رغم التوافق الظاهري والمتمثل في محاولات إظهار التشيع العراقي كتابع للقرار الشيعي السياسي الإيراني، إلا أن الخلافات كبيرة جداً وكذلك التباعد الفكري والسياسي بين المرجعية الشيعية في النجف -وهي المركزية الأصيلة التشيع العربي- والمرجعية الفارسية في قم، والتي زحفت وتمددت بسبب التغول السياسي الفارسي في الدول العربية، في ظل تساقط الدول العربية على يد الفوضى برعاية اليسار الغربي في ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد!
الانكسار العربي في دول القومية العربية ومنه الانحسار العراقي على المستوى السياسي وتبعه تقوقع مذهبي داخلي متأثراً بالصراع العربي الفارسي، يأتي ذلك في خضم انكماش للخطاب المعتدل مقابل تمدد للخطاب الأصولي المتطرف في جميع المذاهب بلا استثناء، ورغم ذلك بقي الصراع قائماً بين المرجعيات الفارسية والعربية الشيعية على مركزية الفتوى والمرجعية الفقهية.
في العام المنصرم زاد التجاذب في الداخل الإيراني بين التيار الإصلاحي متمثلاً في الرئيس الشكلي للجمهورية الإيرانية، والتيار المتشدد والحاكم الفعلي للدولة متمثلاً في الأولي الفقيه خامنئي، ورغم ذلك حاول التيار الإصلاحي تثبيت أقدامه في التنافس الداخلي من خلال لقاء المرجعيات الشيعية في العراق، من خلال لقاء روحاني لكلٍ من السيستاني والحكيم والفياض والنجفي، وكان مكتب السيستاني ذكر أن المرجع الأعلى «رحب بأي خطوة لتعزيز العلاقات مع دول الجوار على أساس احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية» ويأتي هذا التصريح ضمن سياق التنافس المرجعي ونبذ المد الفارسي نفوذه السياسي والمذهبي، ويعتبر تقدماً للتيار الإصلاحي الذي يعاني الأمرين في مواجهة الأصوليين الموالين للفقيه وفي محاولة تخفيف دكتاتورية الفقيه وحزبه الحاكم بفتح نوافذ مرجعية خارجية لاسيما أن كانت في قداسة النجف بالنسبة للتيار الشيعي.
ختاماً، قد يختلف الأصوليون والإصلاحيون في النظام الإيراني على آلية التمدد وتنازع السلطة الداخلي ولكن لا يختلفون كثيراً في أبجديات السياسة الخارجية تجاه الدول العربية والمنطقة، وهي من الثوابت المستوحاة من منهج الثورة في الدستور الإيراني ولكن كلنا أمل أن يبقى العراق في ثوبه العربي بكل تنوعاته وأن يتخلص من الإرهاب السياسي الإيراني قريباً، بقي أن أشير إلى اطلاعي على تقرير معهد رصانة عن الشأن الإيراني لعام 2019م وهو التقرير الإستراتيجي الرصين الذي ما أفدت منه ومن مراجع متعددة في مقالي هذا وأضعه بين يديكم للتحليل والفهم الأعمق.
كاتب سعودي
A_ALTHABTY@
الانكسار العربي في دول القومية العربية ومنه الانحسار العراقي على المستوى السياسي وتبعه تقوقع مذهبي داخلي متأثراً بالصراع العربي الفارسي، يأتي ذلك في خضم انكماش للخطاب المعتدل مقابل تمدد للخطاب الأصولي المتطرف في جميع المذاهب بلا استثناء، ورغم ذلك بقي الصراع قائماً بين المرجعيات الفارسية والعربية الشيعية على مركزية الفتوى والمرجعية الفقهية.
في العام المنصرم زاد التجاذب في الداخل الإيراني بين التيار الإصلاحي متمثلاً في الرئيس الشكلي للجمهورية الإيرانية، والتيار المتشدد والحاكم الفعلي للدولة متمثلاً في الأولي الفقيه خامنئي، ورغم ذلك حاول التيار الإصلاحي تثبيت أقدامه في التنافس الداخلي من خلال لقاء المرجعيات الشيعية في العراق، من خلال لقاء روحاني لكلٍ من السيستاني والحكيم والفياض والنجفي، وكان مكتب السيستاني ذكر أن المرجع الأعلى «رحب بأي خطوة لتعزيز العلاقات مع دول الجوار على أساس احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية» ويأتي هذا التصريح ضمن سياق التنافس المرجعي ونبذ المد الفارسي نفوذه السياسي والمذهبي، ويعتبر تقدماً للتيار الإصلاحي الذي يعاني الأمرين في مواجهة الأصوليين الموالين للفقيه وفي محاولة تخفيف دكتاتورية الفقيه وحزبه الحاكم بفتح نوافذ مرجعية خارجية لاسيما أن كانت في قداسة النجف بالنسبة للتيار الشيعي.
ختاماً، قد يختلف الأصوليون والإصلاحيون في النظام الإيراني على آلية التمدد وتنازع السلطة الداخلي ولكن لا يختلفون كثيراً في أبجديات السياسة الخارجية تجاه الدول العربية والمنطقة، وهي من الثوابت المستوحاة من منهج الثورة في الدستور الإيراني ولكن كلنا أمل أن يبقى العراق في ثوبه العربي بكل تنوعاته وأن يتخلص من الإرهاب السياسي الإيراني قريباً، بقي أن أشير إلى اطلاعي على تقرير معهد رصانة عن الشأن الإيراني لعام 2019م وهو التقرير الإستراتيجي الرصين الذي ما أفدت منه ومن مراجع متعددة في مقالي هذا وأضعه بين يديكم للتحليل والفهم الأعمق.
كاتب سعودي
A_ALTHABTY@