-A +A
محمد الساعد
في كل مرة يؤكد محمد المسعري أنه أغبى قائمة الهاربين إلى لندن وأقلهم ذكاء، ولذلك طرده سعد الفقيه لأنه لم يجد فيه ما يخدم مخططاته، بدأت قصة المسعري في العام 1406 عندما قررت السفارة السعودية في واشنطن توسيع خدماتها لطلابها السعوديين مفتتحة ملحقيات ثقافية وتعليمية في بعض الولايات بعدما كان لديها ملحقية واحدة في هيوستن، ولسوء حظ بعض الطلاب أن ملحقية كلورادو المعنية بكل ولايات الوسط عين فيها الشاب السعودي محمد المسعري!!

فمن هو المسعري وما هي حكايته.


بالطبع الكثير يعرف محمد المسعري المتورط في العمالة والتخابر والقيام بأعمال إرهابية ضد بلاده السعودية وقيادتها، لكننا سنورد هنا قصة خيانته -المبكرة - للأمانة وتحوله من ملحق تعليمي مهمته السهر على حياة الطلاب المغتربين إلى لص غبي يقود عصابة من المتأسلمين الباكستانيين والفلسطينيين.

في العام 1984 التحق محمد المسعري بالسفارة السعودية في واشنطن للعمل كرئيس للمكتب التعليمي في دنفر بولاية كولورادو، المسعري الذي كان محاضراً بجامعة الملك سعود استطاع التوسط والحصول على وظيفة الملحقية، لكن الحكاية بدأت بعد وصوله بأسابيع حين كلف شخصاً اسمه السيد محمد خورشيد بإنشاء مدرسة لتعليم اللغة اسماها «أكسفورد»، ليكون المعهد المعتمد في الملحقية ويتم تحويل أموال التدريس إليه، على الرغم من كونها مدرسة حديثة وليس لديها سابق خبرة إلا أن المسعري اعتمدها وبدأ العمل معها وملغياً كل ما عداها.

المعهد المزور لم يكن سوى شقة حقيرة استأجرها المسعري ووضع فيها سكرتيرة فلسطينية مهمتها استلام الشيكات المحولة من الملحقية لتدريس الطلاب المبتعثين على حساب الحكومة السعودية ثم تحويلها لحسابه الخاص دون أن يقدم المعهد أي تعليم أو تدريب للطلاب.

لاحظت السفارة السعودية تزايد شكاوى الطلاب وشكوك الجامعات في معهد أكسفورد، بدورها أحالت السفارة الأمر للجهات المعنية في المملكة التي أمرت فوراً بإرسال لجنة عاجلة للتحقيق مع «الموظف» المسعري والتأكد من الاتهامات.

اللجنة التي وصلت إلى الولايات المتحدة مشكلة من وزارة الخارجية والتعليم العالي ووزارة العدل، بدأت بتحقيقات مفاجئة اكتشف خلالها أن المسعري وعصابته كانوا قد بدأوا في تأسيس شبكة واسعة للاحتيال هدفها الاستيلاء على أموال الملحقية المقدرة بملايين الدولارات.

أسفرت التحقيقات عن وجود اسم مشترك في كل عمليات الاحتيال داخل الملحقية والمعهد هو «محمد خورشيد» وابنه اللذان كانا يعملان لحساب المسعري.

كما اكتشفت اللجنة أمراً في غاية الغرابة، أن المسعري كان قد بدأ في تسجيل تحويلات مالية مرتفعة جداً باسم المدرسة منذ العام 1985 أي قبل إنشائها بسنة كاملة، وعند سؤاله عن ذلك أنكر بداية ثم اعترف مبرراً بأن المعهد كان تحت الإنشاء.

تواصلت اللجنة مع الطلاب المسجلين في المعهد نفى الكثير منهم معرفتهم به، بل إن بعضهم كان يقيم على بعد ساعات من مقر المدرسة وبالتالي يصعب أصلاً وصولهم إليها.

كما اكتشفت اللجنة أن المسعري وجه خطابات للطالبات والطلاب الدارسين للغة في معاهد وجامعات أخرى يقول لهم فيها إنه تم إلغاء الضمان الدراسي وتم توجيههم لمعهد أكسفورد، اللجنة واجهته بالتحويلات المعتمدة منه رغم إنكاره.

لم يتوقف المسعري عند هذا الحد من التحايل على الطلاب المغتربين، بل قام بتكليف محمد خورشيد بإنشاء شركة للتطوير العقاري تحت اسم «شركة المهندسين الإسلامية»، ووضع عنوانها مقر الملحقية السعودية ومستغلاً المقر للقيام بأعمال تجارية مخالفة للنظام.

الشركة بدأت نشاطها في وسط المبتعثين السعوديين وباعت لهم عقارات وهمية ورطت الكثير منهم في قضايا مالية عديدة دفعوا ثمناً لها من حياتهم ومالهم ومستقبلهم الدراسي.

اللجنة المكلفة بالتحقيق وراء تجاوزات المسعري كشفت أيضاً عن تعامل رقيق للمسعري مع بعض الموظفات داخل الملحقية بما يخالف النظام والأخلاق، منهم السيدة (وفاء..) التي كانت تعمل بطريقة غير قانونية في مكتبه وكان يصرف لها راتباً من خلال إدخاله في حسابه الشخصي ثم يدفعه نقداً لها، الأخرى كانت السيدة (أمينة..) التي اكتشفت اللجنة أنها ورغم مغادرتها العمل إلا أن المسعري استمر في دفع راتبها لأشهر طويلة.

على الرغم من أن التحقيقات أسفرت عن إدانة محمد المسعري سريعاً، إلا أن الملك فهد رحمه الله استجاب لوساطة من وزير التعليم العالي حينها الشيخ حسن آل الشيخ تقديراً لوالد المسعري الكبير في السن ولسابق علمه، بالطبع الملك فهد عفا عنه -كما هو العهد في ملوك وقادة هذه البلاد- استجابة لمكانة الشيخ حسن وتقديراً لوالد المسعري.