في ظل أخبار جائحة كوفيد 19 والأحداث السياسية السلبية التي تحيط بالشرق الأوسط، جاء خبر صفقة استحواذ البنك الأهلي التجاري السعودي على بنك سامبا السعودي بقيمة تقديرية تبلغ 15.6 مليار دولار أمريكي لتكون ثاني أكبر صفقة مالية حجماً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لهذا العام (الصفقة لا تزال في الإطار الأولي الاحتمالي بحسب مذكرة التفاهم بينهما). وتأتي هذه الصفقة بعد فشل صفقة سابقة لاستحواذ البنك الأهلي التجاري على بنك الرياض، بعد محاولة جادة وسيكون البنك الجديد بعد اكتمال الاستحواذ ثاني أكبر بنوك العالم العربي. ولكن على الصعيد المحلي هناك انكماش واضح في عدد المصارف بشكل لا يتناسب مع حجم الاقتصاد السعودي أبداً والذي يعد أكبر اقتصاديات المنطقة. فهذا ثاني اندماج مصرفي كبير في فترة قريبة وذلك بعد اندماج بنك ساب مع البنك الأول (السعودي الهولندي سابقا). ومن الواضح جداً أن حجم البنك الجديد سيكون معنياً في المقام الأول باستهداف تمويل الشركات الكبيرة (وطبعاً سيكون ذلك على حساب تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة). ثقافة البنك الأهلي التجاري حينما انشئ كانت تعتمد على تمويل العصاميين من رجال الأعمال، وكان البنك بالتالي ملاذاً لمن هم بحاجة لتمويل مشاريعهم مهما كانت أحجامها، واليوم هناك فراغ واضح في الساحة المصرفية لبنك يقوم بهذا الدور المهم والحيوي، فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة هي قاعدة التوظيف الأولى ومعمل الأفكار البسيطة عريضة الانتشار وبالتالي تشكل النسبة الأهم في الاقتصاد. الاقتصاد السعودي بالنسبة لحجمه الكبير والمؤثر يعتبر من أقل الاقتصادات بالنسبة لعدد البنوك المتواجدة فيه وهو ما يطلق عليه وصف under banked economies وفي السابق كانت مؤسسة النقد (الجهة المانحة لرخص مزاولة عمل البنوك) تمارس وبشكل عجيب دوراً حمائياً في منح رخص المزاولة، فكانت نتيجة ذلك رحيل العديد من الفرص الاستثمارية في القطاع البنكي المؤثر إلى دول الجوار، وبعد ذلك استمر النهج المتحفظ الخجول الذي «قنن» منح رخص ممارسة الرخص وقصرها على فروع محدودة جداً بحيث لا يسمح لها بالانتشار الواسع، بل إن المؤسسة فوتت على السوق فرصة دخول لاعب جديد من خارج المنظومة التقليدية عندما كانت الفرصة مواتية لدخول أكثر من بنك جاد تقدم بعرض استحواذ على البنك السعودي الهولندي وقتها ورفضت العروض ليتم بعد ذلك الاستحواذ عليه داخلياً من قبل بنك ساب. مؤسسة النقد مطالبة بلعب دور أكثر حيوية لجلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى إلى القطاع المصرفي المحلي ومنح الفرصة «الكاملة» لأي بنك جديد بأن ينال دوره بسوية وعدالة أسوة بغيره، فهذا دورها كمشرع ومراقب. الاقتصاد السعودي بكافة قطاعاته ومختلف أحجامه بحاجة ماسة لقطاع مصرفي عريض ومرن ومتنوع يلبي طموح هذه الاحتياجات، وبالتالي يبقى الأمل أن يحدث هذا الاحتياج حراكاً إيجابياً في التشريعات المطلوبة.
كاتب سعودي
hashobokshi@gmail.com
كاتب سعودي
hashobokshi@gmail.com