للأسف رغم كل الإجراءات الحكومية الهادفة للحد من انتشار وباء كورونا، ورغم كل حملات التوعية العامة، فالأرقام الجديدة المنشورة مؤخراً لعدد الإصابات بالسعودية تعتبر مؤشراً بالغ الخطورة وتنذر بالأسوأ، حيث سجلت أعلى عدد من الإصابات منذ بداية الوباء، والكل يتساءل كيف يمكن أن يتصرف الناس بمثل هذا النمط من اللامبالاة الذي يعرقل جهود محاصرة الوباء؟ والجواب هو أن المدان الأكبر بهذا سواء بالسعودية أو بقية العالم هو ما تسمى بـ«نظريات المؤامرة»؛ فبعد حملات التوعية الأولية التي قامت بها السلطات الصحية محلياً وعالمياً حصل التزام مناسب بإجراءات الوقاية من الوباء، وهذا ما أدى لانحسار الوباء بعدة بلدان وعلى رأسها الصين مصدر الوباء، لكن الذي حصل أن ما تسمى بنظريات المؤامرة انتشرت بكل العالم وهي تزعم أن وباء كورونا مفبرك وكاذب ولا يوجد وباء وكل أرقام الضحايا هي مفبركة ولا يوجد أحد يموت من كورونا، وهذه مثلت الموجة الثانية الأخطر من نظريات المؤامرة، حيث كانت الموجة الأولى من نظريات المؤامرة أقل خطراً لكونها تركزت على التشكيك بمصدر الوباء وإن كان متسرباً من مختبر نتيجة إهمال أو لتعمد دول منافسة تدمير اقتصاديات منافسيها أو أنه ناتج عن أبراج اتصالات الجيل الخامس 5G التي بالحقيقة أضرارها لا تزيد على تلك التي لأي تكنولوجيا ترددات عالية، ثم جاءت الموجة التي تنكر وجود الوباء بالكامل وتزعم أن كل ما نراه هو تمثيلية لفرض قوى شر خفية سيطرتها على العالم وخرجت هذه الموجة من أمريكا ووصلت للترند الأمريكي تحت هاشتاقات مثل «#FilmYourHospital-صور مستشفاك» و«#EmptyHospitals-المستشفيات خالية» حيث حثت الناس على خرق التحذيرات الصحية والذهاب للمستشفيات وتصويرها ليقنعوا الناس أنها خالية ولا توجد إصابات وإن كانت موجودة فهي كالزكام لا أكثر، وبالبداية ترفعت الجهات الرسمية عالمياً عن الرد عليها باعتبارها من السخف بحيث لا تستحق ذكرها لنفيها، لكن لما تنبه الجميع لتأثيرها الخطير على سلوك الناس فرضت إدارات مواقع التواصل العالمية منعاً مشدداً وحجباً لكل حساب ينشر نظريات المؤامرة عن كورونا وتبعتها وكالات الأنباء العالمية كرويترز التي أنشأت قسماً خاصاً تحت عنوان «False claim-زعم زائف» تمحص فيه أولاً بأول نظريات المؤامرة المتداولة حول كورونا وتثبت خطأها، لكنها لا تنتشر بين الناس كانتشار نظريات المؤامرة، ولذا على السلطات الصحية نشر الردود العلمية على نظريات المؤامرة المتداولة محلياً، ونشر قصص الشخصيات الاعتبارية المحلية كالأطباء الذين ماتوا بالوباء لمضاعفة الوقع النفسي التحذيري.
كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com
كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com