-A +A
منى العتيبي
في مقطع تداوله المغردون في موقع التواصل الاجتماعي تويتر عن شخص مشارك في مسابقة أعتقد بأنها سباق الإبل، اسمه سفاح سأله المذيع عن ردة فعل جمهوره والعكس فأجاب:

«إن جزت جزت لنفسي وإن ما جزت ماجزت لنفسي» ثم بادره بسؤال آخر: مَن يقيم سفاح؟ فأجابه: سفاح!


وطار المغردون بأقواله استشهادًا على الثقة في النفس والاعتتاد بها، وإلى هنا لا بأس لأن الثقة في النفس هي أول سلم النجاح والسير في دروب الحياة وتحمل مشاقها والانتصار على عثراتها ولكن أن يعيش الإنسان في عين نفسه ولايرى إلا نفسه فهو هنا لا يفقد الحياة ومشاهدها ولا يتمتع في اختلافها واتفاقها إنما يفقد نفسه قبلها!

الإنسان الذي يعيش على رؤية نفسه بنفسه دون الاستعانة برؤى الآخرين هو إنسان جامد لا يتطور ولا يتحرك في كل الاتجاهات؛ بل يظل حبيس اتجاه واحد يراه الصحيح ولا يبرح عنه. وصحيح بأن الإنسان الحاذق هو من يقيم نفسه أولًا ويكتشف مواطن وهنه ومواطن قوته ومن ثم يسير نحو الطريق السليم.. ولكن هل الجميع يستطيع فعل ذلك؟ ولديه مَلَكة التقييم لذاته أم لا يرى إلا ما يرى فرعون؟!

وما أكثر سفاح في مؤسساتنا ونصادفهم كل مرّة في مكاتبنا، وبسببهم تتعطل أكثر الأعمال وتقع المؤسسات في مأزق المشكلات والصراعات؛ حيث نجد القائد الذي يضع في أذنيه قطنًا من صخر ولا يسمع ولا يستشير إلا نفسه وعندما يريد أن يخرج من نفسه يذهب لآخرين يشبهونه تمامًا ويطلبهم المشورة التي أصلًا، هو يثق مسبقًا بأنه ستأتي وفق هواه ورؤيته الخاصة، هذا النوع من القادة هم أكبر عقبة تقود المؤسسة إلى الخلف، وغالبًا هم قطّاع طرق التطوير والتجديد والتنمية في المجتمعات المهنية، ومثلهم أيضًا الموظفون الّذين يرفضون الاستماع إلى مديريهم ولا يصدقون بأن لديهم عيوباً مهنية وينبغي عليهم تطوير مهاراتهم، هؤلاء الموظفون تعرفهم بسيماهم، تجدهم في كلامهم (الأنا) مرتفعة ومتقدمة، وبعد إنجازهم الأعمال المكلفين بها يتحسسون من التوجيه والتصحيح ويأخذون العمل ويردونه إليك كما هو؛ لأنهم لا يسمعون إلا أنفسهم وحالهم تمامًا مثل: مَن يقيّم سفاح؟ سفاح!

ختامًا.. تفقدوا سفاح أنفسكم حتى لا تنغلقوا على أنفسكم وتفوتكم متعة الحياة في تجاربها المختلفة والمرهونة على النجاح والخسارة وتمركم الرّيح دون مواجهة.

كاتبة سعودية

monaotib@

Mona.Mz.Al@Gmail.Com