ذكرت الشرق الأوسط أن موظف شركة (بوينج) نيل غولايتلي، استقال من منصبه لنص كتبه قبل (30) عاماً عن دور المرأة، وملاءمتها للعمل في الجيش الأمريكي، وعدم السماح لهن بالمشاركة في مهام قتالية، معترفاً بأن الحجج التي ساقها في مقاله كانت خاطئة ومهينة، وغير حكيمة، مما حدا به إلى الاعتراف بخطئه، وشعوره بالندم في حق المرأة؛ فاستقال ليرتاح ضميره!
تأملت هذا الخبر، ورجعت سنوات إلى الوراء، وطافت بخاطري آلاف المشاهد والمواقف والأحداث والكتابات بحق المرأة، يوم أن كانت مثل دمية في أيدي الصحويين، يقلّبونها كيف ما شاءوا، لا يعتريهم أدنى شعور بالخجل ناهيك عن الندم في غمط حقوقها المنصوص عليها شرعاً وتعطيلها عن واجباتها الممكنة والمقبولة.
ممعنين في تصويرها في مسلاخ المسخ وشيطان الغواية؛ فهي مصدر للفتنة، ومبعث للشهوة الآثمة وأنها أصل البلاء وأساسه، لا تصلح إلّا للبيت، وإرضاء الزوج، وإنجاب الأطفال، وأن تكون أقرب لوعاء يضع فيه الرجل رغباته ونزواته وشهواته مهما كانت غريبة وشاذة.
عارضوا بشدة، كل قرار يُتخذ لصالح المرأة وآدميتها، قالوا لا تصلح للوظيفة، غير جديرة بالتعليم، اتهموها في أخلاقها، لو أنها عملت بائعة أو كاشيرة، فنصيبها من قاموسهم يبدأ من الفاسقة، ولا ينتهي إلا بالفاجرة، ويمتد ليشمل ولي أمرها، فهو «ديّوث»، لا يغار على عرضه.
حرموا أي قرار يجعل منها مواطنة جديرة بالعلم والعمل. ضيّقوا عليها الخناق وطاردوها في الشوارع والمولات، تحكّموا في شكل عباءتها وأين تضعها، وسنّوا لذلك عقوبات وتعهدات.. إن ركبت مع السائق فهي (خلوة محرّمة)، وإن قادت السيارة بنفسها فهي الطامة الكبرى، فهي بظنهم ستذهب إلى مواطن الرذيلة ومحاضن الفجور، وأنها بقيادة السيارة سوف ينكسر حوضها، وتجف مبايضها، وتضيع أنوثتها.. وزِد من الشعر بيتاً؛ فوجهها عورة، وكفّيها فتنة، وصوتها موقّع على حبائل إبليس الموبقات.
لا يغطّيها إلاّ السواد، تمشي بعين واحدة وتغطي الأخرى بالحجاب.. حتى في المساجد عزلوها وراء جُدر لا ترى الإمام ولا الصفوف؛ رغم أن نبي الأمة قال: «خير الصفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء» ولم يذكر لنا أي ساتر أو حجاب حتى لا تبطل الصلاة.
منعوها من الظهور على كافة المنصات الإعلامية. قسّموا المجتمع إلى نصفين؛ واحد للرجال وآخر للنساء، طردوها من كل محفل وأقفلوا في وجهها أبواب الحياة، لا يخالفهم إلا هالك فاسق.
اعتمدوا على مروياتهم الضعيفة والمكذوبة والشاذة وطبّقوها على المرأة، وغيّبوا كل الجوانب المضيئة بشأنها، مما أدّى إلى نمو وعي اجتماعي خاطئ في فهم قضايا المرأة وحقوقها.
أستطيع أن أتراحب كيفما أشاء في هذا التاريخ الأسود، فما أشرت إليه بعض من صور مُخزية سادت أكثر من ثلاثين عاماً، عِشنا فيها المعاناة والألم والحسرة والكبت والحِرمان.
حتى قيّض لنا الله عهد سلمان وولي عهده الأمين محمد الخير؛ الذي أكد بكلماته المضيئة أنه لا يوجد فرق بين الرجال والنساء، وأن نصف سكان السعودية من النساء (وأنا أدعمهم) وأن لهن حقوقاً لم يحصلن عليها بعد، وأنه سيعطيها حقوقها لتسهيل أعمالها التجارية والانضمام للجيش وغيرها.. مما يجعلهن قادرات على الوقوف بجانب القيادة ودفع عجلة التنمية وقال قولته المشهورة «لقد انتهينا أخيراً من تلك الفترة المؤلمة التي لا يمكن تبريرها».
موقف فتح الطريق الخلفي لتغادر فيه الصحوة مجتمعنا إلى غير رجعة، وتتدحرج إلى حيث يجب أن تكون!
فانصرفت عنّا، ولنا في عنقها اعتذار لم يُوفَّ إلينا بعد عن تلك الحقبة المظلمة الظالمة.
معبراً سموه عن ثقافة إسلامية عميقة بخصوص المرأة وحقوقها استقاها من نبع الإسلام الصافي فوضعها في المكان المناسب وأرجع لها حقوقها المسلوبة واعتبرها إنساناً تشارك الرجل في الكرامة {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..}. كما اعتبرها مشاركة في المسؤولية {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ..} واعتبرها شريكة في المسؤولية الجنائية {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا..}، وكما للرجل ولاية على المرأة فالمرأة لها ولاية على الرجل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ..}، ويقرّر نبي الأمة أن النساء شقائق الرجال فارضاً بذلك المساواة بين الجنسين مع مراعاة الفوارق الطبيعية بين الأنوثة والرجولة.
نظرة كريمة زاوجت بين الواجب والواقع فتحت الأبواب أمامها لتمارس حقها الطبيعي في الحياة، ومكّن لها في نيل جميع الخدمات دون موافقة ولي الأمر، لتشاركه الحياة وتبادل الأدوار واحترام النفس الإنسانية ونبذ الجهل والتنطع. فما كان مقبولاً بالأمس لم يعد في الإمكان قبوله اليوم.
علينا أن نحافظ على هذه المكتسبات ونبتعد عن الغمز واللمز بحق المرأة وأن لا نجعل منها مادة للسخرية وأن نتبع الهوى ونقرر أنها لا تنفع لأي عمل ولا تصلح لأي مسؤولية لنعيد صوراً قميئة اختفت من حياتنا للأبد.
تأملت هذا الخبر، ورجعت سنوات إلى الوراء، وطافت بخاطري آلاف المشاهد والمواقف والأحداث والكتابات بحق المرأة، يوم أن كانت مثل دمية في أيدي الصحويين، يقلّبونها كيف ما شاءوا، لا يعتريهم أدنى شعور بالخجل ناهيك عن الندم في غمط حقوقها المنصوص عليها شرعاً وتعطيلها عن واجباتها الممكنة والمقبولة.
ممعنين في تصويرها في مسلاخ المسخ وشيطان الغواية؛ فهي مصدر للفتنة، ومبعث للشهوة الآثمة وأنها أصل البلاء وأساسه، لا تصلح إلّا للبيت، وإرضاء الزوج، وإنجاب الأطفال، وأن تكون أقرب لوعاء يضع فيه الرجل رغباته ونزواته وشهواته مهما كانت غريبة وشاذة.
عارضوا بشدة، كل قرار يُتخذ لصالح المرأة وآدميتها، قالوا لا تصلح للوظيفة، غير جديرة بالتعليم، اتهموها في أخلاقها، لو أنها عملت بائعة أو كاشيرة، فنصيبها من قاموسهم يبدأ من الفاسقة، ولا ينتهي إلا بالفاجرة، ويمتد ليشمل ولي أمرها، فهو «ديّوث»، لا يغار على عرضه.
حرموا أي قرار يجعل منها مواطنة جديرة بالعلم والعمل. ضيّقوا عليها الخناق وطاردوها في الشوارع والمولات، تحكّموا في شكل عباءتها وأين تضعها، وسنّوا لذلك عقوبات وتعهدات.. إن ركبت مع السائق فهي (خلوة محرّمة)، وإن قادت السيارة بنفسها فهي الطامة الكبرى، فهي بظنهم ستذهب إلى مواطن الرذيلة ومحاضن الفجور، وأنها بقيادة السيارة سوف ينكسر حوضها، وتجف مبايضها، وتضيع أنوثتها.. وزِد من الشعر بيتاً؛ فوجهها عورة، وكفّيها فتنة، وصوتها موقّع على حبائل إبليس الموبقات.
لا يغطّيها إلاّ السواد، تمشي بعين واحدة وتغطي الأخرى بالحجاب.. حتى في المساجد عزلوها وراء جُدر لا ترى الإمام ولا الصفوف؛ رغم أن نبي الأمة قال: «خير الصفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء» ولم يذكر لنا أي ساتر أو حجاب حتى لا تبطل الصلاة.
منعوها من الظهور على كافة المنصات الإعلامية. قسّموا المجتمع إلى نصفين؛ واحد للرجال وآخر للنساء، طردوها من كل محفل وأقفلوا في وجهها أبواب الحياة، لا يخالفهم إلا هالك فاسق.
اعتمدوا على مروياتهم الضعيفة والمكذوبة والشاذة وطبّقوها على المرأة، وغيّبوا كل الجوانب المضيئة بشأنها، مما أدّى إلى نمو وعي اجتماعي خاطئ في فهم قضايا المرأة وحقوقها.
أستطيع أن أتراحب كيفما أشاء في هذا التاريخ الأسود، فما أشرت إليه بعض من صور مُخزية سادت أكثر من ثلاثين عاماً، عِشنا فيها المعاناة والألم والحسرة والكبت والحِرمان.
حتى قيّض لنا الله عهد سلمان وولي عهده الأمين محمد الخير؛ الذي أكد بكلماته المضيئة أنه لا يوجد فرق بين الرجال والنساء، وأن نصف سكان السعودية من النساء (وأنا أدعمهم) وأن لهن حقوقاً لم يحصلن عليها بعد، وأنه سيعطيها حقوقها لتسهيل أعمالها التجارية والانضمام للجيش وغيرها.. مما يجعلهن قادرات على الوقوف بجانب القيادة ودفع عجلة التنمية وقال قولته المشهورة «لقد انتهينا أخيراً من تلك الفترة المؤلمة التي لا يمكن تبريرها».
موقف فتح الطريق الخلفي لتغادر فيه الصحوة مجتمعنا إلى غير رجعة، وتتدحرج إلى حيث يجب أن تكون!
فانصرفت عنّا، ولنا في عنقها اعتذار لم يُوفَّ إلينا بعد عن تلك الحقبة المظلمة الظالمة.
معبراً سموه عن ثقافة إسلامية عميقة بخصوص المرأة وحقوقها استقاها من نبع الإسلام الصافي فوضعها في المكان المناسب وأرجع لها حقوقها المسلوبة واعتبرها إنساناً تشارك الرجل في الكرامة {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..}. كما اعتبرها مشاركة في المسؤولية {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ..} واعتبرها شريكة في المسؤولية الجنائية {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا..}، وكما للرجل ولاية على المرأة فالمرأة لها ولاية على الرجل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ..}، ويقرّر نبي الأمة أن النساء شقائق الرجال فارضاً بذلك المساواة بين الجنسين مع مراعاة الفوارق الطبيعية بين الأنوثة والرجولة.
نظرة كريمة زاوجت بين الواجب والواقع فتحت الأبواب أمامها لتمارس حقها الطبيعي في الحياة، ومكّن لها في نيل جميع الخدمات دون موافقة ولي الأمر، لتشاركه الحياة وتبادل الأدوار واحترام النفس الإنسانية ونبذ الجهل والتنطع. فما كان مقبولاً بالأمس لم يعد في الإمكان قبوله اليوم.
علينا أن نحافظ على هذه المكتسبات ونبتعد عن الغمز واللمز بحق المرأة وأن لا نجعل منها مادة للسخرية وأن نتبع الهوى ونقرر أنها لا تنفع لأي عمل ولا تصلح لأي مسؤولية لنعيد صوراً قميئة اختفت من حياتنا للأبد.