من المتعارف عليه مصداقية لغة الأرقام، ومن المؤكد بأن الدراسات والتي تنتج عنها نسب وأعداد هي المنهجية المعتمدة وإحدى الأدوات في اتخاذ القرار وتقييم الأداء، وأكثر ما يميز الأرقام هو تجردها من العبارات المنمقة وتعطي دلالات واضحة لا يمكن تأويل معناها، ولذلك حرصت المنشآت الحكومية والخاصة على إيجاد آليات تسجيل لتلك الأرقام حتى يتم من خلالها تمييز العمل والموظف والبرامج.
ذكر أحد الزملاء بأن هنالك من يسجل مرضى وهميين في عيادته حتى تصل إحصائيات عيادته العدد الأعلى ما بين زملائه ليؤخذ انطباع لدى الإدارة بأنه الأكثر عملا وإنجازا، وموظفة استقبال اتصالات العملاء أوصت صديقاتها بالاتصال في ساعات عملها حتى يسجل لها البرنامج الآلي أكبر عدد اتصالات تم الرد عليها لتصل إلى المكافأة المرصودة لذلك، وبغض النظر عن مصداقية هاتين القصتين من عدمها ولكن من الممكن جدا حدوثها لتصبح أرقاما كاذبة لا تعكس الواقع فتبخس حق المجتهد وترفع من شأن المراوغ.
اطلعت مؤخرا على تقرير لدراسة في إحدى المنشآت الحكومية الكبيرة والتي كانت تقيم جودة عمل في مجال معين، وكانت أوراق التقرير ملونة وذات تنسيق متقن ورسومات بيانية متنوعة، وكانت تعرض تقريرا مليئا بالأرقام ومن زوايا مختلفة عن العمل، شعرت وأنا أتأملها وكأنها تقول «هذا أحسن عمل في هذا المجال بالعالم»، ولكن ورغم تواضعي في الجانب البحثي لم أجد أداة قياس مناسبة فقد كان استفتاء أكثر من كونه استبيانا، ولا عينة بحث مذكورة ولا طريقة واضحة تم من خلالها تجميع البيانات، أضف إلى ذلك بأن من يرغب بالتلاعب بلغة الأرقام يتجه إلى تنظيف البيانات بإخفاء بعضها بالحذف والإبقاء على ما يريد ليصبح العمل مبدعا بجميع المقاييس، كل ما سبق على افتراض بأن تلك الأرقام نفسها ولم يتم التلاعب بها وتغييرها، علما بأن عدم استيفاء الطرق السليمة في البحث سبب كافٍ لرفض الأرقام حتى وإن كانت صحيحة.
ولذلك تلجأ بعض المؤسسات لشركات خارجية لتقييم العمل وذلك للوصول إلى أرقام أكثر مصداقية وتعكس الواقع، ولكن إذا كان هنالك خلل أو تلاعب في آليات تسجيل تلك الأرقام في المنشأة فذلك يحول دون وصولهم إلى إعداد تقرير باستنتاجات صحيحة، فالشركة تعتمد في إعداد البحث والتقييم على تلك الأرقام المسجلة أثناء سير العمل فتصبح المشكلة أقل وطأة ولكنها مستمرة، وبالتالي التعامل مع الأرقام والمخرجات من تلك الآليات دون مراقبتها بشكل دوري وعشوائي يشجع البعض لاستغلالها.
والمشكلة في ما سبق لا تنحصر في التقييم الزائف لبعض الأعمال ولا في انطباع المسؤول الرائع الذي يذهب لمن لا يستحقه ولا في تصفيق الناس لذلك المنجز الوهمي ولكن تكمن بأن العمل سيسير بنفس النهج وسيزداد المسؤول ثقة بالقائمين عليه، وبالتالي نصل إلى المثل الشعبي: «من جرف لدحديرة».
كاتب سعودي
alaqeelme@
ذكر أحد الزملاء بأن هنالك من يسجل مرضى وهميين في عيادته حتى تصل إحصائيات عيادته العدد الأعلى ما بين زملائه ليؤخذ انطباع لدى الإدارة بأنه الأكثر عملا وإنجازا، وموظفة استقبال اتصالات العملاء أوصت صديقاتها بالاتصال في ساعات عملها حتى يسجل لها البرنامج الآلي أكبر عدد اتصالات تم الرد عليها لتصل إلى المكافأة المرصودة لذلك، وبغض النظر عن مصداقية هاتين القصتين من عدمها ولكن من الممكن جدا حدوثها لتصبح أرقاما كاذبة لا تعكس الواقع فتبخس حق المجتهد وترفع من شأن المراوغ.
اطلعت مؤخرا على تقرير لدراسة في إحدى المنشآت الحكومية الكبيرة والتي كانت تقيم جودة عمل في مجال معين، وكانت أوراق التقرير ملونة وذات تنسيق متقن ورسومات بيانية متنوعة، وكانت تعرض تقريرا مليئا بالأرقام ومن زوايا مختلفة عن العمل، شعرت وأنا أتأملها وكأنها تقول «هذا أحسن عمل في هذا المجال بالعالم»، ولكن ورغم تواضعي في الجانب البحثي لم أجد أداة قياس مناسبة فقد كان استفتاء أكثر من كونه استبيانا، ولا عينة بحث مذكورة ولا طريقة واضحة تم من خلالها تجميع البيانات، أضف إلى ذلك بأن من يرغب بالتلاعب بلغة الأرقام يتجه إلى تنظيف البيانات بإخفاء بعضها بالحذف والإبقاء على ما يريد ليصبح العمل مبدعا بجميع المقاييس، كل ما سبق على افتراض بأن تلك الأرقام نفسها ولم يتم التلاعب بها وتغييرها، علما بأن عدم استيفاء الطرق السليمة في البحث سبب كافٍ لرفض الأرقام حتى وإن كانت صحيحة.
ولذلك تلجأ بعض المؤسسات لشركات خارجية لتقييم العمل وذلك للوصول إلى أرقام أكثر مصداقية وتعكس الواقع، ولكن إذا كان هنالك خلل أو تلاعب في آليات تسجيل تلك الأرقام في المنشأة فذلك يحول دون وصولهم إلى إعداد تقرير باستنتاجات صحيحة، فالشركة تعتمد في إعداد البحث والتقييم على تلك الأرقام المسجلة أثناء سير العمل فتصبح المشكلة أقل وطأة ولكنها مستمرة، وبالتالي التعامل مع الأرقام والمخرجات من تلك الآليات دون مراقبتها بشكل دوري وعشوائي يشجع البعض لاستغلالها.
والمشكلة في ما سبق لا تنحصر في التقييم الزائف لبعض الأعمال ولا في انطباع المسؤول الرائع الذي يذهب لمن لا يستحقه ولا في تصفيق الناس لذلك المنجز الوهمي ولكن تكمن بأن العمل سيسير بنفس النهج وسيزداد المسؤول ثقة بالقائمين عليه، وبالتالي نصل إلى المثل الشعبي: «من جرف لدحديرة».
كاتب سعودي
alaqeelme@