كثيراً ما يعجبنا بعض الأشخاص بثقافتهم واطلاعهم وقدرتهم على تحليل بعض الأمور، حتى نظن لوهلة أنهم فلاسفة وُهبوا الحكمة والألمعية دون غيرهم من الناس، ثم نكتشف بعد مناقشتهم بعمق أنهم مجرد آلات «تسجيل وتفريغ» بشرية، أو مجرد أناس يرتدون أفكار الآخرين ويرددون بشكل ببغائي مقولات جاهزة دون أن يمتلكوا مهارات التفكير والتحليل والاستشراف أو حتى القدرة على إخضاع الأفكار والمقولات التي يرددونها للمحاكمة العقلية بكل موضوعية.
هذه النوعية من الشخصيات «الببغائية» موجودة في كل مكان ومنهم من يقدم للناس بصفته كاتباً أو مفكراً أو مستشاراً أو محللاً في السياسة أو الاقتصاد، وقد يحظى بجماهيرية جيدة بين العوام والسذج إن لعب على أوتار العواطف والأوهام، حتى أنه عندما يسقط ويفشل علانية سيجد من المغفلين من يبرر له سقوطه وفشله زاعماً أن هناك تآمراً تاريخياً عليه وعلى أطروحاته، وهذا بالضبط ما يصح أن يُقال فيه «شر البلية ما يضحك».
من النماذج الصارخة في هذا الباب «محلل سياسي» أو هكذا يصف نفسه، أو كما يصفه بعض السذج المنخدعين بفهلوته، جزم وكاد يقسم بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب هو الفائز بانتخابات 2020 الرئاسية، وعندما كشفت الأرقام أنه فشل في توقعه بكل بساطة لعدم قدرته على قراءة الأحداث على أرض الواقع وتحليل المعطيات بشكل سليم، قرر أن يتحول إلى خبير في الدستور الأمريكي بنظام النسخ واللصق ليبرر فشله في التوقع وليحظى بفرصة الاستمرار في دغدغة أوهام متابعيه حتى وقت تسمية الرئيس رسمياً على الأقل، وهذه مهمة سهلة وتوفر له بعض الوقت في الميدان الشعبوي، فالجميع يمكنهم الاطلاع على مواد الدستور الأمريكي ونسخها ولصقها في حساباتهم عبر تويتر ومتابعة الأخبار الهامشية التي تدعم الخاسر في الانتخابات، لكن ليس بإمكان الجميع أن يصبحوا محللين قادرين على الاستشراف وتوقع النتائج الصحيحة.
طبعاً من حق كل إنسان في هذا العالم أن يقول ما يشاء ويبرر الأخطاء لنفسه بطريقته، ومن حقه أيضاً أن يرفض نتائج انتخابات أي بلد في العالم ويتهم جميع وسائل الإعلام العربية التي تغطيها بأنها تدار من قبل مضللين مساكين، بل ويصف كل من توقع فوز بايدن بناء على التحليل المنطقي والمعطيات الواقعية بأنه من «البايدنيين العرب»، ويصرخ بآرائه هذه في كل مكان، لأن صراخه في نهاية المطاف سيبقى مجرد رأي يخصه ولا يقنع غير المنخدع به، لكن المثقف الحقيقي والمحلل البارع هو من يملك الشجاعة للاعتراف بالخطأ والقدرة على تجاوز الأمر والبحث عن أسباب فشله لمعالجتها، وإلا سيُنظر له بعد كل شيء على أنه «محلل سياسي.. حافظ مش فاهم»!
كاتب سعودي
Hani_DH@
هذه النوعية من الشخصيات «الببغائية» موجودة في كل مكان ومنهم من يقدم للناس بصفته كاتباً أو مفكراً أو مستشاراً أو محللاً في السياسة أو الاقتصاد، وقد يحظى بجماهيرية جيدة بين العوام والسذج إن لعب على أوتار العواطف والأوهام، حتى أنه عندما يسقط ويفشل علانية سيجد من المغفلين من يبرر له سقوطه وفشله زاعماً أن هناك تآمراً تاريخياً عليه وعلى أطروحاته، وهذا بالضبط ما يصح أن يُقال فيه «شر البلية ما يضحك».
من النماذج الصارخة في هذا الباب «محلل سياسي» أو هكذا يصف نفسه، أو كما يصفه بعض السذج المنخدعين بفهلوته، جزم وكاد يقسم بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب هو الفائز بانتخابات 2020 الرئاسية، وعندما كشفت الأرقام أنه فشل في توقعه بكل بساطة لعدم قدرته على قراءة الأحداث على أرض الواقع وتحليل المعطيات بشكل سليم، قرر أن يتحول إلى خبير في الدستور الأمريكي بنظام النسخ واللصق ليبرر فشله في التوقع وليحظى بفرصة الاستمرار في دغدغة أوهام متابعيه حتى وقت تسمية الرئيس رسمياً على الأقل، وهذه مهمة سهلة وتوفر له بعض الوقت في الميدان الشعبوي، فالجميع يمكنهم الاطلاع على مواد الدستور الأمريكي ونسخها ولصقها في حساباتهم عبر تويتر ومتابعة الأخبار الهامشية التي تدعم الخاسر في الانتخابات، لكن ليس بإمكان الجميع أن يصبحوا محللين قادرين على الاستشراف وتوقع النتائج الصحيحة.
طبعاً من حق كل إنسان في هذا العالم أن يقول ما يشاء ويبرر الأخطاء لنفسه بطريقته، ومن حقه أيضاً أن يرفض نتائج انتخابات أي بلد في العالم ويتهم جميع وسائل الإعلام العربية التي تغطيها بأنها تدار من قبل مضللين مساكين، بل ويصف كل من توقع فوز بايدن بناء على التحليل المنطقي والمعطيات الواقعية بأنه من «البايدنيين العرب»، ويصرخ بآرائه هذه في كل مكان، لأن صراخه في نهاية المطاف سيبقى مجرد رأي يخصه ولا يقنع غير المنخدع به، لكن المثقف الحقيقي والمحلل البارع هو من يملك الشجاعة للاعتراف بالخطأ والقدرة على تجاوز الأمر والبحث عن أسباب فشله لمعالجتها، وإلا سيُنظر له بعد كل شيء على أنه «محلل سياسي.. حافظ مش فاهم»!
كاتب سعودي
Hani_DH@