نشرت وزارة الشؤون البلدية والقروية في موقعها الرسمي دليل (تمكين المدن من القدرة على الصمود – مدينتي تستعد) والصادر عن مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للمساهمة في الحملة العالمية ٢٠١٠-٢٠٢٠، يحسب للوزارة تخصيص تبويب كامل بعنوان (الاتفاقيات الدولية والمراجع والدراسات العلمية) مما يساعد الزائر والمستفيد لفهم آليات عمل وتفكير الوزارة ونقاط الانطلاق، الدليل يتجاوز المئة صفحة ما بين تعريف بالمخاطر التي تتعرض لها المدن وما بين فوائد الاستثمار في الحد منها، ويقدم أساسيات عشراً لتمكين المدن من الصمود وكيفية تنفيذها وأهم الأدوات اللازمة.
سأستعرض هذه الأساسيات العشر بشكل نقاط مختصرة (الإعداد، وضع السيناريوهات، القدرة المادية، التطبيق، الحماية والوقاية للبيئة، دعم القدرات، تحسين البنية التحتية، إدارة الكوارث وأخيرا سرعة التعافي والبناء)، قد تبدو هذه النقاط (بسيطة) أو مباشرة لكن بالحقيقة أن مفهوم تمكين المدن يكاد يكون من أكثر المفاهيم ضبابية، خاصة لغياب الحضور الأنثروبولوجي على الأقل في المستوى المحلي لمعالجة الأبعاد الإنسانية للمدن، ولعل القارئ يتساءل ما معنى (تمكين المدن) وأقول إن من أوجه العبثية المفاهيمية التي نعاني منها سواء في الحقل الأكاديمي أو الشأن العام، الأصوات الشعبوية التي تتلقف المفردات لتصنع منها مجدا مزيفا مفهوم التمكين أحد تلك المفاهيم التي اختطفت وأسقط عليها الرث والسمين وتم ربطها بالمرأة بمستويات عديدة غير ناضجة وغير علمية، فالتمكين ليس مجرد (توظيف) وليس (بهرجة) التمكين فعل مهني يدعم الفرد أو المنظمة أو (المدينة والمنطقة) لفهم الذات أولا والاحتياجات ثم فهم الفرص ثم التهيئة والتدريب ويأتي بعدها فتح الاختيارات، وحينما نتحدث عن تمكين المدن فالأمر يصبح كالنواة (المدينة، الحي، الإنسان)، فالمدينة (الممكنة) تعني إنسانا (ممكنا).
كيف عرف الدليل المدينة القوية؟ بأنها مدينة ذات اتصال فعال ولك أن تتخيل هنا كمثال فقط معاناة منطقة عسير الطوق الأمني الأخضر وباب الوطن العتيد العنيد في وجه المعتدين بدون اتصالات فعالة! نعم هذا ما ذكره صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز في حديثه مع أهالي المنطقة في لقاء (لنصل للتميز) وناقش الفرق بين قوة الاتصالات في مدينتي الرياض وأبها، إذن الاتصالات ليست رفاهية وليست مطلبا ثانويا بل هي حاجة أساسية إن أردنا تفعيل (تمكين المدن)، وتعرف المدن القوية أيضا بأنها تدعم الترابط الاجتماعي وثقافة المساعدة المتبادلة وهذا التعريف يقتضي أن نؤمن بالفكر اللامركزي خاصة في مدن الأطراف وتمكين الأهالي هناك من صناعة القرارات الزراعية والصناعية بعد تمكينهم المهني.
(الوصول الشامل) مبادرة عظيمة لم تأخذ حقها في الحديث وهي أيضا من إحدى مبادرات الوزارة في مدينة المدينة المنورة، جميل أن يتحقق مفهوم الوصول الشامل في المدن وهو ببساطة تهيئة المسارات للمشاة، سبق أن تحدثت عن صعوبة أو استحالة (الوصول الشامل) في الرياض ومن يقطنون حي الملقا يعرفون حجم الرعب في السير بشارع محمد بن سعد وتقاطع أنس بن مالك حيث ترى مخاطر مخيفة تنذر بكوارث لا أعلم متى سيستيقظ مسؤولو أمانة مدينة الرياض ليعالجوا هذا التقاطع المخيف وقس عليه مئات الشوارع المتروكة بدون أرصفة أو معابر مشاة أتمنى أن يكون هناك حسم أكبر من معالي الوزير ماجد الحقيل في تراخي الأمانات في تقديم أبسط أبجديات تمكين المدن!
التمكين ممارسة استراتيجية عميقة وممتدة، ليست صورا نلتقطها وليست مقالات نكتبها هي منهج حياة تحقق لنا (مجتمعا حيويا، اقتصادا مزدهرا ووطنا طموحا)، جميل لو طرحت الوزارة استفتاء شعبيا لمراجعة أداء الأمانات لكل حي وقامت بمسح في نهاية هذا العام لأهم مطالب أهالي الأحياء، تماما كما فعلت في طرح استفتاءات سابقة، مناقشة سكان الحي باحتياجاتهم ومخاوفهم ضرورة، وكما نجح الحقيل في تعزيز ثقة المواطنين والتحول الريادي في مشروع الإسكان نحن على يقين بنجاحه أيضا في دعم صوت المواطنين ومشاركتهم الفعالة في ما يخص مدنهم وأحيائهم وفتح الأبواب للمستثمرين في تجميل وتحسين الأحياء والطرق فالوطن يستحق، ودامت مدننا ومساحاتها ممكنة وقوية وخضراء روحا وترابا.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
سأستعرض هذه الأساسيات العشر بشكل نقاط مختصرة (الإعداد، وضع السيناريوهات، القدرة المادية، التطبيق، الحماية والوقاية للبيئة، دعم القدرات، تحسين البنية التحتية، إدارة الكوارث وأخيرا سرعة التعافي والبناء)، قد تبدو هذه النقاط (بسيطة) أو مباشرة لكن بالحقيقة أن مفهوم تمكين المدن يكاد يكون من أكثر المفاهيم ضبابية، خاصة لغياب الحضور الأنثروبولوجي على الأقل في المستوى المحلي لمعالجة الأبعاد الإنسانية للمدن، ولعل القارئ يتساءل ما معنى (تمكين المدن) وأقول إن من أوجه العبثية المفاهيمية التي نعاني منها سواء في الحقل الأكاديمي أو الشأن العام، الأصوات الشعبوية التي تتلقف المفردات لتصنع منها مجدا مزيفا مفهوم التمكين أحد تلك المفاهيم التي اختطفت وأسقط عليها الرث والسمين وتم ربطها بالمرأة بمستويات عديدة غير ناضجة وغير علمية، فالتمكين ليس مجرد (توظيف) وليس (بهرجة) التمكين فعل مهني يدعم الفرد أو المنظمة أو (المدينة والمنطقة) لفهم الذات أولا والاحتياجات ثم فهم الفرص ثم التهيئة والتدريب ويأتي بعدها فتح الاختيارات، وحينما نتحدث عن تمكين المدن فالأمر يصبح كالنواة (المدينة، الحي، الإنسان)، فالمدينة (الممكنة) تعني إنسانا (ممكنا).
كيف عرف الدليل المدينة القوية؟ بأنها مدينة ذات اتصال فعال ولك أن تتخيل هنا كمثال فقط معاناة منطقة عسير الطوق الأمني الأخضر وباب الوطن العتيد العنيد في وجه المعتدين بدون اتصالات فعالة! نعم هذا ما ذكره صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز في حديثه مع أهالي المنطقة في لقاء (لنصل للتميز) وناقش الفرق بين قوة الاتصالات في مدينتي الرياض وأبها، إذن الاتصالات ليست رفاهية وليست مطلبا ثانويا بل هي حاجة أساسية إن أردنا تفعيل (تمكين المدن)، وتعرف المدن القوية أيضا بأنها تدعم الترابط الاجتماعي وثقافة المساعدة المتبادلة وهذا التعريف يقتضي أن نؤمن بالفكر اللامركزي خاصة في مدن الأطراف وتمكين الأهالي هناك من صناعة القرارات الزراعية والصناعية بعد تمكينهم المهني.
(الوصول الشامل) مبادرة عظيمة لم تأخذ حقها في الحديث وهي أيضا من إحدى مبادرات الوزارة في مدينة المدينة المنورة، جميل أن يتحقق مفهوم الوصول الشامل في المدن وهو ببساطة تهيئة المسارات للمشاة، سبق أن تحدثت عن صعوبة أو استحالة (الوصول الشامل) في الرياض ومن يقطنون حي الملقا يعرفون حجم الرعب في السير بشارع محمد بن سعد وتقاطع أنس بن مالك حيث ترى مخاطر مخيفة تنذر بكوارث لا أعلم متى سيستيقظ مسؤولو أمانة مدينة الرياض ليعالجوا هذا التقاطع المخيف وقس عليه مئات الشوارع المتروكة بدون أرصفة أو معابر مشاة أتمنى أن يكون هناك حسم أكبر من معالي الوزير ماجد الحقيل في تراخي الأمانات في تقديم أبسط أبجديات تمكين المدن!
التمكين ممارسة استراتيجية عميقة وممتدة، ليست صورا نلتقطها وليست مقالات نكتبها هي منهج حياة تحقق لنا (مجتمعا حيويا، اقتصادا مزدهرا ووطنا طموحا)، جميل لو طرحت الوزارة استفتاء شعبيا لمراجعة أداء الأمانات لكل حي وقامت بمسح في نهاية هذا العام لأهم مطالب أهالي الأحياء، تماما كما فعلت في طرح استفتاءات سابقة، مناقشة سكان الحي باحتياجاتهم ومخاوفهم ضرورة، وكما نجح الحقيل في تعزيز ثقة المواطنين والتحول الريادي في مشروع الإسكان نحن على يقين بنجاحه أيضا في دعم صوت المواطنين ومشاركتهم الفعالة في ما يخص مدنهم وأحيائهم وفتح الأبواب للمستثمرين في تجميل وتحسين الأحياء والطرق فالوطن يستحق، ودامت مدننا ومساحاتها ممكنة وقوية وخضراء روحا وترابا.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com