-A +A
أروى المهنا
تعتبر «اليونسكو» (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، أن التطهير الثقافي يسعى لتدمير الهوية وانتهاك حقوق الإنسان، وما حدث في بيروت قبل أيام من انفجار هائل

في مخزن بمرفأ بيروت، وأدى إلى دمار كبير للمباني والممتلكات، ناهيك عن الأرواح التي فقدت وآلاف الجرحى، يعتبر أيضاً تطهيراً ثقافياً، كيف لا، وأبرز المعالم الثقافية لبيروت تأثرت


من الانفجار، من منطقة الأشرفية والحمراء وحتى ساحة السوديكو وشارع فردان.

لم يكن يعلم الرئيس الراحل رفيق الحريري أن جهده في محاولة جعل بيروت باريس العرب من خلال إعادة إعمارها، ستذهب سدى جراء الانفجار.

يعتبر شارع فردان في المرتبة الثالثة عربياً، والـ48 عالمياً، ضمن لائحة أغلى الشوارع التجارية الرئيسية في العالم حيال قيمة الإيجارات التجارية. شكّل شارع فردان في مطلع التسعينات، عامل استقطاب للسياح العرب والأجانب الذين يقصدون العاصمة بيروت، إذ يتميز باحتوائه على أهم المتاجر والمحال التجارية العالمية.

بينما تتميز منطقة الأشرفية بكونها منطقة تجارية مهمة، إضافة لكونها عاملا مهما لجلب المستثمرين والسياح. والأشرفية معروفة بأنها واحد من أهم مراكز التسوق في لبنان. ويعود معنى اسم الأشرفية في اللغة إلى المكان العالي، ومن هنا قال بعض الذين تحدثوا عن هذه المنطقة من المؤرخين، إنها اكتسبت اسمها من طبيعة تكوينها الجيولوجي، ذلك أنها تشتمل على الهضبة العالية التي تقع إلى الشرق من مدينة بيروت.

كما طال الانفجار أيضاً، متحف قصر سرسق وهو قصر أثري لبناني مهم، بل إن مرفأ بيروت بحد ذاته يعتبر من أقدم المرافئ على البحر المتوسط، وهو معروف منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد.

بيروت كانت وستزال ملتقى الحضارات ومهد الثقافات، بيروت التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5000 عام، والتي مرت عليها حضارات وثقافات مختلفة وثرية، نتعلم منها كل يوم كيف نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا.

قدر بيروت أن تكون كطائر الفينيق، نعم طائر الفينيق الذي يعود كل مرة ليحلق عالياً من تحت الرماد. مسؤوليتنا اليوم كمحبين للبنان أن نعمل على إثراء النشاط الثقافي لدينا بالثقافة اللبنانية، أن نعود لبيروت الثقافة، بأماكنها، أحيائها، كتابها، شعرائها، روائييها، وحتى فنانيها، لا وقت أفضل من هذا الوقت لنعيد إحياء بيروت في ذاكرة الثقافة والفن والموسيقى.

arwa_almohanna @