-A +A
أروى المهنا
هكذا بدت وكأنها (جريمة) اقترفتها جامعة الأميرة نورة فور إعلانها عن إدراج تخصص جديد في مرحلة الماجستير والذي يُعنى بدراسات المرأة، هكذا جاءت بعض الردود بوصفها (جريمة) لا تُغتفر بل تعمل على انحلال المرأة ووضعها ضمن إطار يهدف لزعزعة ثوابتها، وصفوه بأنه برنامج (إلحادي)، يرسخ طغيان النسوية (المسترجلة)!، بل حتى أنه أصبح برنامجاً يعنى بـ (فنون الإجهاض)، المعذرة من القراء الأفاضل لكن جميع ما سبق ما هو إلا غيض من فيض من سيل اتهامات، أترفع عن إعادة نشرها جميعها، اتهامات مفزعة ومتوقعة شرع بها الرأي الآخر ممن يرعبهم أن يكون هناك برنامج جامعي يمنح درجة علمية في دراسات المرأة من جامعة حكومية عريقة أسسها قادة هذا الوطن العظام، وهذا التخصص أعني «دراسات المرأة» تخصص علمي اجتماعي له مدارسه وأساتذته بل الكثير من سيدات الوطن وقادته يحملن درجات علمية من أرقى الجامعات بهذا التخصص، للأسف أن هذه الردود المخيفة وصلتني فور نشر تغريدة عبر حسابي في تويتر بنوعية هكذا تخصص لدينا في المملكة العربية السعودية ومدى اهتمام الجامعات بهذا التخصص الذي لا يعني بأي شكل بأنه تخصص مجرم بل سبق أن أوضحت حقوق الإنسان موقف الدولة من المفاهيم العلمية الخاصة بالمرأة والتي تهتم وتعزز المعرفة وتدعمها.

حينما اتخذ الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل على عاتقه نشر ثقافة الرأي الآخر، وهو من أوائل الفلاسفة الذين نادوا بحرية التعبير كان يقول: «إذا كان كل البشر يمتلكون رأياً واحداً وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأياً مخالفاً فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة»، نعم فالتفاعلات الاجتماعية المبنية على احترام الآراء المختلفة تخلق بيئة حياتية صحية تساهم في تطوير المعرفة في المجتمع وهذا شيء لايمكن إنكاره بل يجب أن نساهم في تعزيز فكرة تقبل الرأي الآخر واحترامه ومناقشة صاحبه بكل ما يلزم من لباقة وآداب حوار مع الآخر، ولا يخفى علينا جميعاً ما قاله الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 2003 عندما كان أميراً للرياض في حفل إعلامي تحت رعايته حفظه الله قال «الكلمة المسؤولة التي يقولها الإنسان وهو يعرف ويتحمل مسؤوليتها أمام الله قبل كل شيء، إنني أحترم صاحب الرأي وإن خالفني فيه، ولي أصدقاء كثيرون من أصحاب الكلمة ولو اختلفت معهم في الرأي فالصداقة تبقى والاحترام يبقى ما دام الإنسان يقول الكلمة وهو مؤمن بها» الرأي الآخر الذي يحفظ عفة اللسان لا العكس.


وللغاضبين الحانقين ومن لم يفهم الثقافة الجديدة التي تسعى إلى تبنيها جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن من خلال إدراجها البرنامج الجديد «دراسات المرأة» ولم يكلف نفسه بالبحث قليلاً، فهو برنامج علمي يسعى أن يواكب رؤية المملكة 2030، من خلال تمكين المرأة للمناصب القيادية. برنامج نوعي حيث يركز على تأهيل الملتحقات فيه ليكن قياديات قادرات على تحديد ودراسة تحديات مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية واقتراح الحلول التنظيمية والتشريعية وصياغة المبادرات التي تساهم في تحقيق هدف رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، شكراً للجامعة ومنسوبيها وكل من يحاول أن يصنع تغيراً رغم التحديات، وليس كما أسقطتم من تهم ومهاترات لا طائل منها بل هي نقطة تحول معرفي تحسب لهذه الجامعة العريقة أن تتخصص بها كونها من الجامعات التي تهتم بواقع المرأة السعودية بقيادة امرأة سعودية وهذا ما يحدث حينما يعلو صوت العلم فوق الجهل، أخيراً ونقطة الشرارة يا عزيزي القارئ أن اغتيال الخطاب السعودي المعتدل والمتزن حول قضايا المرأة هو ما جعل الخطابات الممجوجة والمتطرفة والمشوهة والتي لا تمت لواقع السعوديات بصلة تصعد للإعلام المعادي، نعم إن التعامي والتجاهل أمر كانت تعززه العقول المتطرفة لكن في عهد سيدي ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان لا صوت يعلو فوق صوت العلم والتنمية ولا وقت لدينا للمزيد من التطرف.

arwa_almohanna @