الخطوة العلنية نحو إسرائيل من الأحزاب الإخوانية في المنطقة (حزب العدالة التركي - حماس - حزب العدالة المغاربي) ليست إلا تتويجا لعلاقة قديمة جداً تبناها الإخوان بقيادة «حسن البنا» وبقيت في الظل عقودا طويلة، ولذلك قد يصبح من المفيد تغيير حائط المبكى المقدس في الديانة اليهودية إلى حائط البنا أو بشكل أدق حسن البنا، بعدما أصبح أحفاده اليوم هم عرابو التطبيع وبناؤو العلاقات الإستراتيجية مع تل أبيب، كون غزة وأنقرة والرباط (الإخوانية) على خط واحد مع القاهرة وعَمان ورام الله وأبوظبي.
ينسى الكثير أن إسرائيل والإخوان المسلمين والجماعة الأحمدية (القاديانية) في الهند كلها تأسست تحت أعين المخابرات البريطانية أو حظيت بدعمها، ولذلك يرتبطون بحبل سري اسمه (الثعلب الإنجليزي)، إذن العلاقة بين الإخوان وإسرائيل ليست ولادة الأمس، هي قديمة قدم برغماتية الإنجليز التي تشربتها الحركات الإسلاموية وعلى رأسها الإخوان.
من يشكك في علاقة الإخوان بالإنجليز عليه أن يعود إلى الفترة المبكرة من تأسيس التنظيم الغامض، والدعم المالي والسياسي الذي قدمته بريطانيا ليقف «الإخوان» في وجه القصر الملكي المصري، إثر اندفاعه ضد فكرة تأسيس دولة يهودية في فلسطين، فكان من الضروري على الإنجليز إشغال الملكية المصرية بمعارضة من الداخل وتفجير الشارع والاحتجاجات وتشويه الملك وإزاحته في نهاية المطاف، وقد لعب الإخوان الدور الأهم في ذلك، كما أنه من المهم التذكير بدور حسن إسماعيل الهضيبي المرشد الثاني للجماعة والقادم من خارجها والمتهم بأنه عميل للمخابرات البريطانية، وكيف دفع به الإنجليز لتولي قيادة الإخوان بعد انفراط عقدهم إثر خلافات داخلية كبيرة وموت حسن البنا، ودور الإخوان القديم لا يختلف عن دورهم الحالي وهو تأسيس اضطرابات ضد الحكومات المناوئة للمشيئة الغربية.
تركيا كدولة إسلامية قفزت بعلاقاتها مع إسرائيل لعلاقة إستراتيجية وتحالف وثيق -أمني وعسكري واقتصادي- بعد تولي حزب العدالة التركي الإخواني للحكم بقيادة رجب أردوغان، فقد زار «أردوغان» تل أبيب والتقى زعامات تعد في العقل الجمعي العربي مجرمة مثل «أرييل شارون»، كما ركع عند قبر هرتزل ووضع إكليلا من الزهور، بالتأكيد إنها فاتورة للحركة الصهيونية التي مكنته من الحكم، لكنها تعبر أيضا عن عمق العلاقة بين الإخوان وإسرائيل.
الصدمة التي أحدثتها الأحزاب الإخوانية في المنطقة دفعت مرجعياتها الروحية لتنظيم الإخوان للخروج علنا والدفاع عن مواقف تنظيماتها الفرعية أمام شعوب صدقت أن الإخوان «شرفاء» وليسوا طلاب حكم، كما دفعت ماكنة الإعلام الضخمة التي تمتلكها لمحاولة تمييع القضية ووضعها ضمن ظروف استثنائية ومصالح سياسية، لكن كل تلك التبريرات لا يسمح بها للخصوم، بل إن بلدا كالسعودية لم يطبع ويتبنى مواقف صلبة من إسرائيل، تتم شيطنته وتشويهه دون أن ينخرط في أي علاقة مع تل أبيب.
لا شك أن العلاقة بين الإخوان وإسرائيل ستكون كثيفة ومزدهرة في مستقبل الأيام، خاصة مع إعادة ترتيب الإقليم بين القوى والمصالح الكبرى في العالم، ولا أظن أن لدى «الإخوان» مانعاً في اقتسام المنطقة بينهم وبين إسرائيل ولو وافق نتنياهو على فكرة «لكم هذه وللإخوان تلك»، لوافق فورا، ولاستعجل الريسوني وخالد مشعل وإسماعيل هنية ويوسف ندا والقرضاوي الاتفاق.
الإخوان في نهاية الأمر صنيعة وذراع المخابرات البريطانية ومشاريعها في المنطقة والعالم، وشركاء الألمان في طموحهم لإعادة تأسيس الإمبراطورية الألمانية، مقاولون من الباطن أتقنوا لعبة التلون، واستفادوا كثيرا من المساحات والدعم والدلال الذي يحظون به من بعض الدول الغربية، ومن قوانين اللعبة الديموقراطية، وما أن يصلوا إلى الحكم حتى يلقوا بكل الشعارات والقيم التي روجوا لها طويلا ويتحولوا من عملاء في التنظيم إلى عملاء في الحكم.
كاتب سعودي
massaaed@
ينسى الكثير أن إسرائيل والإخوان المسلمين والجماعة الأحمدية (القاديانية) في الهند كلها تأسست تحت أعين المخابرات البريطانية أو حظيت بدعمها، ولذلك يرتبطون بحبل سري اسمه (الثعلب الإنجليزي)، إذن العلاقة بين الإخوان وإسرائيل ليست ولادة الأمس، هي قديمة قدم برغماتية الإنجليز التي تشربتها الحركات الإسلاموية وعلى رأسها الإخوان.
من يشكك في علاقة الإخوان بالإنجليز عليه أن يعود إلى الفترة المبكرة من تأسيس التنظيم الغامض، والدعم المالي والسياسي الذي قدمته بريطانيا ليقف «الإخوان» في وجه القصر الملكي المصري، إثر اندفاعه ضد فكرة تأسيس دولة يهودية في فلسطين، فكان من الضروري على الإنجليز إشغال الملكية المصرية بمعارضة من الداخل وتفجير الشارع والاحتجاجات وتشويه الملك وإزاحته في نهاية المطاف، وقد لعب الإخوان الدور الأهم في ذلك، كما أنه من المهم التذكير بدور حسن إسماعيل الهضيبي المرشد الثاني للجماعة والقادم من خارجها والمتهم بأنه عميل للمخابرات البريطانية، وكيف دفع به الإنجليز لتولي قيادة الإخوان بعد انفراط عقدهم إثر خلافات داخلية كبيرة وموت حسن البنا، ودور الإخوان القديم لا يختلف عن دورهم الحالي وهو تأسيس اضطرابات ضد الحكومات المناوئة للمشيئة الغربية.
تركيا كدولة إسلامية قفزت بعلاقاتها مع إسرائيل لعلاقة إستراتيجية وتحالف وثيق -أمني وعسكري واقتصادي- بعد تولي حزب العدالة التركي الإخواني للحكم بقيادة رجب أردوغان، فقد زار «أردوغان» تل أبيب والتقى زعامات تعد في العقل الجمعي العربي مجرمة مثل «أرييل شارون»، كما ركع عند قبر هرتزل ووضع إكليلا من الزهور، بالتأكيد إنها فاتورة للحركة الصهيونية التي مكنته من الحكم، لكنها تعبر أيضا عن عمق العلاقة بين الإخوان وإسرائيل.
الصدمة التي أحدثتها الأحزاب الإخوانية في المنطقة دفعت مرجعياتها الروحية لتنظيم الإخوان للخروج علنا والدفاع عن مواقف تنظيماتها الفرعية أمام شعوب صدقت أن الإخوان «شرفاء» وليسوا طلاب حكم، كما دفعت ماكنة الإعلام الضخمة التي تمتلكها لمحاولة تمييع القضية ووضعها ضمن ظروف استثنائية ومصالح سياسية، لكن كل تلك التبريرات لا يسمح بها للخصوم، بل إن بلدا كالسعودية لم يطبع ويتبنى مواقف صلبة من إسرائيل، تتم شيطنته وتشويهه دون أن ينخرط في أي علاقة مع تل أبيب.
لا شك أن العلاقة بين الإخوان وإسرائيل ستكون كثيفة ومزدهرة في مستقبل الأيام، خاصة مع إعادة ترتيب الإقليم بين القوى والمصالح الكبرى في العالم، ولا أظن أن لدى «الإخوان» مانعاً في اقتسام المنطقة بينهم وبين إسرائيل ولو وافق نتنياهو على فكرة «لكم هذه وللإخوان تلك»، لوافق فورا، ولاستعجل الريسوني وخالد مشعل وإسماعيل هنية ويوسف ندا والقرضاوي الاتفاق.
الإخوان في نهاية الأمر صنيعة وذراع المخابرات البريطانية ومشاريعها في المنطقة والعالم، وشركاء الألمان في طموحهم لإعادة تأسيس الإمبراطورية الألمانية، مقاولون من الباطن أتقنوا لعبة التلون، واستفادوا كثيرا من المساحات والدعم والدلال الذي يحظون به من بعض الدول الغربية، ومن قوانين اللعبة الديموقراطية، وما أن يصلوا إلى الحكم حتى يلقوا بكل الشعارات والقيم التي روجوا لها طويلا ويتحولوا من عملاء في التنظيم إلى عملاء في الحكم.
كاتب سعودي
massaaed@