في هذا الزمن لا يمكن لأي وسيلة إعلامية الاستحواذ على نسبة عالية من المشاهدين.
وهذه الملاحظة يمكن أن ترشح من خلال المتابعة لأي قناة تدعي استحواذها على الكيكة كاملة.
ولو عدنا للخلف عدة سنوات عندما كانت قناة بعينها تستقطب المشاهدين العرب من كل شارع، ومدينة، كان الوقت مبكرا لمعرفة نوايا كل قناة وما تبث، وكانت قناة الجزيرة مستحوذة على المشاهد العربي، كقناة تبث الأخبار التي لم نكن على اطلاع عليها -بسبب عدم القراءة، والمتابعة لأي قضية مبثوثة-، وقد استطاعت فتح آذاننا كما لم نكن نسمع، وكان هذا هو صندوق الساحر، الذي أخرجت منه كل ما تم إيهامنا أنه حقيقة.
أذكر أنني استرخيت في هذه القناة، وكتبت في رواية (نباح):
يكفي فضائح، فنحن لا نتحمل كل هذه الحقائق المخبأة.
وكنت كغيري ممن ظن أنه اكتشف العالم العربي من خلالها، ولأن فضاء رواية نباح هو اليمن، وكنت أغطي مؤتمر الديمقراطيات الناشئة الذي أقيم في صنعاء، وحضره عدة رؤساء، في ذلك الزمن لم أقف تماما كإنسان واعٍ لخطاب السيدة هيلاري كلينتون (المتلفز)، وحديثها عن أهمية تغير وضع العالم العربي كقيادات بما يلائم المستقبل.
مضى مؤتمر الديمقراطيات الناشئة، وخرجت منه بكتابة رواية (نباح).
وكانت قناة الجزيرة تحفر في عواطفنا أنها تقف بالحقيقة في واقع عربي لم يكن الحديث فيه شفافا، وحفرت لنا الحفرة العميقة على أنها النفق الذي علينا المرور منه لمشاهدة النور، كنّا شبابا ودماء الجهالة تجري في أوردتنا باحثين عن التغير بأي صورة كانت، وكانت القناة تحث شباب العالم العربي على أنها مع حماية الدين والأوطان.
لقد تم التغرير بِنَا كجيل خرج لعالم القنوات المفتوحة، ليس لديه سوى تناقل ما تقوله قناة الجزيرة، وكانت حاذقة في نشر مقولات معارضيها لاكتساب المصداقية لدى المشاهد العربي، ولأن بعض قادة العالم العربي لم يفتحوا مجالا للرأي والانتقاد لسياساتهم القمعية، صدقنا كل ما يقال عنهم حتى أننا لم نتنبه لتحذيرات الرؤساء العرب عندما ظهروا على شاشة قناة الجزيرة محذرين منها، وأنها تستهدف إسقاط الدول العربية وجعلها دولا فاشلة.. قد قالها العديد من الرؤساء العرب وتم بث مقولاتهم وقالوا حرفيا إن قناة الجزيرة تقوم بدور رئيس في تفكيك العالم العربي وإسقاطه، ولَم يكن لدينا -كشباب- أي غضاضة من فكرة التغير.
ومع انجلاء الواقع عما فعلته الجزيرة بِنَا كأفراد ظننا بها خيرا فإذا بِنَا نستيقظ على دمار العالم العربي بحجة التغير، فأي تغير نقف عليه الآن ولدينا خمس دول عربية رئيسة تعد ضمن الدول الفاشلة، وليس بيديها أن تعود إلى ما قبل الثورة، ولو بعد خمسين عاما.
أي تغير وملايين المشردين، واللاجئين، والقتلى، نجمعهم في دمعة واحدة.
ضاعت الدول، وتردى الاقتصاد.
مشكلتنا كعالم عربي أن ماضينا أزهى من حاضرنا!
الآن تغني قناة الجزيرة على الأطلال، وما زالت تنفث سمها في الأجسام السليمة، وما زال لها دور لم يتم بعد.
هي الآن فاقدة للمصداقية ومع ذلك تبحث في جيوب ألسنة البحر العربي عن فجوة لاستعادة الواجهة الإعلامية.
لم يعد بإمكانك -يا جزيرة- احتلال مشاعرنا، أو تصفيق أيدينا، أو تصديق حبر أخبارك. ووصلنا لوعي أفهمنا لقراءة المتغير في إفشال الدول الذي سعيتم إليه... كبرنا يا جزيرة.
كاتب سعودي
abdookhal2@yahoo.com
وهذه الملاحظة يمكن أن ترشح من خلال المتابعة لأي قناة تدعي استحواذها على الكيكة كاملة.
ولو عدنا للخلف عدة سنوات عندما كانت قناة بعينها تستقطب المشاهدين العرب من كل شارع، ومدينة، كان الوقت مبكرا لمعرفة نوايا كل قناة وما تبث، وكانت قناة الجزيرة مستحوذة على المشاهد العربي، كقناة تبث الأخبار التي لم نكن على اطلاع عليها -بسبب عدم القراءة، والمتابعة لأي قضية مبثوثة-، وقد استطاعت فتح آذاننا كما لم نكن نسمع، وكان هذا هو صندوق الساحر، الذي أخرجت منه كل ما تم إيهامنا أنه حقيقة.
أذكر أنني استرخيت في هذه القناة، وكتبت في رواية (نباح):
يكفي فضائح، فنحن لا نتحمل كل هذه الحقائق المخبأة.
وكنت كغيري ممن ظن أنه اكتشف العالم العربي من خلالها، ولأن فضاء رواية نباح هو اليمن، وكنت أغطي مؤتمر الديمقراطيات الناشئة الذي أقيم في صنعاء، وحضره عدة رؤساء، في ذلك الزمن لم أقف تماما كإنسان واعٍ لخطاب السيدة هيلاري كلينتون (المتلفز)، وحديثها عن أهمية تغير وضع العالم العربي كقيادات بما يلائم المستقبل.
مضى مؤتمر الديمقراطيات الناشئة، وخرجت منه بكتابة رواية (نباح).
وكانت قناة الجزيرة تحفر في عواطفنا أنها تقف بالحقيقة في واقع عربي لم يكن الحديث فيه شفافا، وحفرت لنا الحفرة العميقة على أنها النفق الذي علينا المرور منه لمشاهدة النور، كنّا شبابا ودماء الجهالة تجري في أوردتنا باحثين عن التغير بأي صورة كانت، وكانت القناة تحث شباب العالم العربي على أنها مع حماية الدين والأوطان.
لقد تم التغرير بِنَا كجيل خرج لعالم القنوات المفتوحة، ليس لديه سوى تناقل ما تقوله قناة الجزيرة، وكانت حاذقة في نشر مقولات معارضيها لاكتساب المصداقية لدى المشاهد العربي، ولأن بعض قادة العالم العربي لم يفتحوا مجالا للرأي والانتقاد لسياساتهم القمعية، صدقنا كل ما يقال عنهم حتى أننا لم نتنبه لتحذيرات الرؤساء العرب عندما ظهروا على شاشة قناة الجزيرة محذرين منها، وأنها تستهدف إسقاط الدول العربية وجعلها دولا فاشلة.. قد قالها العديد من الرؤساء العرب وتم بث مقولاتهم وقالوا حرفيا إن قناة الجزيرة تقوم بدور رئيس في تفكيك العالم العربي وإسقاطه، ولَم يكن لدينا -كشباب- أي غضاضة من فكرة التغير.
ومع انجلاء الواقع عما فعلته الجزيرة بِنَا كأفراد ظننا بها خيرا فإذا بِنَا نستيقظ على دمار العالم العربي بحجة التغير، فأي تغير نقف عليه الآن ولدينا خمس دول عربية رئيسة تعد ضمن الدول الفاشلة، وليس بيديها أن تعود إلى ما قبل الثورة، ولو بعد خمسين عاما.
أي تغير وملايين المشردين، واللاجئين، والقتلى، نجمعهم في دمعة واحدة.
ضاعت الدول، وتردى الاقتصاد.
مشكلتنا كعالم عربي أن ماضينا أزهى من حاضرنا!
الآن تغني قناة الجزيرة على الأطلال، وما زالت تنفث سمها في الأجسام السليمة، وما زال لها دور لم يتم بعد.
هي الآن فاقدة للمصداقية ومع ذلك تبحث في جيوب ألسنة البحر العربي عن فجوة لاستعادة الواجهة الإعلامية.
لم يعد بإمكانك -يا جزيرة- احتلال مشاعرنا، أو تصفيق أيدينا، أو تصديق حبر أخبارك. ووصلنا لوعي أفهمنا لقراءة المتغير في إفشال الدول الذي سعيتم إليه... كبرنا يا جزيرة.
كاتب سعودي
abdookhal2@yahoo.com