رسمياً، أُعلن فشل مفاوضات الفرصة الأخيرة، بين أطراف أزمة سد النهضة الثلاثة، وما كان لها إلا أن تفشل. بعد إعلان أثيوبيا بدء عملية ملء السد، أضحت مصرُ هي المتضرر الرئيس الوحيد، عقب إعلان السودان أنه مستفيدٌ من بناءِ السد، مائياً وكهربائياً! لتبقى مصر وحدها في مواجهة أخطر تهديدٍ استراتيجيٍ يواجهها وجودياً، منذ أكثر من سبعة آلاف سنة.
للإنصاف: جربت مِصْرُ كلَ بدائلِ الدبلوماسية الناعمة المتاحة للتعاملِ مع الأزمة.. وطَرَقت القاهرةُ كلَ السبلِ والقنواتِ الإقليمية والدولية.. وأعلنت تفهمها، حتى أنها عرضت مساعدتها الفنية، متعاطفةً مع حاجة أثيوبيا للطاقة الكهربائية، رغم حاجة مِصْرَ المتزايدة للمياه وبلوغها حد الفقر المائي، مقابل موافقة أثيوبيا مَدَ فترةِ الملءِ وتدرجها وتنظيم تدفق المياه من وإلى السد. لقد أبدت مِصْرُ صبراً وحُسْنَ نيةٍ في تعاطِيها مع الأزمة، بينما لم يراعِ الطرفُ الآخرُ متطلباتِ حسنِ الجوارِ والعلاقات التاريخية بين دولِ حوض النهر.
العالمُ، في حقيقةِ الأمر، لا تهمه قضايا السلام والأمن، بقدر ما يهمه الاستقرار، وبأي ثمن. العالم لا يتحركُ، إلا في حالةِ الشعورِ بحالةِ من عدمِ الاستقرار، تشكل تهديداً مباشراً لتوازن النظام الدولي. لن يفيدَ مِصَرَ، من الناحيةِ الاستراتيجية، حملَ ملفِ القضيةِ، مرةً أخرى، لمجلسِ الأمنِ.. ولا للاتحادِ الأفريقي، ولا حتى الجامعة العربية. فشل مفاوضاتِ الفرصةِ الأخيرةِ، وبدء ملء السد، معناه: دَقُّ المسمارِ الأخيرِ في نعشِ الحلِ الدبلوماسي، بنسختِهِ الناعمة.
على مِصْرَ، في هذهِ المرحلةِ، أن تبدأ بإصرارٍ وعزيمةٍ ماضية، باتخاذِ إجراءاتٍ عمليةٍ، لإقناعِ العالمِ أن بدءَ أثيوبيا ملءَ السدِ، تمهيداً لدخوله الخدمة بطاقته الكاملة، دون التوصل لاتفاقٍ ملزمٍ، لا يعدو كونه خطراً وشيكاً وناجزاً على استقرار النظامين الإقليمي والدولي.. وأن القاهرةَ لن تَبقى المتضررَ الوحيدَ من بناءِ السد... وسوف تلجأ، إن لم تكن قد بدأت فعلياً، وبنفسها، في اتخاذ كافةِ التدابيرِ اللازمةِ لحمايةِ حقوقِها التاريخيةِ في نصيبِها من مياهِ النهر، دفاعاً عن أمنها القومي.. وذوداً عن بقائها الوجودي.
لابد أن تُشْعِرَ القاهرةُ العالمَ بأولويةِ قضيةِ سدِ النهضةِ لأمنِها ووجودهِا، مقارنةً بكلِ التحدياتِ الاستراتيجيةِ، التي واجهتها تاريخياً، ويمكن تواجهها مستقبلاً. على القاهرة أن تُقنْعَ العالمَ، بالذات أديس أبابا، أنها جادةٌ بالفعلِ لاتخاذِ كلِ ما يَلزمُ لتحقيقِ أهدافِها من إدارةِ الأزمة، وهي في هذا لا تستثني أي تدابير في هذا الشأن، مهما بلغت تكلفتها.. وعَظُمَت خطورتها. على القاهرة، أيضاً أن توضح للعالم، على كافةِ المستوياتِ الرسميةِ والشعبيةِ، بأن الدولةَ، بمواردِها وإمكاناتِها وإرادةِ شعبها وتصميم قيادتها وعزيمة نُخَبِها السياسية، مجندةٌ للمضيِ في أقسى الطرقِ وعورةً وأشدها خطورةً، للدفاعِ عن أمنها ووجودها.
عندها العالم، سيشعرُ بعاملِ عدمِ الاستقرارِ في الأزمة.. ويبادرُ بالاتصالِ بالقاهرة، لتخفيفِ حدةِ التوترِ ونزعِ فتيلِ الأزمة، للبحثِ عن حلٍ مُرضٍ للجميع... وإلا فإن عواقب تجاهلِ حقوقَ مِصْرَ الطبيعيةِ والتاريخيةِ في مياه ِالنيل، ستكون وخيمة على استقرارِ المنطقةِ والعالم.
للإنصاف: جربت مِصْرُ كلَ بدائلِ الدبلوماسية الناعمة المتاحة للتعاملِ مع الأزمة.. وطَرَقت القاهرةُ كلَ السبلِ والقنواتِ الإقليمية والدولية.. وأعلنت تفهمها، حتى أنها عرضت مساعدتها الفنية، متعاطفةً مع حاجة أثيوبيا للطاقة الكهربائية، رغم حاجة مِصْرَ المتزايدة للمياه وبلوغها حد الفقر المائي، مقابل موافقة أثيوبيا مَدَ فترةِ الملءِ وتدرجها وتنظيم تدفق المياه من وإلى السد. لقد أبدت مِصْرُ صبراً وحُسْنَ نيةٍ في تعاطِيها مع الأزمة، بينما لم يراعِ الطرفُ الآخرُ متطلباتِ حسنِ الجوارِ والعلاقات التاريخية بين دولِ حوض النهر.
العالمُ، في حقيقةِ الأمر، لا تهمه قضايا السلام والأمن، بقدر ما يهمه الاستقرار، وبأي ثمن. العالم لا يتحركُ، إلا في حالةِ الشعورِ بحالةِ من عدمِ الاستقرار، تشكل تهديداً مباشراً لتوازن النظام الدولي. لن يفيدَ مِصَرَ، من الناحيةِ الاستراتيجية، حملَ ملفِ القضيةِ، مرةً أخرى، لمجلسِ الأمنِ.. ولا للاتحادِ الأفريقي، ولا حتى الجامعة العربية. فشل مفاوضاتِ الفرصةِ الأخيرةِ، وبدء ملء السد، معناه: دَقُّ المسمارِ الأخيرِ في نعشِ الحلِ الدبلوماسي، بنسختِهِ الناعمة.
على مِصْرَ، في هذهِ المرحلةِ، أن تبدأ بإصرارٍ وعزيمةٍ ماضية، باتخاذِ إجراءاتٍ عمليةٍ، لإقناعِ العالمِ أن بدءَ أثيوبيا ملءَ السدِ، تمهيداً لدخوله الخدمة بطاقته الكاملة، دون التوصل لاتفاقٍ ملزمٍ، لا يعدو كونه خطراً وشيكاً وناجزاً على استقرار النظامين الإقليمي والدولي.. وأن القاهرةَ لن تَبقى المتضررَ الوحيدَ من بناءِ السد... وسوف تلجأ، إن لم تكن قد بدأت فعلياً، وبنفسها، في اتخاذ كافةِ التدابيرِ اللازمةِ لحمايةِ حقوقِها التاريخيةِ في نصيبِها من مياهِ النهر، دفاعاً عن أمنها القومي.. وذوداً عن بقائها الوجودي.
لابد أن تُشْعِرَ القاهرةُ العالمَ بأولويةِ قضيةِ سدِ النهضةِ لأمنِها ووجودهِا، مقارنةً بكلِ التحدياتِ الاستراتيجيةِ، التي واجهتها تاريخياً، ويمكن تواجهها مستقبلاً. على القاهرة أن تُقنْعَ العالمَ، بالذات أديس أبابا، أنها جادةٌ بالفعلِ لاتخاذِ كلِ ما يَلزمُ لتحقيقِ أهدافِها من إدارةِ الأزمة، وهي في هذا لا تستثني أي تدابير في هذا الشأن، مهما بلغت تكلفتها.. وعَظُمَت خطورتها. على القاهرة، أيضاً أن توضح للعالم، على كافةِ المستوياتِ الرسميةِ والشعبيةِ، بأن الدولةَ، بمواردِها وإمكاناتِها وإرادةِ شعبها وتصميم قيادتها وعزيمة نُخَبِها السياسية، مجندةٌ للمضيِ في أقسى الطرقِ وعورةً وأشدها خطورةً، للدفاعِ عن أمنها ووجودها.
عندها العالم، سيشعرُ بعاملِ عدمِ الاستقرارِ في الأزمة.. ويبادرُ بالاتصالِ بالقاهرة، لتخفيفِ حدةِ التوترِ ونزعِ فتيلِ الأزمة، للبحثِ عن حلٍ مُرضٍ للجميع... وإلا فإن عواقب تجاهلِ حقوقَ مِصْرَ الطبيعيةِ والتاريخيةِ في مياه ِالنيل، ستكون وخيمة على استقرارِ المنطقةِ والعالم.