بوسع المتأمّل لخطابي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين أمام مجلس الشورى؛ أن يقف على درجة الانسجام والتناغم التام؛ من واقع أن خطاب خادم الحرمين الشريفين وضع إطاراً عاماً، ثم جاء خطاب ولي العهد ليكمله بإيراد التفاصيل المدعمة بالشواهد والأرقام الموثقة.
ولمّا كان من العصيّ عليَّ استقصاء كل الجوانب التي حفل بها الخطابان؛ فغايتي من هذه السياحة الإشارة إلى نقاط تبدت لي عفو الخاطر بين الخطابين المهمين.. فعلى مستوى خطاب الملك سلمان، نقف على ثلاثية الثوابت، والإنجازات والبشارات، حيث إن الخطاب:
• أكد على ثوابت المملكة القائمة على مبدأ الشورى منذ التأسيس، مقروناً بسعيها الدؤوب نحو خدمة الدين ورعاية الحرمين الشريفين، وصيانة كرامة المواطن.
• أصّل مفهوم العطاء والإنجاز، والإشادة والتكريم لمن يخدمون وطنهم بتفانٍ، بما يحفّز الجميع على البذل، ويدعم حركة التنافس الشريف من أجل خدمة الوطن.
• أكد على مكانة المملكة على المستويين الإقليمي والعالمي؛ بدالة رئاستها لقمة العشرين، في ظرف استثنائي ترافق مع جائحة كورونا، وما قدمته المملكة للحد من هذه الجائحة بدوافع إنسانية خالية من أي حمولات عقدية أو سياسية أو أيديولوجية.
• شدد على نهج المملكة القائم على إصلاح المنظومة الاقتصادية من خلال رؤية 2030 بما يرتّب البيت الداخلي، ويساهم في الاقتصاد العالمي تأكيداً لريادة المملكة العالمية، ومتانة اقتصادها وقدرته على الصمود ومواجهة التحديات.
• طمأن دول العالم من خلال التأكيد على دعم استقرار سوق النفط، وضمان تدفقه ومعالجة المعوقات التي تعترض هذه الغاية.
• جدد العزم والحزم تجاه الفساد، والنذير بالمحاسبة واجتثاثه من جذوره، صيانة لموارد الدولة، وضماناً لاستمرار التنمية الاقتصادية دون معوقات.
• استشرف المستقبل بالتأكيد على المضي قدماً في العالم الرقمي، وتوفير كل المعينات التي تضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة تقنياً.
• أمّن على سلامة الوطن من خلال الوعي بالمخططات الإقليمية التي يقودها النظام الإيراني، والتصدي لها بوعي وعزم وحزم.
• أكد على دور المملكة المحوري الداعم لإيجاد حلول سياسية تفضي إلى استقرار كافة بؤر الاشتعال والصدام في المحيط العربي، وتقديم الدعم والعون الإنساني للدول، متسقة في جهودها مع ميثاق الأمم المتحدة، والأعراف الدولية المرعية.
كل هذه المؤشرات جاءت مؤكدة على حقائق ثابتة عرفت بها المملكة، كما أنها رسمت مستقبلاً وضيئاً لها، وهو عين ما أكده سمو ولي العهد في حديثه، الذي جاء مفصّلاً بالأرقام، وموثقاً بالشواهد والبراهين، وباعثاً برسائل واضحة بخاصة في ما يتصل بالأمن والسلم الاجتماعيين.. ويمكن النظر إلى حديث ولي العهد من خلال مؤشرين مهمين؛ أولهما اقتصادي، والآخر اجتماعي.. فعلى المستوى الاقتصادي نجد أن سموّه أكّد على مكانة المملكة الاقتصادية بوصفها «أحد أهم وأكبر اقتصاديات العالم»، وذلك من خلال:
• العمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوع مصادره، وفق محددات رؤية المملكة 2030 الماضية نحو فكّ الارتباط بمداخيل النفط، وعدم الاعتماد عليه كمصدر وحيد للدخل، والسعي نحو دعم الناتج المحلي غير النفطي، والذي كانت حصيلته «نموّاً متسارعاً في السنوات الثلاث الماضية.
• معالجة البطالة وزيادة معدلات التوظيف وتوفير الفرص المتعددة أمام المواطنين والمواطنات، بسقف عالٍ وضعته الرؤية ويتبع ذلك إعادة هيكلة العلاقات التعاقدية وتصحيح أوضاع الوافدين بما يضمن «استقطاب العمالة المؤهّلة ذات القيمة المضافة» فقط.
• التوسع في الإنفاق الحكومي المباشر وغير المباشر.
• إعادة هيكلة القطاعات الحكومية لتجاوز البيروقراطية بما يدعم حركة الإنتاج والنمو الاقتصادي ويؤمّن الخدمات للمستفيدين بأقصر الطرق وأسرعها.
• تفعيل التوجّه نحو العالم الرقمي، بوصفه من أساسيات الحاضر، ومفاتيح المستقبل، بخاصة وأن «المملكة حققت المركز الأوّل على مستوى دول مجموعة العشرين في السنوات الثلاث الماضية، وقفزت 40 مركزاً في مؤشر البنية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات».
• التأكيد على دور صندوق الاستثمار والإنجازات في ظل التحديات الماثلة، بما حصّن اقتصاد المملكة في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها اقتصاد العالم.
• مواصلة الحملة على الفساد، ودوره الكارثي في الماضي حيث استهلك ما نسبته «5 إلى 15% من ميزانية الدولة»، وبعث إشارة اطمئنان حاسمة وحازمة بأن «هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قويّ ومؤلم لمن تسوّل له نفسه، كبيراً أو صغيراً».. فما أعظمها من بشارة، وما أنبله من توجه.
أما على المستوى الاجتماعي؛ فجاء حديث ولي العهد مرسياً للثوابت وباعثاً على الطمأنينة، ومبشراً بمستقبل واعد وزاهر، وذلك من خلال:
• التأكيد على المضي قدماً في محاربة آفة الإرهاب والتطرف.. وهو الأمر الذي نذر سموه نفسه لإنجازه وقد أوفى بما عاهد: «لقد قدمت وعوداً في عام 2017م بأننا سنقضي على التطرّف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر، وخلال سنة واحدة استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع خلال 40 سنة، واليوم لم يعد التطرّف مقبولاً، بل أصبح منبوذاً ومتخفّياً ومنزوياً».. وهذه الغاية تحققت بفضل الله ثم بفضل «إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني» لينخفض عدد العمليات الإرهابية إلى ما يقارب الـ«صفر».
• المحافظة على التوازن البيئي والمناخي ومجابهة التصحر والجفاف والمظاهر المناخية المتقلبة، وإنشاء قوّة خاصة للأمن البيئي.
• دعم جودة الحياة للإنسان السعودي من خلال توفير أنشطة رياضية متنوعة لضمان صحته البدنية، ومثابات ترفيهية لضمان صحته النفسية.
• صيانة الحقوق لكافة أفراد المجتمع، وتحرير المرأة السعودية من القيود المكبلة لها دون مبررات دينية وفتح آفاق المستقبل أمامها لتقدم عطاءها ضمن الثوابت المرعية.
• استشراف آفاق المستقبل من خلال المضي قدماً في عالم الفضاء والمنافسة فيه بقوة ودراية وعلم.
أعلم أن هذه الإشارات غيض من فيض، وإشارات بارقة بقدر ما تتسع به المساحة؛ وإلا في الحديث متراحب ويطول في ما اشتمل عليه الخطابان الضافيان، وخلاصة القول إننا -في ظل هذه القيادة الراشدة- نعيش واقعاً مورقاً، ونستشرف مستقبلاً واعداً، ونرفع سقف أحلامنا عالياً وشعارنا على الدوام «همّة حتى القمّة».
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com
ولمّا كان من العصيّ عليَّ استقصاء كل الجوانب التي حفل بها الخطابان؛ فغايتي من هذه السياحة الإشارة إلى نقاط تبدت لي عفو الخاطر بين الخطابين المهمين.. فعلى مستوى خطاب الملك سلمان، نقف على ثلاثية الثوابت، والإنجازات والبشارات، حيث إن الخطاب:
• أكد على ثوابت المملكة القائمة على مبدأ الشورى منذ التأسيس، مقروناً بسعيها الدؤوب نحو خدمة الدين ورعاية الحرمين الشريفين، وصيانة كرامة المواطن.
• أصّل مفهوم العطاء والإنجاز، والإشادة والتكريم لمن يخدمون وطنهم بتفانٍ، بما يحفّز الجميع على البذل، ويدعم حركة التنافس الشريف من أجل خدمة الوطن.
• أكد على مكانة المملكة على المستويين الإقليمي والعالمي؛ بدالة رئاستها لقمة العشرين، في ظرف استثنائي ترافق مع جائحة كورونا، وما قدمته المملكة للحد من هذه الجائحة بدوافع إنسانية خالية من أي حمولات عقدية أو سياسية أو أيديولوجية.
• شدد على نهج المملكة القائم على إصلاح المنظومة الاقتصادية من خلال رؤية 2030 بما يرتّب البيت الداخلي، ويساهم في الاقتصاد العالمي تأكيداً لريادة المملكة العالمية، ومتانة اقتصادها وقدرته على الصمود ومواجهة التحديات.
• طمأن دول العالم من خلال التأكيد على دعم استقرار سوق النفط، وضمان تدفقه ومعالجة المعوقات التي تعترض هذه الغاية.
• جدد العزم والحزم تجاه الفساد، والنذير بالمحاسبة واجتثاثه من جذوره، صيانة لموارد الدولة، وضماناً لاستمرار التنمية الاقتصادية دون معوقات.
• استشرف المستقبل بالتأكيد على المضي قدماً في العالم الرقمي، وتوفير كل المعينات التي تضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة تقنياً.
• أمّن على سلامة الوطن من خلال الوعي بالمخططات الإقليمية التي يقودها النظام الإيراني، والتصدي لها بوعي وعزم وحزم.
• أكد على دور المملكة المحوري الداعم لإيجاد حلول سياسية تفضي إلى استقرار كافة بؤر الاشتعال والصدام في المحيط العربي، وتقديم الدعم والعون الإنساني للدول، متسقة في جهودها مع ميثاق الأمم المتحدة، والأعراف الدولية المرعية.
كل هذه المؤشرات جاءت مؤكدة على حقائق ثابتة عرفت بها المملكة، كما أنها رسمت مستقبلاً وضيئاً لها، وهو عين ما أكده سمو ولي العهد في حديثه، الذي جاء مفصّلاً بالأرقام، وموثقاً بالشواهد والبراهين، وباعثاً برسائل واضحة بخاصة في ما يتصل بالأمن والسلم الاجتماعيين.. ويمكن النظر إلى حديث ولي العهد من خلال مؤشرين مهمين؛ أولهما اقتصادي، والآخر اجتماعي.. فعلى المستوى الاقتصادي نجد أن سموّه أكّد على مكانة المملكة الاقتصادية بوصفها «أحد أهم وأكبر اقتصاديات العالم»، وذلك من خلال:
• العمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوع مصادره، وفق محددات رؤية المملكة 2030 الماضية نحو فكّ الارتباط بمداخيل النفط، وعدم الاعتماد عليه كمصدر وحيد للدخل، والسعي نحو دعم الناتج المحلي غير النفطي، والذي كانت حصيلته «نموّاً متسارعاً في السنوات الثلاث الماضية.
• معالجة البطالة وزيادة معدلات التوظيف وتوفير الفرص المتعددة أمام المواطنين والمواطنات، بسقف عالٍ وضعته الرؤية ويتبع ذلك إعادة هيكلة العلاقات التعاقدية وتصحيح أوضاع الوافدين بما يضمن «استقطاب العمالة المؤهّلة ذات القيمة المضافة» فقط.
• التوسع في الإنفاق الحكومي المباشر وغير المباشر.
• إعادة هيكلة القطاعات الحكومية لتجاوز البيروقراطية بما يدعم حركة الإنتاج والنمو الاقتصادي ويؤمّن الخدمات للمستفيدين بأقصر الطرق وأسرعها.
• تفعيل التوجّه نحو العالم الرقمي، بوصفه من أساسيات الحاضر، ومفاتيح المستقبل، بخاصة وأن «المملكة حققت المركز الأوّل على مستوى دول مجموعة العشرين في السنوات الثلاث الماضية، وقفزت 40 مركزاً في مؤشر البنية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات».
• التأكيد على دور صندوق الاستثمار والإنجازات في ظل التحديات الماثلة، بما حصّن اقتصاد المملكة في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها اقتصاد العالم.
• مواصلة الحملة على الفساد، ودوره الكارثي في الماضي حيث استهلك ما نسبته «5 إلى 15% من ميزانية الدولة»، وبعث إشارة اطمئنان حاسمة وحازمة بأن «هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قويّ ومؤلم لمن تسوّل له نفسه، كبيراً أو صغيراً».. فما أعظمها من بشارة، وما أنبله من توجه.
أما على المستوى الاجتماعي؛ فجاء حديث ولي العهد مرسياً للثوابت وباعثاً على الطمأنينة، ومبشراً بمستقبل واعد وزاهر، وذلك من خلال:
• التأكيد على المضي قدماً في محاربة آفة الإرهاب والتطرف.. وهو الأمر الذي نذر سموه نفسه لإنجازه وقد أوفى بما عاهد: «لقد قدمت وعوداً في عام 2017م بأننا سنقضي على التطرّف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر، وخلال سنة واحدة استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع خلال 40 سنة، واليوم لم يعد التطرّف مقبولاً، بل أصبح منبوذاً ومتخفّياً ومنزوياً».. وهذه الغاية تحققت بفضل الله ثم بفضل «إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني» لينخفض عدد العمليات الإرهابية إلى ما يقارب الـ«صفر».
• المحافظة على التوازن البيئي والمناخي ومجابهة التصحر والجفاف والمظاهر المناخية المتقلبة، وإنشاء قوّة خاصة للأمن البيئي.
• دعم جودة الحياة للإنسان السعودي من خلال توفير أنشطة رياضية متنوعة لضمان صحته البدنية، ومثابات ترفيهية لضمان صحته النفسية.
• صيانة الحقوق لكافة أفراد المجتمع، وتحرير المرأة السعودية من القيود المكبلة لها دون مبررات دينية وفتح آفاق المستقبل أمامها لتقدم عطاءها ضمن الثوابت المرعية.
• استشراف آفاق المستقبل من خلال المضي قدماً في عالم الفضاء والمنافسة فيه بقوة ودراية وعلم.
أعلم أن هذه الإشارات غيض من فيض، وإشارات بارقة بقدر ما تتسع به المساحة؛ وإلا في الحديث متراحب ويطول في ما اشتمل عليه الخطابان الضافيان، وخلاصة القول إننا -في ظل هذه القيادة الراشدة- نعيش واقعاً مورقاً، ونستشرف مستقبلاً واعداً، ونرفع سقف أحلامنا عالياً وشعارنا على الدوام «همّة حتى القمّة».
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com