لا يخفى على أحد أهمية ودور المملكة كأحد أهم منتجي البترول في العالم، ومع اكتشاف حقل الجافورة ستتحول المملكة إلى عصر جديد في تصدير الغاز الطبيعي، سيجعل الكثير من الدول المصدرة للنفط تعيد ترتيب أوراقها، خاصة أن رؤية المملكة للمستقبل النفطي أصبحت تتجه لتعزيز الاقتصاد نفطياً وصناعياً، عن طريق دعم المشروعات الصناعية والاستثمارية، وهى الرؤية التي تضمن تنوعاً اقتصادياً يوسع من دائرة الصادرات خارج إطار النفط والمحروقات، خاصة أن الصناعة ترتبط بشكل وثيق بالمحروقات في ظل اتجاه العالم للصناعة.
وأود التأكيد هنا على أن إنتاج النفط لن يتوقف، فالتحول لن يكون بنفس الزخم مقارنة بالاستثمارات النفطية، لكنه سيكون تحول بنسبة «ضئيلة» مع تحول مستقبل الطاقة، الذي سيظل وسيطاً ومحفزاً للصناعات المحلية والمنتجات الاستهلاكية والمصدرة للخارج.
وعلى كل الأحوال، لن تؤثر الثورة الصناعية على النفطية في ظل المخاوف من التغير المناخي للمستقبل النفطي؛ لأن صناعة النفط خاصة بالمملكة مشرقة وجزء لا يتجزأ من التحدي المنتظر لتغير المناخ، وهو الأمر الذي تتعامل معه السعودية بجدية شديدة لتتحول لدولة صناعية بجانب دولة مصدرة للطاقة.
والأمر سيعود بنتائج إيجابية رائعة منها أنه سيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطن، كما أنه سيضع المملكة بالمرتبة الثالثة عالمياً كواحدة من أهم وأكبر الدول المنتجة للغاز مع حلول عام 2030، وهو ما يعكس حالة التحدي والقوة التي تعيشها المملكة خاصة بعد رؤية الغرب بأن استثمار حقل الجافورة أمر يكاد يكون مستحيلا بسبب احتياج الحقل للماء المعالج والرمال، ما جعل عملاق النفط أرامكو تستعين بمياه البحر وتكتشف محلياً نوع الرمال المطلوبة لاستثمار المشروع والعمل بكد واجتهاد للانتهاء منه.
وتعتبر تلك الطفرة النفطية غير المسبوقة ما يميز السعودية في جعلها الدولة الوحيدة بين الدول المنتجة للنفط التي تحافظ على فائضها النفطي الذي يعوضها في حال حدوث أي نقص بإمدادات الأسواق العالمية عند حدوث كوارث طبيعية أو حروب، وهو ما بدأت بالفعل تلوح به أزمة انتشار فايروس كورونا العالمية، بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها مسجلة تراجعا بلغ نسبة 5% وهي نسبة لم تحدث منذ عام، وسط ترقب ومخاوف كبيرة بشأن تداعيات تلك الأزمة الغامضة التي ضربت معظم دول العالم، وهددت منتجي النفط بشكل رئيس بسبب تخوف الدول المنتجة للنفط من تراجع الطلب على الطاقة.
هذه الضربة الاقتصادية الموجعة بدورها ستفتح أبوابا لاضطرابات إقليمية خاصة بعد تضرر الصين؛ وهي واحدة من أكبر الدول المستوردة للنفط، إذ سينخفض تصدير النفط للصين من مليوني برميل يومياً إلى 500 ألف برميل إذا استمرت الأزمة لفترة طويلة بسبب تراجع الطلب، الأمر الذي يعني تراجعا حادا في الإيرادات العامة قد يصل إلى 4 مليارات دولار شهرياً بواقع خسارة 137 مليون دولار يومياً، ومع التفكير في كل الاحتمالات المرجحة لتوابع فايروس كورونا فإن الاستقرار الاقتصادي أمر مرجح أيضاً إذا ما وُجد حل سريع لتلك الأزمة التي تعمل عليها منظمة الصحة العالمية بشكل جاد.
وبدورها، تبذل أرامكو جهداً مضنياً في طمأنة الأسواق إقليمياً وعالمياً لإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، حتى لا تتأثر أسواق النفط بشكل دراماتيكي بالأحداث السياسية والاقتصادية على الصعيدين، بجانب وضع السعودية استراتيجية جديدة لقطاع الطاقة ستمكنها من تحويل محطات الكهرباء من المنتجات النفطية إلى الغاز وهو أهم خطوات ترشيد الوقود التي ستخفض بشكل تدريجي تعرفة الاستهلاك للمواطن مستقبلاً، مع ضرورة تحفيز القطاع الصناعي للمساهمة في الناتج المحلي لتنويع الاقتصاد وتخفيض فرص الاعتماد الكلي على النفط حتى لا يتأثر المواطن بشكل كبير بالأزمة، وهو ما بدأ بالفعل العمل عليه من الصندوق الصناعي السعودي عن طريق تحفيز المنشآت الصغيرة وريادة الأعمال لخلق بيئة صناعية قوية تحقق أهداف رؤية 2030 وبرامجها الوطنية.
* مستشار بمركز الدراسات العربية الروسية
FaisalKadosssff@
وأود التأكيد هنا على أن إنتاج النفط لن يتوقف، فالتحول لن يكون بنفس الزخم مقارنة بالاستثمارات النفطية، لكنه سيكون تحول بنسبة «ضئيلة» مع تحول مستقبل الطاقة، الذي سيظل وسيطاً ومحفزاً للصناعات المحلية والمنتجات الاستهلاكية والمصدرة للخارج.
وعلى كل الأحوال، لن تؤثر الثورة الصناعية على النفطية في ظل المخاوف من التغير المناخي للمستقبل النفطي؛ لأن صناعة النفط خاصة بالمملكة مشرقة وجزء لا يتجزأ من التحدي المنتظر لتغير المناخ، وهو الأمر الذي تتعامل معه السعودية بجدية شديدة لتتحول لدولة صناعية بجانب دولة مصدرة للطاقة.
والأمر سيعود بنتائج إيجابية رائعة منها أنه سيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطن، كما أنه سيضع المملكة بالمرتبة الثالثة عالمياً كواحدة من أهم وأكبر الدول المنتجة للغاز مع حلول عام 2030، وهو ما يعكس حالة التحدي والقوة التي تعيشها المملكة خاصة بعد رؤية الغرب بأن استثمار حقل الجافورة أمر يكاد يكون مستحيلا بسبب احتياج الحقل للماء المعالج والرمال، ما جعل عملاق النفط أرامكو تستعين بمياه البحر وتكتشف محلياً نوع الرمال المطلوبة لاستثمار المشروع والعمل بكد واجتهاد للانتهاء منه.
وتعتبر تلك الطفرة النفطية غير المسبوقة ما يميز السعودية في جعلها الدولة الوحيدة بين الدول المنتجة للنفط التي تحافظ على فائضها النفطي الذي يعوضها في حال حدوث أي نقص بإمدادات الأسواق العالمية عند حدوث كوارث طبيعية أو حروب، وهو ما بدأت بالفعل تلوح به أزمة انتشار فايروس كورونا العالمية، بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها مسجلة تراجعا بلغ نسبة 5% وهي نسبة لم تحدث منذ عام، وسط ترقب ومخاوف كبيرة بشأن تداعيات تلك الأزمة الغامضة التي ضربت معظم دول العالم، وهددت منتجي النفط بشكل رئيس بسبب تخوف الدول المنتجة للنفط من تراجع الطلب على الطاقة.
هذه الضربة الاقتصادية الموجعة بدورها ستفتح أبوابا لاضطرابات إقليمية خاصة بعد تضرر الصين؛ وهي واحدة من أكبر الدول المستوردة للنفط، إذ سينخفض تصدير النفط للصين من مليوني برميل يومياً إلى 500 ألف برميل إذا استمرت الأزمة لفترة طويلة بسبب تراجع الطلب، الأمر الذي يعني تراجعا حادا في الإيرادات العامة قد يصل إلى 4 مليارات دولار شهرياً بواقع خسارة 137 مليون دولار يومياً، ومع التفكير في كل الاحتمالات المرجحة لتوابع فايروس كورونا فإن الاستقرار الاقتصادي أمر مرجح أيضاً إذا ما وُجد حل سريع لتلك الأزمة التي تعمل عليها منظمة الصحة العالمية بشكل جاد.
وبدورها، تبذل أرامكو جهداً مضنياً في طمأنة الأسواق إقليمياً وعالمياً لإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، حتى لا تتأثر أسواق النفط بشكل دراماتيكي بالأحداث السياسية والاقتصادية على الصعيدين، بجانب وضع السعودية استراتيجية جديدة لقطاع الطاقة ستمكنها من تحويل محطات الكهرباء من المنتجات النفطية إلى الغاز وهو أهم خطوات ترشيد الوقود التي ستخفض بشكل تدريجي تعرفة الاستهلاك للمواطن مستقبلاً، مع ضرورة تحفيز القطاع الصناعي للمساهمة في الناتج المحلي لتنويع الاقتصاد وتخفيض فرص الاعتماد الكلي على النفط حتى لا يتأثر المواطن بشكل كبير بالأزمة، وهو ما بدأ بالفعل العمل عليه من الصندوق الصناعي السعودي عن طريق تحفيز المنشآت الصغيرة وريادة الأعمال لخلق بيئة صناعية قوية تحقق أهداف رؤية 2030 وبرامجها الوطنية.
* مستشار بمركز الدراسات العربية الروسية
FaisalKadosssff@