فرص كثيرة ضاعت وأخرى لا تزال تضيع من بين أيدينا وخلال عقود التنمية بسبب الغياب الكبير للجامعات السعودية عن المشهد التنموي بمراحله المختلفة ومحطاته المتنوعة. لم تكن الجامعات السعودية غائبة فحسب، لكنها كانت عبئاً ثقيلاً على خطط وبرامج التنمية لعدم قدرتها على التموضع في تلك الخطط والبرامج، ناهيك عن عدم قدرة الجامعات على تطوير أهدافها بما يلتقي مع أهداف التنمية أو ينسجم مع الدور الريادي النخبوي للجامعة في أي مجتمع.
وبسبب عدم استقلالية جامعاتنا وتبعيتها المطلقة لوزارة التعليم وارتباطها بنظام لا يحيد عنه إلا من يخرج عن النظام، ظلت هذه الجامعات يستنسخ بعضها أخطاء بعض ويكرر بعضها تجارب بعض، فجاءت مخرجاتها متشابهة وحضانتها للابتكارات متماثلة رغم شحها، لم تنفرد أي من هذه الجامعات بما يضاهي الجامعات العالمية ولم تنجح أي منها بتحقيق هوية اقتصادية مبنية على تطوير اهتمام أكاديمي معين.
من هنا يجدر القول إن قرار استقلال الجامعات الثلاث الذي صدر مؤخرا من المقام السامي بداية لتطبيق النظام الجديد للجامعات، يمثل نقطة تحول في مسيرة الجامعات السعودية، لأنه ببساطة يقوم على خلق بيئة تنافس حقيقي بين تلك الجامعات، وهذا سينعكس على ارتفاع ملحوظ بجودة التعليم الجامعي وتعزيز المكانة المرجعية العلمية للجامعة كحاضنة فلسفية ونظرية وعلمية للوعي والمعرفة والفكر والتجارب والتطبيقات والممارسات.
إن الاستقلال المالي والإداري للجامعة كفيل بتطوير الجامعة بمستواها العلمي والأكاديمي والبحثي؛ لأن ذلك هو السبيل لتنمية موارد الجامعة الذاتية، وهذا هو ما يذكي ذروة التنافس بين الجامعات ويدخلها في سباق علمي وأكاديمي وبحثي محموم يضطر الجامعة للانخراط بتطوير وابتكار الحلول التقنية والعلمية للإسهام بتطوير المجتمعات المحلية والحفاظ على مكتسبات الإنسان بيئياً وصحياً واجتماعياً واقتصادياً.
يمكنني التنبؤ بأن قرار استقلال الجامعات على المدى البعيد سوف يقلص عدد الجامعات، ومن المؤكد أنه سيقضي على الجامعات غير المفيدة وغير الضرورية، خاصة إذا ما أضفنا (التعليم عن بعد) مع نظام استقلال الجامعات. حيث ملايين الطلاب يمكنهم الوصول والالتحاق بالجامعات المتميزة من مختلف المناطق، وهذا بالطبع على حساب الجامعات الفاشلة أو الجامعات غير المفيدة.
نظام الجامعات الجديد لا يزال يحتاج إلى الإيضاح في بعض الجوانب التطبيقية. فلا أعرف إن كانت هناك حمائية جغرافية للجامعة تفرضها وزارة التعليم وتتحصن بها الجامعات وتحتمي، على سبيل المثال: طلاب منطقة حائل يدرسون في جامعة حائل، وطلاب جامعات المنطقة الشرقية يدرسون في جامعات المنطقة الشرقية.. إلخ
هل هناك حمائية تخصصية تتميز بها كل جامعة عن الأخرى استنادا إلى الموارد البشرية للجامعة أو استنادا إلى الموارد الطبيعية لموقع الجامعة ومقرها.
فهل تكون جامعة الجوف -على سبيل المثال- متخصصة ومهتمة بالزراعة بالإضافة إلى تقديمها تخصصات أخرى، ويلتحق بها الطلاب المهتمون بالزراعة من سائر مناطق المملكة، وجامعة الأميرة نورة متخصصة ومهتمة بالطاقة بجانب تقديمها للتخصصات الأخرى ويلتحق بها طلاب الطاقة من مختلف مناطق المملكة، وثالثة بالمعادن، ورابعة بالفنون، وهلم جرا. استنادا للمنطقة الحاضنة لكل جامعة على حدة؟
ليس هناك دائما وقت مناسب، لكن المؤكد أن القرار المناسب كفيل دائما بإيجاد الوقت المناسب، وفي ظني أن قرار فطام الجامعات السعودية جاء في الوقت المناسب طالما أنه جاء.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
وبسبب عدم استقلالية جامعاتنا وتبعيتها المطلقة لوزارة التعليم وارتباطها بنظام لا يحيد عنه إلا من يخرج عن النظام، ظلت هذه الجامعات يستنسخ بعضها أخطاء بعض ويكرر بعضها تجارب بعض، فجاءت مخرجاتها متشابهة وحضانتها للابتكارات متماثلة رغم شحها، لم تنفرد أي من هذه الجامعات بما يضاهي الجامعات العالمية ولم تنجح أي منها بتحقيق هوية اقتصادية مبنية على تطوير اهتمام أكاديمي معين.
من هنا يجدر القول إن قرار استقلال الجامعات الثلاث الذي صدر مؤخرا من المقام السامي بداية لتطبيق النظام الجديد للجامعات، يمثل نقطة تحول في مسيرة الجامعات السعودية، لأنه ببساطة يقوم على خلق بيئة تنافس حقيقي بين تلك الجامعات، وهذا سينعكس على ارتفاع ملحوظ بجودة التعليم الجامعي وتعزيز المكانة المرجعية العلمية للجامعة كحاضنة فلسفية ونظرية وعلمية للوعي والمعرفة والفكر والتجارب والتطبيقات والممارسات.
إن الاستقلال المالي والإداري للجامعة كفيل بتطوير الجامعة بمستواها العلمي والأكاديمي والبحثي؛ لأن ذلك هو السبيل لتنمية موارد الجامعة الذاتية، وهذا هو ما يذكي ذروة التنافس بين الجامعات ويدخلها في سباق علمي وأكاديمي وبحثي محموم يضطر الجامعة للانخراط بتطوير وابتكار الحلول التقنية والعلمية للإسهام بتطوير المجتمعات المحلية والحفاظ على مكتسبات الإنسان بيئياً وصحياً واجتماعياً واقتصادياً.
يمكنني التنبؤ بأن قرار استقلال الجامعات على المدى البعيد سوف يقلص عدد الجامعات، ومن المؤكد أنه سيقضي على الجامعات غير المفيدة وغير الضرورية، خاصة إذا ما أضفنا (التعليم عن بعد) مع نظام استقلال الجامعات. حيث ملايين الطلاب يمكنهم الوصول والالتحاق بالجامعات المتميزة من مختلف المناطق، وهذا بالطبع على حساب الجامعات الفاشلة أو الجامعات غير المفيدة.
نظام الجامعات الجديد لا يزال يحتاج إلى الإيضاح في بعض الجوانب التطبيقية. فلا أعرف إن كانت هناك حمائية جغرافية للجامعة تفرضها وزارة التعليم وتتحصن بها الجامعات وتحتمي، على سبيل المثال: طلاب منطقة حائل يدرسون في جامعة حائل، وطلاب جامعات المنطقة الشرقية يدرسون في جامعات المنطقة الشرقية.. إلخ
هل هناك حمائية تخصصية تتميز بها كل جامعة عن الأخرى استنادا إلى الموارد البشرية للجامعة أو استنادا إلى الموارد الطبيعية لموقع الجامعة ومقرها.
فهل تكون جامعة الجوف -على سبيل المثال- متخصصة ومهتمة بالزراعة بالإضافة إلى تقديمها تخصصات أخرى، ويلتحق بها الطلاب المهتمون بالزراعة من سائر مناطق المملكة، وجامعة الأميرة نورة متخصصة ومهتمة بالطاقة بجانب تقديمها للتخصصات الأخرى ويلتحق بها طلاب الطاقة من مختلف مناطق المملكة، وثالثة بالمعادن، ورابعة بالفنون، وهلم جرا. استنادا للمنطقة الحاضنة لكل جامعة على حدة؟
ليس هناك دائما وقت مناسب، لكن المؤكد أن القرار المناسب كفيل دائما بإيجاد الوقت المناسب، وفي ظني أن قرار فطام الجامعات السعودية جاء في الوقت المناسب طالما أنه جاء.
كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org