-A +A
طارق الحميد
هناك سياق لا ينقطع بطريقة تعامل المؤدلجين، ومن يتعاطف معهم، والمتحولين، والمخادعين، أو المتلونين، سمهم ما شئت، مع التغطيات الإخبارية، والقرارات المهمة، التي تكشف نهج الأصوليين، ومواقف تركيا وقطر وإيران.

السياق نفسه مستمر، ولا ينقطع، ويستطيع ملاحظته كل صحافي محترف، ومنذ أحداث 11 سبتمبر الإرهابية بأميركا، وما تلتها من أعمال إرهابية في السعودية، والمنطقة، مروراً بسقوط صدام حسين في 2003، ثم اغتيال رفيق الحريري، وبعدها حرب 2006 في لبنان، وما عرف بالربيع العربي، وإلى تجريم الإخوان المسلمين، وحتى التعامل مع أشرطة القذافي المسربة الآن، أو الغزو التركي لليبيا.


هو نفس السياق بردود الأفعال، ومحاولة تبسيط الأخبار، وتسطيح الآراء الجادة التي تفند مواقف تلك الجماعات أو الدول المعادية، ردود أفعال المؤدلجين، أو الحركيين، ومن يتعاطف معهم من المتحولين، أو المخادعين، هي نفسها، وأنا أتحدث هنا عن ما قبل الربيع العربي، وقبل اغتيال الحريري، بل من بعد 11 سبتمبر، وللآن، وسجل لديك عزيزي القارئ:

إذا تحدثت عن إيران، وجرائمها قيل: لكن لا تنسى إسرائيل، أو «ما عندك إلا إيران»؟ وإذا تحدثت عن خطورة الإرهاب، قيل: لكن لا تستفزوهم. وعندما تقول إن بشار الأسد مجرم، مثله مثل حزب الله، يقال لك: لكنهم يمثلون الممانعة والمقاومة!

وإذا تحدثت عن عبث وغدر حماس، قيل: إنهم يتصدون لإسرائيل، وثبت كذب ذاك مراراً وتكراراً. وحال ما كشفت خطر المخططات الإخوانية، وقبل الربيع العربي، يقال: «أشغلتنا بالإخوان». ثم يقال لك: أليس لديكم قصة غير حزب الله؟ تحدثهم عن خطر قطر، ومنذ سنين طويلة، يقال: إنهم أبناء عم، وثبت للجميع أنه احذر حيث تأمن.

تقول أردوغان يتاجر بقضايانا، فيقال: لكن لديه منجز اقتصادي، تدور الأيام ويغزو أردوغان ليبيا، والعراق، وسوريا، فيقال لك: أوليس لديك موضوع غير أردوغان؟ تتكشف يومياً أسرار أشرطة القذافي، وحجم التآمر على السعودية، ويقال لك: أشغلتونا بقصة الأشرطة!

تتحدث عن أدلة دامغة، وأحداث مثبتة، ثم يقال لكن أسلوب التغطية غير محترف، أو أسلوب الكتابة غير واضح، أو يقال: لو قلت كذا، ولم تقل ذاك! وإذا أصبت وأوجعت قيل: كان أمراً متوقعاً، ولا نستغرب، ولكن...! أو يقال: علق دون قراءة الموضوع، أو يقال: كلامه صحيح، لكنه حاد.

والأدهى أنه بعد ثبوت كل ما تقول لا يقال إنك كنت محقاً، أو لديك فهم وبعد نظر، بل يقال المشكلة أنك سبقت الناس بمواضيع لم تكشف بعد! وكأنك لست صحافياً تبحث وتجمع المعلومات وترصد وتحلل. وعليه، هذا دليل التعرف على المؤدلجين والمتلونين، والمتحولين، والمخادعين، لمن لا يريد أن ينخدع.