طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤخرا، مدخلا قانونيا وإعلاميا جديدين (تحت التشريع العدلي حاليا) عن المسؤولية القانونية لشركات التواصل الاجتماعي في عملية النشر الإلكتروني؛ بمعنى الشروع في الانتقال من معاملة منصات شبكات التواصل الاجتماعي من مزود فني للخدمة أو منتدى للمعلومات، إلى معاملتهم كناشر إلكتروني، وما قد يترتب على ذلك من أي تبعات قانونية قد تطرأ، تفضي إلى ملاحقات قضائية وربما تعويضات مالية، لدور هذه المنصات في إجازة المحتوى ونشره على ضوء مقاصد القانون الدولي، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية.
قانونيا، لا شك أن عملية التدخل التحريري التي نفذتها منصة تويتر، لجهة الحذف والتعليق على تغريدات الرئيس الأمريكي، كانت عملية غير متوازنة مقارنة مع رؤساء وقيادات آخرين، إذ فتح هذا الملف قانونية الدور الإعلامي والسياسي لمنصة تويتر أو غيرها من منصات التواصل الاجتماعي، وواقع الأجندات الإعلامية في عملية النشر للمواقع الإلكترونية بشكل عام، كما طرح أسئلة حول الأيديولوجيات التي تحكم الممارسات الإعلامية للشبكات والمواقع والقائمين عليها.
فالمنصات الإعلامية في التكييف القانوني المرتقب في الولايات المتحدة الأمريكية هي وسائل نشر إعلامي تطبق سياسات تحريرية وليست فنية، عطفا على فعل التدخل التحريري والحذف والإضافة والتعليق والحجب، الأمر الذي أفضى إلى إصدار البيت الأبيض قرارا تنفيذيا بتعديل البند ٢٣٠ من قانون الاتصالات الذي يحمي الشركات من المقاضاة والملاحقات القضائية وتصنيفها كناشر إلكتروني، يتحمل كامل المسؤولية، مما يضيف بعدا وفهما جديدين، للمقاصد الكلية للأنظمة الدولية واتفاقية بودابست حيال النشر الإلكتروني المنظم.
هذه المقاربة القانونية لعملية النشر الإلكتروني العابر للقارات، تعظم المسؤولية القانونية للمواقع والمنصات، والمنظومات الإعلامية والاتصالية، في كافة دول العالم، خاصة في ظل الصراعات والتجاذبات، ما يعني أهمية تحصين المؤسسات لمحتوى منصاتها برؤية قانونية شمولية لمجمل النشر الإلكتروني الموجه للداخل والخارج في آن، لا سيما في ظل عمليات الترصد والتوظيف للجهات الباحثة عن استغلال محتوى المواقع للحصول على مكتسبات وتعويضات اقتصادية باستخدام منظومة القوانين الدولية للنشر الإلكتروني.
هذا التحصين اللازم؛ لا يقتصر على المنصات الاعتبارية، بل إنه ضروري حتى على مستوى وعي الأفراد، فقد بات جزء كبير من أنظمة الدول يعتمد تحليل محتوى نشر الأفراد على المنصات؛ كأداة للتحقق من كفاءة الأفراد في الحصول على تأشيرات دخول الدول الغربية أو قراءة البصمة الفكرية للأفراد والمنظومات وتصنيفها وتبويبها لأي استخدامات مستقبلية.
لذلك، نحن في المملكة، بحاجة إلى مواكبة التحولات وتطوير البيئة القانونية للنشر الإلكتروني، وتوسيع ثقافة القانون الدولي في محركات النشر الإلكتروني، فعمليا لا يوجد نشر إلكتروني داخلي ونشر إلكتروني خارجي، وما يتم إنتاجه من محتوى ونصوص وصور ومواد فيلمية هي بيانات وملفات كبرى تستقر في الخزائن السحابية الضخمة.
وبإطلالة سريعة على الداخل القانوني لعملية النشر الإلكتروني، نجد أن هناك نظامين للنشر الإلكتروني في المملكة، الأول يتعلق بجرائم المعلوماتية (توصيفها وعقوباتها)، والثاني يخص عملية تنظيم النشر الإلكتروني الإعلامي، لكنهما لا يرتقيان إلى مستوى تحديات ومتغيرات القانون الدولي المتسارعة، وضرورة التعريف بالأنظمة الدولية في عمليات النشر الإلكتروني، بأبعادها المختلفة والمتعددة، واستيعابها في هذا المجال الحيوي والمعقد، وهذا الأمر برسم وزارة الإعلام، فهي الجهة المعنية والقادرة على معالجة هذا الملف الاستراتيجي الشائك.
أكاديمي وباحث في الشؤون الإستراتيجية
alfirm@
قانونيا، لا شك أن عملية التدخل التحريري التي نفذتها منصة تويتر، لجهة الحذف والتعليق على تغريدات الرئيس الأمريكي، كانت عملية غير متوازنة مقارنة مع رؤساء وقيادات آخرين، إذ فتح هذا الملف قانونية الدور الإعلامي والسياسي لمنصة تويتر أو غيرها من منصات التواصل الاجتماعي، وواقع الأجندات الإعلامية في عملية النشر للمواقع الإلكترونية بشكل عام، كما طرح أسئلة حول الأيديولوجيات التي تحكم الممارسات الإعلامية للشبكات والمواقع والقائمين عليها.
فالمنصات الإعلامية في التكييف القانوني المرتقب في الولايات المتحدة الأمريكية هي وسائل نشر إعلامي تطبق سياسات تحريرية وليست فنية، عطفا على فعل التدخل التحريري والحذف والإضافة والتعليق والحجب، الأمر الذي أفضى إلى إصدار البيت الأبيض قرارا تنفيذيا بتعديل البند ٢٣٠ من قانون الاتصالات الذي يحمي الشركات من المقاضاة والملاحقات القضائية وتصنيفها كناشر إلكتروني، يتحمل كامل المسؤولية، مما يضيف بعدا وفهما جديدين، للمقاصد الكلية للأنظمة الدولية واتفاقية بودابست حيال النشر الإلكتروني المنظم.
هذه المقاربة القانونية لعملية النشر الإلكتروني العابر للقارات، تعظم المسؤولية القانونية للمواقع والمنصات، والمنظومات الإعلامية والاتصالية، في كافة دول العالم، خاصة في ظل الصراعات والتجاذبات، ما يعني أهمية تحصين المؤسسات لمحتوى منصاتها برؤية قانونية شمولية لمجمل النشر الإلكتروني الموجه للداخل والخارج في آن، لا سيما في ظل عمليات الترصد والتوظيف للجهات الباحثة عن استغلال محتوى المواقع للحصول على مكتسبات وتعويضات اقتصادية باستخدام منظومة القوانين الدولية للنشر الإلكتروني.
هذا التحصين اللازم؛ لا يقتصر على المنصات الاعتبارية، بل إنه ضروري حتى على مستوى وعي الأفراد، فقد بات جزء كبير من أنظمة الدول يعتمد تحليل محتوى نشر الأفراد على المنصات؛ كأداة للتحقق من كفاءة الأفراد في الحصول على تأشيرات دخول الدول الغربية أو قراءة البصمة الفكرية للأفراد والمنظومات وتصنيفها وتبويبها لأي استخدامات مستقبلية.
لذلك، نحن في المملكة، بحاجة إلى مواكبة التحولات وتطوير البيئة القانونية للنشر الإلكتروني، وتوسيع ثقافة القانون الدولي في محركات النشر الإلكتروني، فعمليا لا يوجد نشر إلكتروني داخلي ونشر إلكتروني خارجي، وما يتم إنتاجه من محتوى ونصوص وصور ومواد فيلمية هي بيانات وملفات كبرى تستقر في الخزائن السحابية الضخمة.
وبإطلالة سريعة على الداخل القانوني لعملية النشر الإلكتروني، نجد أن هناك نظامين للنشر الإلكتروني في المملكة، الأول يتعلق بجرائم المعلوماتية (توصيفها وعقوباتها)، والثاني يخص عملية تنظيم النشر الإلكتروني الإعلامي، لكنهما لا يرتقيان إلى مستوى تحديات ومتغيرات القانون الدولي المتسارعة، وضرورة التعريف بالأنظمة الدولية في عمليات النشر الإلكتروني، بأبعادها المختلفة والمتعددة، واستيعابها في هذا المجال الحيوي والمعقد، وهذا الأمر برسم وزارة الإعلام، فهي الجهة المعنية والقادرة على معالجة هذا الملف الاستراتيجي الشائك.
أكاديمي وباحث في الشؤون الإستراتيجية
alfirm@