-A +A
علي محمد الحازمي
في أحيان كثيرة التضخم الفعلي يعتمد جُزْئِيّاً على ما يتوقعه المحللون الاقتصاديون والماليون. الأمر ببساطة إذا كان الجميع يتوقع ارتفاع الأسعار، لنفترض بـ5 في المائة خلال العام المقبل، فسوف ترغب الشركات برفع الأسعار بنسبة على الأقل 5 في المائة، أيضاً سيطلب العمال زيادة مماثلة في أجورهم بواسطة الضغط على الشركات من خلال النقابات العمالية. بشكل أوضح إذا ارتفعت توقعات التضخم بمقدار 5 نقاط مئوية، فإن التضخم الفعلي سيميل إلى الارتفاع بمقدار 5 نقاط مئوية أيضاً.

في مثل هذه الحالات لا بد أن يتدخل البنك المركزي ويدلي بدلوه حتى يقطع على هؤلاء المحللين توقعاتهم ويبين مستهدفاته للفترة المقبلة حتى يعطي تطمينات للقطاع الاستهلاكي والاستثماري، لهذا عندما يرتفع التضخم أكثر من المستهدفات التي وضعها البنك المركزي، فمن غير المرجح أن يتفاعل المستهلكون والشركات مع تلك الارتفاعات لأنّ كلاً من الشركات والمستهلكين يعلمون أن ذلك الارتفاع في التضخم يعتبر مؤقتاً.


هناك سببان رئيسيان يدعوان إلى القلق بشأن التضخم، وكلاهما يتعلق بتأثير ارتفاع الأسعار على مستوى معيشة الأفراد.

أولاً: إذا كانت تكلفة المعيشة الخاصة سترتفع بسرعة أكبر من دخل الأفراد، فسوف يتدهور مستوى معيشتهم، وربما بسرعة كبيرة.

ثانياً: إذا كانت الأسعار ترتفع بشكل عام بسرعة أكبر من زيادة مدخرات الأفراد، فإن قيمة تلك المدخرات حتماً ستنخفض في الواقع من الناحية الحقيقية. قد لا يكون هذا واضحاً على المدى القصير، ولكن سيكون ذلك جلياً على المدى الطويل.

يكثر الحديث هذه الأيام أن العام القادم يحمل في طياته تنبؤات بتضخم كبير، على الرغم من أن التضخم لا يزال هادئاً في الوقت الحالي، ربما من الممكن أن يكون هناك تضخم في العام 2021 مع استمرار التحفيز الاقتصادي في كثير من الدول إما بضخ مزيد من الأموال أو استمرار تدني أسعار الفائدة، لكن سيظل في النطاق المنطقي حتى لو ارتفع بشكل مؤقت عن مستهدفات البنوك المركزية، ولكن سيظل تحت السيطرة بشكل عام. ولعلنا نتذكر الضخ التريليوني الذي حدث إبان الأزمة المالية 2008 وخاصة في الاقتصاد الأمريكي إلا أن التضخم لم يتجاوز 0.2% آنذاك، لذلك التضخم لم يعد نتيجة مؤكدة لزيادة المعروض النقدي.

كاتب سعودي

Alhazmi_A@