في مقابلة تلفزيونية أجراها رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كلشدار أوغلو، وفي حديثه عن السياسة الخارجية التركية قال: من هؤلاء الإخوان الذين نعادي مصر من أجلهم؟ وبمقدار بساطة السؤال فإنه يلقي مزيدا من الضوء على علاقة ملتبسة لطالما حكمت العلاقة بين رجب طيب أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين. وعندما نتحدث عن تلك العلاقة فنحن لا نشمل حزب العدالة والتنمية وإنما الجناح المحافظ أو الإخونجي في الحزب وعلى رأسهم الرئيس التركي. ولعل نشأة حزب العدالة منذ البداية كانت تحتمل هذا الانقسام الذي نشهده اليوم. تجربة الإسلام السياسي التي قادها على مدى عقود نجم الدين أربكان وصلت إلى نهاياتها في نهاية الألفية الثانية وأصبح من الواضح أن هذه التجربة فشلت في التلاؤم مع الدولة الأتاتوركية، لذلك فإن أربكان أنشأ أحزابا عدة تتفق في الجوهر وتختلف في التسمية، فكانت النهاية أن تيار الإخوان فشل في الدخول إلى المنظومة السياسية التركية حتى وإن أنشأ أربكان تحالفا سياسيا مع أحزاب أخرى ودخل الحكومة. الذين أسسوا حزب العدالة كانوا فئتين، الأولى إخوانية تسير على نهج أربكان وتريد المحافظة على الجوهر القطبي الإخواني والثانية كانت ترى ضرورة الخروج من فكر الإخوان وإعطاء نموذج للأحزاب المحافظة وترى أن الحزب يمثل ذلك الخروج. وكما هي العادة الإيرانية والإخوانية على حد سواء فقد استخدم تيار الإخوان في حزب العدالة التقية، فبدا كالحمل الوديع في التعامل مع الدولة الأتاتوركية العميقة وحتى مع أعضاء الحزب المدنيين وكذلك مع الغرب وعلى رأسه أوروبا.
عندما اجتاحت موجة ما يسمى الربيع العربي العالم العربي وجدها أردوغان سانحة لإبعاد كل أولئك الذين آمنوا بالتجربة التركية والذين كانوا من قيادات وأعمدة حزب العدالة. بدأ ذلك مع أقرب المقربين إلى أردوغان وهو الرئيس السابق عبدالله غول، فأبعده عن الحكم وهمشه، ثم توالت الأسماء حتى لم يبق في صفوف الحزب سوى أولئك الذين يدينون بالإخوانية كأيديولوجيا ويدينون بالولاء لأردوغان كزعيم. وهنا لم تعد جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية خارج الحدود التركية، بل أصبحت تتربع على الحكم كجماعة باطنية وكأيديولوجيا سياسية وكزعيم نفخه الإخوان وتضخم حتى ابتلع تركيا بالمعنى الرمزي لتلك الجماعة. إلا أن العلاقة بين الطرفين تجاوزت المنحى الداخلي التركي وتحولت إلى نموذج إيراني جديد، فبينما إيران تعتمد على جماعات دينية وأحزاب أيديولوجية مذهبية في محاولتها للهيمنة على دول الجوار ومحاولة تمزيقها اجتماعيا، فإن أردوغان اعتمد نفس المنهج الإيراني من خلال الاعتماد على الأحزاب التي تدور في الفلك الإخواني، فأصبح هؤلاء أدوات أردوغان في سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال وغيرها. العلاقة بين أردوغان والإخوان أصبحت علاقة مصيرية فهم إما أن يبقوا سويا أو يرحلوا سويا، لذلك فإن الرئيس التركي مستعد أن يعادي مصر وغيرها في سبيل الإخوان فهم أركان حكمه وهو ولي نعمتهم.
باحث سياسي
ramialkhalife@
عندما اجتاحت موجة ما يسمى الربيع العربي العالم العربي وجدها أردوغان سانحة لإبعاد كل أولئك الذين آمنوا بالتجربة التركية والذين كانوا من قيادات وأعمدة حزب العدالة. بدأ ذلك مع أقرب المقربين إلى أردوغان وهو الرئيس السابق عبدالله غول، فأبعده عن الحكم وهمشه، ثم توالت الأسماء حتى لم يبق في صفوف الحزب سوى أولئك الذين يدينون بالإخوانية كأيديولوجيا ويدينون بالولاء لأردوغان كزعيم. وهنا لم تعد جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية خارج الحدود التركية، بل أصبحت تتربع على الحكم كجماعة باطنية وكأيديولوجيا سياسية وكزعيم نفخه الإخوان وتضخم حتى ابتلع تركيا بالمعنى الرمزي لتلك الجماعة. إلا أن العلاقة بين الطرفين تجاوزت المنحى الداخلي التركي وتحولت إلى نموذج إيراني جديد، فبينما إيران تعتمد على جماعات دينية وأحزاب أيديولوجية مذهبية في محاولتها للهيمنة على دول الجوار ومحاولة تمزيقها اجتماعيا، فإن أردوغان اعتمد نفس المنهج الإيراني من خلال الاعتماد على الأحزاب التي تدور في الفلك الإخواني، فأصبح هؤلاء أدوات أردوغان في سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال وغيرها. العلاقة بين أردوغان والإخوان أصبحت علاقة مصيرية فهم إما أن يبقوا سويا أو يرحلوا سويا، لذلك فإن الرئيس التركي مستعد أن يعادي مصر وغيرها في سبيل الإخوان فهم أركان حكمه وهو ولي نعمتهم.
باحث سياسي
ramialkhalife@