-A +A
حمود أبو طالب
رغم كل ما حققته المملكة من تقدم وتطور منذ بداية الطفرة الاقتصادية الأولى في بداية سبعينات القرن الماضي، إلا أنه كان بالإمكان جداً أن تحقق أكثر وأن تكون في حال أفضل الآن لولا سببان رئيسيان أشار لهما ولي العهد في تصريحه الأخير هما: المشروع الآيديولوجي والفساد.

المشروع الآيديولوجي عطل محركات العقل وأتلف بذور التفكير وزرع العوائق في دروب الانطلاق وحقن أوردة الحياة بسموم قاتلة أعطبت أجيالاً كان بإمكانها أن تكون مشاريع لنهضة وطنية بدلاً من انخراطها دون أن تدرك في مشروع خبيث لمصادرة الوطن والدولة الوطنية. كان هذا المشروع يزحف ويقترب من الهدف عبر تغلغله المدروس في مفاصل المجتمع والدولة، ولولا تسخير الله لهذا الوطن من جاء لإنقاذه بشجاعة من كارثة وشيكة لكنا على حافة الضياع والدخول في مستقبل مظلم. لقد نزع العهد الجديد فتيل ذلك المشروع لكن الأرض ما تزال مليئة بالألغام التي زرعها، وذلك ما يتطلب بالضرورة تجريفها بقوة واستصلاح تربتها لينمو جيل جديد يعي ما كان يحاك لوطنه.


وأما الفساد الممنهج فقد كان إرهاباً آخر أيضاً في نتائجه المدمرة. كان الفاسدون ينهبون المال العام علناً ويتباهون بذلك، وكان كثير من المسؤولين يحولون مرافقهم إلى ملكيات خاصة وموظفيهم إلى عصابات تنهش خزانة الدولة، إما نهباً مباشراً أو عبر مشاريع رديئة بأعلى تكاليف، تذهب النسبة الكبيرة منها إلى حساباتهم دون خوف من أحد. أموال طائلة أثرى منها الفاسدون على حساب حقوق المواطن والوطن، وما زالت الرحلة طويلة لتضييق دائرة الفساد، لكن المهم أننا اعترفنا بالمشكلة وبدأنا بمعالجتها بحزم.

التحديات ما زالت قائمة، ومصادر الخطر ما زالت موجودة، لكننا أصبحنا في حالة وعي جيدة تمكننا من كسب المواجهة.

habutalib@hotmail.com