يقول لي صديقي.. إن كل ما كان بالأمس له قيمة أصبح اليوم وبوجود (كورونا) خاوياً، عادت المقاهي واختفى الرفاق، أصبح الإحساس بالمقهى غائباً، البريق الذي كان ينتظرني كل صباح وأنا متجه إلى العمل لم يعد هناك، ما الذي أفقد الأشياء روحها فجأة.. يا أبا فراس؟ قلت له أنت تحاول أن ترجع روحك إلى أمسها، أن تلغي وجود هذا الصباح ليتكرر الأمس في هذا اليوم، هذا الذي صنع الارتباك لديك، لا يجب أن تحاول أن تنقذ صباحك يا صديقي، ولا ترجع للخلف، ابحث فقط عن الأشياء التي صنعت الرماد وألقته على صباحك، ففقد كل هذا الإشراق، حاول أن تفهم لم ذهب!! لقد أسقطت الفكرة التي كانت تعطي الصباح بريقه يا رفيقي، فسقط كل شيء في العادية والرماد، وضاع الصباح الذي كان يشعلك كل يوم، لكي تستطيع أن تمر من بوابة النهار وتلقي وراءك يوماً آخر، أوقد فكرة التخلي عن الخوف المستجد في حياتك، وليس هنالك خوف أعظم من أن تصاب بوباء قاتل، وحتى تقضي على هذا الخوف تماما عليك بالأخذ بالأسباب، أنت من الفئات ذات الأولوية للحصول على لقاح فايروس (كورونا)، فلماذا التردد!! أنا كنت من أول المتقدمين المسجلين للحصول على موعد لأخذ اللقاح، أجابني بتذمر، هل أنت متفائل فعلا؟ أم تدعي التفاؤل؟ أراك طوال الوقت مبتسما، منطلقا، متحديا، ماذا بك يا صديقي؟ أنا أكثر شخص عاشرك، ويعرف ما مررت به من هزائم وانكسارات وخيانات وجحود، وسلب حقوق، فمن أين لك كل هذا التفاؤل وهذا الإشراق؟ قلت له الضعف في هذا الزمان يا سيدي خطيئة، ثم إن هذا ليس تفاؤلا فقط، بقدر ما هو شجاعة، أن تواجه الناس بكل أطيافهم وسلوكياتهم يتطلب الشجاعة، أن تواجه نقاط ضعفك شجاعة، أن تواجه المكائد والدسائس يتطلب شجاعة، أن تمتثل لرأي العالم الجليل الصديق البروفيسور الدكتور (عدنان عبدالمعطي مرداد) في الانصياع لأخذ لقاح جديد شجاعة، الحياة صعبة، وكلنا قابلون للكسر، لكن ماذا بعد الكسر!! إذا استسلمنا للكسر ولم نجبر أنفسنا، نكون بذلك استسلمنا (للكورونا) وللموت البطيء، لا شيء في الدنيا سيتوقف لأجلك يا صديقي، لا أحد في الدنيا سيتحمل بكاءك، الجميع مهموم والجميع مهزوم لقاء ما خلفته كارثة (كورونا)، قال لي ومن أين تستمد كل تلك الشجاعة، أجبته الشجاعة تأتي من الإيمان الحقيقي بالله، ما لا أستطيع تغييره.. أستطيع تطويقه وترويضه، إذا ما غيرنا الطريقة التي ننظر بها للأشياء، ستتغير الأشياء حتما، فلا شيء يدوم، لا الحزن يدوم، ولا الفرح يدوم، كل منا له نصيب في هذه الدنيا من بعض التعاسة وبعض الفرح، ضعف الإيمان هو استسلام النفس الأمارة بالسوء، وهذا من وجهة نظري أقسى أنواع الهزائم وأبشعها على الإطلاق، فكيف يقول لنا الله عز وجل إن رحمته وسعت كل شيء ولا نصدق، كيف يقول لنا إن مع العسر يسرا ولا نصدق، يقول الأديب الألماني فرانسس كافكا «لكن ما الذي يمكنني أن أفعله لو ظل الخوف ينبض في جسدي بدل القلب». الانتصار الحقيقي في الحياة أن تهزم خوفك في كل شيء، خوفك من المجهول، خوفك من الفقد خوفك من المرض.. لا شيء يهزمك في الحياة إلا نفسك.. ولا شيء ينصرك إلا نفسك!!.
كاتب سعودي
Fouad5azab@gmail.com
كاتب سعودي
Fouad5azab@gmail.com