين يتم استقطابهم ومدى الحاجة لهم، والأهم المكافآت الكبيرة التي تصرف لهم، والتي تصل أحياناً إلى أرقام ملفتة للنظر لا يتقاضها أعلى مسؤول في سلم الخدمة المدنية أو العسكرية أو غيرهما، والأغرب والأعجب أن بعض هؤلاء المستشارين إما مسؤولين سابقين لم يقدموا شيئاً يذكر في مواقعهم أو أشخاصاً غير معروفين بإنجازات استثنائية تنم عن كفاءة غير عادية تشفع لاستقطابهم ودفع تلك المبالغ لهم. وما لا يمكن إنكاره أن العلاقات الشخصية والمجاملات تمثل في كثير من الأحيان السبب الرئيسي للاستعانة بهؤلاء الأشخاص.


في هذا العهد بدأت الدولة مشروعاً قوياً وعملياً لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة وقد حققت فيه إنجازات كبيرة، والآن نحن في مرحلة الترشيد وشد الأحزمة بعد جائحة كورونا ما اضطر الدولة إلى اتخاذ قرارات اضطرارية طالت بدل غلاء المعيشة ورفع ضريبة القيمة المضافة، وقد تقبلها المواطنون برضا لوعيهم بضرورة التعاون والتكاتف مع الدولة في الظروف الاستثنائية، وفي الوقت ذاته قررت الدولة مراجعة بعض المرتبات والمزايا لبعض الوظائف خارج سلم الخدمة المدنية والعسكرية، وبلا شك فإن وظائف المستشارين من أولى المجالات التي يجب مراجعتها وغربلتها لأن بعضاً منها يستنزف المال العام دون فائدة تذكر، ومن غير المعقول أن يتم شد الحزام على الموظف البسيط وهناك من يتقاضون مبالغ ضخمة في وظائف أقرب إلى كونها شرفية أو مجاملة لصديق أو قريب.

habutalib@hotmail.com