-A +A
بشرى فيصل السباعي
أخيرا.. خبر إيجابي مطمئن بالنسبة لوباء كورونا كان بمثابة الضوء في نهاية النفق المظلم للوباء، الذي كان يترقبه كل أهل الأرض، وهو التوصل للقاح يقي من الإصابة بعدوى كورونا، لكن الوجه الآخر لهذه البشارة السعيدة الذي لا يقل أهمية عن وجه محاصرة وباء المرض البيولوجي هو وجه يحاصر الوباء المعنوي الأخلاقي السياسي الاجتماعي الثقافي العقائدي الذي اجتاح العالم خلال العقدين الأخيرين؛ وهو وباء التعصب الشيوفيني العنصري القومي العقائدي العرقي اليميني الديماغوجي/ ‏الغوغائي/‏ الشعبوي العدواني المؤامراتي والمعادي للمهاجرين/‏الأجانب، والذي بسببه ما زالت تجتاح أرجاء العالم مظاهرات واحتجاجات واعتصامات كبرى متواصلة منذ أشهر، مما رفع نسب انتشار وباء كورونا؛ لأن المتظاهرين اعتبروا خطر وباء التيار اليميني أسوأ من الوباء البيولوجي، فأبطال هذين اللقاحين المنتجين بمختبرات شركتي «موديرنا» و«بيوأنتك-فايزر» كلهم علماء مهاجرون؛ زوجان تركيان مسلمان، هنغارية، يوناني، ولبناني، فالبروفيسورة الهنغارية «كاتلين كاريكو» هاجرت إلى أمريكا 1985 وعانت من تخفيض درجتها العلمية بسبب وصم أبحاثها بأنها غير مجدية، وهي الأبحاث التي نتج عنها تطوير لقاح لكورونا، المهاجران الآخران هما الزوجان التركيان «أوزلم توراجي» و«أوغر شاهين» وهاجرت عائلتهما لألمانيا بطفولتهما، وأسس الزوجان شركة «بيوأنتك» الطبية، واليوناني «ألبرت بورلا» الذي هاجر من بلده بعمر 34 سنة لأمريكا وتدرج حتى صار مديرا لشركة فايزر، «نوبار أفيان» هاجر من لبنان عام 1976 وصار رئيسا لشركة موديرنا بأمريكا، و«مارسيلو دمياني» هاجر من لبنان 1988 ويتولى منصب الرئيس التنفيذي للتميّز الرقمي والتشغيلي بموديرنا، وعين ترمب العالم المغربي الأصل «منصف السلاوي» رئيساً للجنة تطوير اللقاح وكان يعمل بمجلس إدارة موديرنا، ومنافسه بالمنصب العالم الجزائري الأصل «إلياس الزرهوني» الرئيس السابق للمعاهد الوطنية للصحة بعهد بوش، وباللقاحين دخلوا جميعا نادي المليارديرات ورفعوا راية الفخر العلمي للدول التي صارت وطنهم البديل، ويتوقع أن يحصلوا على جائزة نوبل لهذا العام، وجميع العلماء العرب والمسلمين الذين حصلوا على نوبل حصلوا عليها ببلدان المهجر، فالعبقرية قد تولد ببيئات عقيمة وبدون توفر بيئات خصبة بديلة لا تكبلها السياسات اليمينية المعادية للأجانب كان سيستمر الوباء، وعباقرة وعمالقة عالم الكومبيوتر بأمريكا أيضا مهاجرين؛ ستيف جوبز-ابن مهاجر سوري، جيف بيزوس-كوبا، ايلون ماسك-جنوب أفريقيا، بالمقابل سؤال يطرح نفسه؛ لماذا المواطنون وعلماء الشرق والغرب الذين يعملون بالمؤسسات الأكاديمية والعلمية/ ‏التكنلوجية الخليجية التي تغدق عليهم رواتب فلكية ليس لهم أي اكتشاف ولا اختراع؟ ما الذي يوجد بالغرب ويستخرج أفضل الامتياز الخلاق من المواطنين والمهاجرين ولا يوجد بالشرق؟!

كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com