استياء كبير وغضب عارم في المجال الطبي من حديث الزميل (الأشهر الآن) د. علي بن معيض، في إحدى القنوات التليفزيونية. والاستياء كان من 90% من الأطباء والمستثمرين في المجال الطبي من كبيرهم إلى صغيرهم، الذين وصفهم الزميل بالاستغلال والتربح من الشعب. والحديث كان يتسم بالشعبوية. اختلف علماء الاجتماع والسياسة على تعريف «الشعبوية»، وللتبسيط هي منهج فكري ideology يعبر معتنقوه (في ظنهم) عن رأي الشعب ويدعون حماية مصالحه، ضد نخبة تتسم غالباً بالفساد. والشعبويون يتحدثون بصوت الشعب بخطاب مبهم عاطفي، لا يعتمد على الأفكار والرؤى أو حتى الحقائق، بل خطاب يميل إلى إلهاب الحماس واللعب على أوتار المشاعر، دون تخصص أو حقائق. وهذا الخطاب عادة لا يمثل أي محاولة جدية لفهم أو تحليل القضايا فضلاً عن حلها. ويترادف المصطلح مع الغوغائية حيث يقدم المتحدث إجابات مفرطة بالبساطة على مواضيع معقدة بطريقة ترضي الجماهير عاطفياً. والنخبة في حديث الزميل العزيز هم الأطباء والمستثمرون في القطاع الخاص، ويسعى المتحدث لحماية الشعب من خطر هذه النخبة وفسادها!
وحديث الشعبوية يصلح في الصحافة الصفراء وإعلام الإثارة، وليس في إعلام النقد البناء والتنمية. والخلاف لا يفسد للود قضية إذا ما كان النقاش منطقياً ومبنياً على أرقام حقيقية وعلم بصناعة الخدمات الصحية. الواقع أن رأي الدكتور ابن معيض كان متحيزاً (بغير حق) ضد بني جلدته من الأطباء ومن شركائه في العمل أصحاب ومديري المستشفيات. وللأسف لا يستند على معلومة صحيحة ولا على علم بإدارة المنشآت الصحية. ولسبب غير مفهوم يعتمد على إثارة حفيظة المجتمع ضد فئة منتجة وناجحة. والغضب من حديث الزميل جاء في الوقت الأسوأ. ففي نفس الوقت الذي يكافح فيه القطاع الكورونا ويتعرض الأطباء إلى الخطر وحصدت الجائحة أرواح بعضهم. يتحدث زميل منهم عن خفض أرقام دخلهم ووصفهم بالاستغلال والتربح على حساب الناس. لقد رأيت أحد أصدقائي يرتدي بدلة كبدل رواد الفضاء لتضمن له العزل الكامل وهو يقوم بعملية مخ وأعصاب لإنقاذ حياة مريض كورونا تعرض لنزيف في المخ. وصديقي له أسرة وأطفال ولا يليق أن نقول لهم إن أباكم مستغل وكفاية عليه مقدار من المال لا يرتقي لسنين دراسته الطويلة ولا ليالي خدمته المليئة بالجهد والتضحية لخدمة المرضى! كمجتمع لا بد أن نتعلم أن لا نستغل الشعبوية وإثارة الجموع كسلعة رائجة ضد العلم والعلماء وضد المستثمرين ورواد الأعمال من القطاع الصحي الخاص، والذين يستحقون أرباح نجاحهم وعملهم واجتهادهم (حلالاً بلالاً). لا تستغلوا جهل العامة وتُؤلِّبوا الرأي العام ضد أكثر فئات المجتمع اجتهاداً وتضحية. بل شجعوهم وزيلوا العقبات من أمامهم وارفعوا عنهم آثار الظلم والهيمنة والاحتكار. الشعبوية ليست طريق تنمية واستقرار بل طريق هدم وانهيار. فلنفخر ونشد على يد البنائين من أبناء الوطن.
كاتب سعودي
hazemzagzoug@
وحديث الشعبوية يصلح في الصحافة الصفراء وإعلام الإثارة، وليس في إعلام النقد البناء والتنمية. والخلاف لا يفسد للود قضية إذا ما كان النقاش منطقياً ومبنياً على أرقام حقيقية وعلم بصناعة الخدمات الصحية. الواقع أن رأي الدكتور ابن معيض كان متحيزاً (بغير حق) ضد بني جلدته من الأطباء ومن شركائه في العمل أصحاب ومديري المستشفيات. وللأسف لا يستند على معلومة صحيحة ولا على علم بإدارة المنشآت الصحية. ولسبب غير مفهوم يعتمد على إثارة حفيظة المجتمع ضد فئة منتجة وناجحة. والغضب من حديث الزميل جاء في الوقت الأسوأ. ففي نفس الوقت الذي يكافح فيه القطاع الكورونا ويتعرض الأطباء إلى الخطر وحصدت الجائحة أرواح بعضهم. يتحدث زميل منهم عن خفض أرقام دخلهم ووصفهم بالاستغلال والتربح على حساب الناس. لقد رأيت أحد أصدقائي يرتدي بدلة كبدل رواد الفضاء لتضمن له العزل الكامل وهو يقوم بعملية مخ وأعصاب لإنقاذ حياة مريض كورونا تعرض لنزيف في المخ. وصديقي له أسرة وأطفال ولا يليق أن نقول لهم إن أباكم مستغل وكفاية عليه مقدار من المال لا يرتقي لسنين دراسته الطويلة ولا ليالي خدمته المليئة بالجهد والتضحية لخدمة المرضى! كمجتمع لا بد أن نتعلم أن لا نستغل الشعبوية وإثارة الجموع كسلعة رائجة ضد العلم والعلماء وضد المستثمرين ورواد الأعمال من القطاع الصحي الخاص، والذين يستحقون أرباح نجاحهم وعملهم واجتهادهم (حلالاً بلالاً). لا تستغلوا جهل العامة وتُؤلِّبوا الرأي العام ضد أكثر فئات المجتمع اجتهاداً وتضحية. بل شجعوهم وزيلوا العقبات من أمامهم وارفعوا عنهم آثار الظلم والهيمنة والاحتكار. الشعبوية ليست طريق تنمية واستقرار بل طريق هدم وانهيار. فلنفخر ونشد على يد البنائين من أبناء الوطن.
كاتب سعودي
hazemzagzoug@