-A +A
منى المالكي
يعتبر البحث العلمي أحد المحددات الأساسية للتنمية الشاملة، فلا يمكن فهم مسألة البحث العلمي إلا بارتباط وثيق وعضوي بمسألتين مهمتين هما العلم والتكنولوجيا، ونتيجة للإدراك الواعي للدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه البحث العلمي في النهوض بعملية البناء الاجتماعي والاقتصادي قامت العديد من الجامعات في البلدان المتقدمة بإعادة النظر في بنائها الوظيفي والتنظيمي ليصبح البحث العلمي ليس مجرد إحدى المهام والوظائف الرئيسة، بل الوظيفة المحورية للبحث العلمي.

ومع إعلان استقلال ثلاث جامعات سعودية يبرز البحث العلمي كأحد الرهانات المهمة للنهوض بمهمة رؤية 2030 بل وبمهمة معقدة وحاسمة وهي بناء الوعي في أهمية البحث العلمي لإصلاح وتطوير المجتمعات فكرياً وثقافياً واقتصادياً، فلا يمكن العمل على إستراتيجيات لتطوير سوق العمل مثلاً من خلال شركات استشارية تأتي من خلف البحار وترصد لها ميزانيات فلكية وهي تعتمد على استبيانات فردية ثم تقدم خططاً لم تراعِ فيها احتياجاتنا الفعلية ولا خصوصيتنا الثقافية والمجتمعية ولا نموذجنا الاقتصادي القائم على معايير مختلفة تماماً عن مجتمعات أوروبية أو آسيوية!


إن أي تقدم اقتصادي لا ينشأ من فراغ وإنما هو في الأصل فكرة بدأت وتجربة درست ومن ثم ظهرت لأرض الواقع كمنتج، لذلك هي إمكانيات المعامل ومراكز البحوث والجامعات التي هي بيوت الخبرة الأولى، لذلك ليس من المستغرب أن يكون هناك شراكة، لأن معامل البحث والتطوير هي الجامعات ومؤسسات التعليم العالي.

والبحث العلمي لا يقتصر على حاجات سوق العمل فقط، فهذا يهمل جوانب اجتماعية وثقافية مهم دعمها، والاهتمام بها يثري الجانب الاقتصادي ويطوره؛ لذلك قياس الرأي العام والأبحاث في الدراسات الاجتماعية والثقافية ذراع قوية ومهمة في الاهتمام بالبحث العلمي.

كاتبة سعودية