ظاهرتان لا تنفصم عراهما عن الأمم المتحضرة؛ وهما العلم والفساد، وإذا كان العلم والحضارة متلازمين أثراً فإن الفساد تابع لهما لا محالة، فقد فتح العلم أبواباً مغلقة استطاع المنتفعون الولوج منها لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المجتمع، وما صورة التطور التقني إلا واحدة من مظاهر تطور العلم التي فتحت للمنتفعين أبواباً مشرعة لعالمية الفساد، على أن هناك مؤشرات عدة لظاهرة الفساد لا يمكن قصرها على العلم وتطوره، فقد كان التخلي عن قيم الدين أول هذه الأسباب، وفي التاريخ شواهد كثيرة على فساد كان مرده هجر القيم والتطاول على الدين بما مهد للالحاد من الذيوع والانتشار حتى أصبحنا نسمع عن نسب مخيفة في دول كانت منبعاً لقيم دينية وباعثاً لحضارة إنسانية..
وإذا كان للعلم ضريبة مدفوعة هي صورة الفساد شئنا أم أبينا رغم كل مزاياه التي لا تعد ولا تحصى وآثاره على مسيرة الإنسانية خاصة في مجال العلوم الطبية، فإن للجهل ضريبة أخرى لا تكتفي بفساد الأخلاق، بل يُلحق بها هلاك الأبدان.
لقد تساءل ذات يوم المفكر محمد الرميحي عن ثمن الجهل وساق لذلك مثالاً عن جهل القيادة عندما يختزل القائد الوطن في ذاته؛ وقدم صدام حسين أنموذجاً لهذا الجهل وما جره على العراق من ويلات، وكذلك قيام المرجعيات التي عملت على تغييب العقول لتنفيذ أجنداتها وهي في حقيقتها تبرهن على جهل التابع والمتبوع لأن التاريخ لن يكتب لها البقاء وثورات الشعوب لا تبقي ولا تذر مهما طال زمن الرضوخ.. فإن الشعوب لن تصمت ما لم تحيا حياة كريمة تستظل فيها بأمن وارف وقيم عليا وهذا ما حفظه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن يرحمه الله لهذه البلاد وكان عهداً على الأبناء الملوك الكرام من بعده بفضل الله ولا يجاريها في هذا إلا قليل..
وإذا كان الفساد يظهر في الأمم المتحضرة أكثر من غيرها فإنه بلا شك يعجل بسقوطها، كما يقول ابن خلدون، حيث أشار ﺇﻟﻰ أﻥ فساد الأخلاق ﻫﻮ بوابة انهيار ﺍﻟﺤﻀﺎﺭة وأن حاجة الأمم للأخلاق في رقيها أكبر من حاجتها للمادة والعقل مجتمعين وقد ساق شاهداً على ذلك سقوط الأندلس.. ولمثل هذا ذهب الفيلسوف غوستاف لوبون حيث يقول: إن مستقبل الأمة لا يقوم إلا على الأخلاق وعندما تذوي الأخلاق تموت مع وجود العقل.. وهاتان شهادتان من مؤسس علم الاجتماع ومن أحد فلاسفته تؤكدان دور الأخلاق في بقاء الحضارة الإنسانية، وما التخلي عن الأخلاق في المجتمعات إلا ضرب من ضروب الجهل وليس المقصود بالجهل عدم العلم وإنما عدم الحكمة والعمل بما تعلم والاستخفاف بكل القيم الدينية وغير الدينية من حولك التي تدعو إلى الصلاح.
والناس على رأيين في العلاقة بين الدين والأخلاق فالبعض يرى أنها دين محض والآخر يراها فطرة لا علاقة لها بالدين وأنها سابقة للأديان منذ بدء الخليقة وكانت أساساً للتواصل فيما بينها ويقدمون لذلك مثالاً رجلاً بعيداً عن الشعائر التعبدية ولكنه ذو أمانة في قوله وعمله وعلى النقيض متدين بلا أمانة لا في القول ولا العمل، على أن الحياة لا تستقيم بضياع أحدهما أو اعتلاله وأثر الدين واضح في تهذيب الأخلاق وتوظيفها لخدمة المجتمع وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وهذه مهمة الدين التي غفل عنها كثيرون، وقد لخص الفيلسوف إقبال ذلك بقوله:
إذا الإيمان ضاع فلا أمان
ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين
فقد جعل الفناء لها قرينا..
كاتب سعودي
وإذا كان للعلم ضريبة مدفوعة هي صورة الفساد شئنا أم أبينا رغم كل مزاياه التي لا تعد ولا تحصى وآثاره على مسيرة الإنسانية خاصة في مجال العلوم الطبية، فإن للجهل ضريبة أخرى لا تكتفي بفساد الأخلاق، بل يُلحق بها هلاك الأبدان.
لقد تساءل ذات يوم المفكر محمد الرميحي عن ثمن الجهل وساق لذلك مثالاً عن جهل القيادة عندما يختزل القائد الوطن في ذاته؛ وقدم صدام حسين أنموذجاً لهذا الجهل وما جره على العراق من ويلات، وكذلك قيام المرجعيات التي عملت على تغييب العقول لتنفيذ أجنداتها وهي في حقيقتها تبرهن على جهل التابع والمتبوع لأن التاريخ لن يكتب لها البقاء وثورات الشعوب لا تبقي ولا تذر مهما طال زمن الرضوخ.. فإن الشعوب لن تصمت ما لم تحيا حياة كريمة تستظل فيها بأمن وارف وقيم عليا وهذا ما حفظه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن يرحمه الله لهذه البلاد وكان عهداً على الأبناء الملوك الكرام من بعده بفضل الله ولا يجاريها في هذا إلا قليل..
وإذا كان الفساد يظهر في الأمم المتحضرة أكثر من غيرها فإنه بلا شك يعجل بسقوطها، كما يقول ابن خلدون، حيث أشار ﺇﻟﻰ أﻥ فساد الأخلاق ﻫﻮ بوابة انهيار ﺍﻟﺤﻀﺎﺭة وأن حاجة الأمم للأخلاق في رقيها أكبر من حاجتها للمادة والعقل مجتمعين وقد ساق شاهداً على ذلك سقوط الأندلس.. ولمثل هذا ذهب الفيلسوف غوستاف لوبون حيث يقول: إن مستقبل الأمة لا يقوم إلا على الأخلاق وعندما تذوي الأخلاق تموت مع وجود العقل.. وهاتان شهادتان من مؤسس علم الاجتماع ومن أحد فلاسفته تؤكدان دور الأخلاق في بقاء الحضارة الإنسانية، وما التخلي عن الأخلاق في المجتمعات إلا ضرب من ضروب الجهل وليس المقصود بالجهل عدم العلم وإنما عدم الحكمة والعمل بما تعلم والاستخفاف بكل القيم الدينية وغير الدينية من حولك التي تدعو إلى الصلاح.
والناس على رأيين في العلاقة بين الدين والأخلاق فالبعض يرى أنها دين محض والآخر يراها فطرة لا علاقة لها بالدين وأنها سابقة للأديان منذ بدء الخليقة وكانت أساساً للتواصل فيما بينها ويقدمون لذلك مثالاً رجلاً بعيداً عن الشعائر التعبدية ولكنه ذو أمانة في قوله وعمله وعلى النقيض متدين بلا أمانة لا في القول ولا العمل، على أن الحياة لا تستقيم بضياع أحدهما أو اعتلاله وأثر الدين واضح في تهذيب الأخلاق وتوظيفها لخدمة المجتمع وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وهذه مهمة الدين التي غفل عنها كثيرون، وقد لخص الفيلسوف إقبال ذلك بقوله:
إذا الإيمان ضاع فلا أمان
ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين
فقد جعل الفناء لها قرينا..
كاتب سعودي