على امتداد العقود الأخيرة حرصت تركيا بحكوماتها المختلفة على الانتقاص من حقوق الشعبين السوري والعراقي في مياه نهري دجلة والفرات حتى وصل الأمر إلى قطع مياه نهر الفرات في السنوات الماضية عدة مرات كان أطولها عندما أرادت تركيا تعبئة خزان البحيرة الصناعية الموجودة خلف سد أتاتورك الذي بلغ من الضخامة والكبر بأن أثر على الأوضاع المناخية، كل ذلك كان يضع الدولتين العراقية والسورية أمام خيارات صعبة، فإما الصمت أمام إجراءات أنقرة المستفزة أو الدخول في صراع عسكري ستكون نتائجه كارثية، خصوصاً أن نظام صدام حسين كان مشغولاً بصراعاته المتولدة من تهوره باحتلال دولة الكويت وصراعه مع نظام الملالي ولم يكن يريد أن يفتح جبهة جديدة مع تركيا. أما في سوريا فقد كان نظام حافظ الأسد يرتب أوراق حكمه ولا يريد أي صراع يشوش عليه.
عندما جاء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم توقع الجميع أن يعمد الجانب التركي إلى انتهاج سياسات أخوية تجاه جيرانه بعد أن صدعت أنقرة رؤوسنا بالعمق الإستراتيجي ورغبتها بفتح صفحة جديدة مع الدول العربية وتوقع الجميع أن تنتهج أنقرة سياسة مائية مختلفة ولكن كل تلك الآمال ذهبت أدراج الرياح، عندما بدأت تتبدى ملامح أطماع أردوغان في العالم العربي واستلهامه للنموذج الإيراني، خصوصاً بعدما عصفت عواصف ما سمي الربيع العربي بالبلاد العربية فوجدها أردوغان فرصة سانحة لمد نفوذ بلاده إلى هذه المنطقة المنكوبة. فالأطماع الأردوغانية لم تعد تقتصر على حصة أكبر من نهري دجلة والفرات بل بدأت تمتد إلى الإنسان والأرض والحجر فأرسل الرئيس التركي ميليشياته ومرتزقته يعيثون فساداً أينما حلّوا، وراحت تركيا كما إيران تعمد إلى تمزيق النسيج الاجتماعي العربي عبر نشر خطاب الكراهية فاحتضنت إسطنبول أبواق الإخوان التي راحت تخون من لا يتفق معها وتقسم المجتمعات على أساس من يواليها مؤمن ومن يعارضها خائن إن لم يكن كافراً. والغريب أن الأبواق الأردوغانية تبرر لأردوغان أي فعل يقوم به مهما كان.
سوريا كانت حقل التجارب الذي مارس فيها أردوغان كل أطماعه حيث بنى مليشيات عسكرية تتبع له قامت بعمليات عسكرية كان الهدف منها مصلحة تركيا خالصة دون أن يكون هناك أي اعتبار لمصالح سوريا الوطن والشعب. فانبرت تلك المليشيات لغزو الشمال السوري ومنطقة الجزيرة كما قامت بعمليات درع الفرات وغصن الزيتون. في نهاية المطاف عمد أردوغان إلى التفاهم مع روسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية على تقاسم الكعكة السورية بينما الشعب السوري والمعارضة على وجه التحديد خرجت بخفي حنين. ومع ذلك لم تتوقف الممارسات التركية التي تكاد لا تشبع حتى لو التهمت الدولة السورية برمتها، فبدأت في الآونة الأخيرة بسرقة مياه نهر الفرات حتى تحول هذا النهر العظيم إلى مجرد جدول صغير بسبب قطع تركيا لمياه النهر إلا النزر اليسير بما يهدد مئات الآلاف من الأسر والعائلات التي تعتمد على النهر في حياتها وزراعتها وحيواناتها. إذا كان هناك من نقطة إيجابية في هذا المشهد القاتم فهو أن بعض الشعب السوري الذي كان يحلف برأس أردوغان بات يدرك الدرك الأسفل الذي وصل إليه هذا الرجل.
باحث سياسي
ramialkhalife@
عندما جاء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم توقع الجميع أن يعمد الجانب التركي إلى انتهاج سياسات أخوية تجاه جيرانه بعد أن صدعت أنقرة رؤوسنا بالعمق الإستراتيجي ورغبتها بفتح صفحة جديدة مع الدول العربية وتوقع الجميع أن تنتهج أنقرة سياسة مائية مختلفة ولكن كل تلك الآمال ذهبت أدراج الرياح، عندما بدأت تتبدى ملامح أطماع أردوغان في العالم العربي واستلهامه للنموذج الإيراني، خصوصاً بعدما عصفت عواصف ما سمي الربيع العربي بالبلاد العربية فوجدها أردوغان فرصة سانحة لمد نفوذ بلاده إلى هذه المنطقة المنكوبة. فالأطماع الأردوغانية لم تعد تقتصر على حصة أكبر من نهري دجلة والفرات بل بدأت تمتد إلى الإنسان والأرض والحجر فأرسل الرئيس التركي ميليشياته ومرتزقته يعيثون فساداً أينما حلّوا، وراحت تركيا كما إيران تعمد إلى تمزيق النسيج الاجتماعي العربي عبر نشر خطاب الكراهية فاحتضنت إسطنبول أبواق الإخوان التي راحت تخون من لا يتفق معها وتقسم المجتمعات على أساس من يواليها مؤمن ومن يعارضها خائن إن لم يكن كافراً. والغريب أن الأبواق الأردوغانية تبرر لأردوغان أي فعل يقوم به مهما كان.
سوريا كانت حقل التجارب الذي مارس فيها أردوغان كل أطماعه حيث بنى مليشيات عسكرية تتبع له قامت بعمليات عسكرية كان الهدف منها مصلحة تركيا خالصة دون أن يكون هناك أي اعتبار لمصالح سوريا الوطن والشعب. فانبرت تلك المليشيات لغزو الشمال السوري ومنطقة الجزيرة كما قامت بعمليات درع الفرات وغصن الزيتون. في نهاية المطاف عمد أردوغان إلى التفاهم مع روسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية على تقاسم الكعكة السورية بينما الشعب السوري والمعارضة على وجه التحديد خرجت بخفي حنين. ومع ذلك لم تتوقف الممارسات التركية التي تكاد لا تشبع حتى لو التهمت الدولة السورية برمتها، فبدأت في الآونة الأخيرة بسرقة مياه نهر الفرات حتى تحول هذا النهر العظيم إلى مجرد جدول صغير بسبب قطع تركيا لمياه النهر إلا النزر اليسير بما يهدد مئات الآلاف من الأسر والعائلات التي تعتمد على النهر في حياتها وزراعتها وحيواناتها. إذا كان هناك من نقطة إيجابية في هذا المشهد القاتم فهو أن بعض الشعب السوري الذي كان يحلف برأس أردوغان بات يدرك الدرك الأسفل الذي وصل إليه هذا الرجل.
باحث سياسي
ramialkhalife@