-A +A
حمود أبو طالب
ما حدث في بيروت ليس إلا أحد أعراض المرض العضوي المزمن في المنطقة، المرض الذي بدأ في طهران مع وصول طائرة الخميني قبل 40 عاما، وبدأ منذ تلك اللحظة في نشر ميكروباته الخبيثة في كل الاتجاهات، وتكوين بؤر مسمومة في أكثر من بلد تهدد أمن الشعوب بالإرهاب والفوضى وهدم المنظومات السياسية والمدنية، والقفز على السلطة بأساليب العصابات، والتحكم في المقدرات والقرارات، لتثبيت وشرعنة عقيدة تصدير ثورة التخلف، وخيال السيطرة على الدول المجاورة عن طريق الكيانات المليشياوية التي أنشأتها.

ولذلك إذا أريد لهذه المآسي أن تنتهي فلابد من معالجة المرض الأساسي علاجاً استئصالياً كاملاً، وإلا لن يتغير شيء. في لبنان على سبيل المثال لن تكون هناك نتيجة من المساعدات والمعونات والتعاطف الدولي والتنديد بتفجير بيروت طالما حزب الله الإيراني يسيطر على لبنان ويتحكم فيه، وقد أثبتت ذلك أحداث سابقة لا تقل سوءاً عن الانفجار. ولكن هل هذا المجتمع الدولي لديه نية لتخليص البلدان المنكوبة بالتدخل الإيراني. لا يبدو ذلك، بل المؤكد أنه لا يريد.


لقد أصدر مجلس الأمن قراراً سابقاً بحظر نقل الأسلحة من وإلى إيران ولكن رغم ذلك استمرت في إرسال الأسلحة إلى مليشيا الحوثي في اليمن على مرأى من كل العالم وبوجود ممثلي الأمم المتحدة ولجانها الرقابية، والحال نفسه في العراق وسوريا، وأما في لبنان فقد تحول حزب الله إلى مصنّع للأسلحة المدمرة التي ترسلها إيران إلى الخارج بعد تخزين ما يكفي لاستخدامات الداخل. وحسناً فعلت مجموعة دول مجلس التعاون الخليجية بإرسال طلب إلى مجلس الأمن مؤخراً لتمديد حظر نقل الأسلحة من وإلى إيران الذي سينتهي في 18 أكتوبر القادم، ولكن حتى لو تم تمديد قرار الحظر فليس هناك نتيجة ترجى مع التساهل الفاضح في تطبيقه كما حدث.

تكفي أربعون عاماً لإثبات خطأ الرهان الغربي على نظام الملالي مهما كانت الإستراتيجية خلف ذلك الرهان، الحرائق التي أشعلها والخراب الذي تسبب فيه أصبح لا يطاق، وها هو يتنمّر حتى على صانعيه ورعاته. يجب أن تتوقف هذه الازدواجية المقيتة التي نعيشها عندما يلهج المجتمع الدولي بضرورة إحلال السلم والاستقرار والتنمية في بلدان العالم وفي الوقت نفسه يقف متفرجاً على نظام مشروعه الوحيد الإرهاب والتدمير والعودة بالشعوب إلى عصور الظلام.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com