-A +A
طلال صالح بنّان
غداً (الأربعاء) يجتمع الكونجرس بمجلسيه برئاسة رئيس مجلس الشيوخ نائب الرئيس (مايك بنس)، للتصديق على انتخابات المجمع الانتخابي المنعقد في ١٤ ديسمبر الماضي، لاختيار الرئيس الجديد ونائبه (نائبته).

مراسم تقليدية، ضمن إجراءات دستورية مرعية، إلا أنها لا تخلو من المناورات السياسية. سياسياً: هذه بمثابةِ الفرصة الدستورية والقانونية الأخيرة لمحاولة الرئيس ترمب قَلْبَ نتيجة الانتخابات لصالحه.. أو على الأقل، محاولةَ عرقلة إتمام انتقال السلطة للرئيس الديمقراطي المنتخب (جو بايدن).


أعلن بعضُ المشرعين الجمهوريين في الكونجرس، منهم ١٤٠ نائباً وبضعةُ شيوخٍ، عن نيتهم تحدي قائمة المجمع الانتخابي، التي سبق وأعلنت ١٤ ديسمبر الماضي فوز نائب الرئيس الأسبق (جو بايدن)، بما مجموعه ٣٠٦ أصوات انتخابية مقابل ٢٣٢ صوتاً للرئيس دونالد ترمب. لا يعولُ الرئيس ترمب على رئاسة نائبه لاجتماع الكونجرس المشترك غداً، فللأخير حساباته السياسية الخاصة.. كما لا يعولُ على مؤيديه من المشرعين الجمهوريين، لضعف موقفهم السياسي.. وقناعته بعدم جدوى مناورتهم لإعادة النظر في نتيجة الانتخابات لصالحه.

الرئيس ترمب يذهب تفكيره إلى أبعدَ من التعويلِ على مناورات سياسية، لا طائل حقيقيا من ورائها. بالتوازي مع ذلك، نراه يدعو إلى «مليونيةٍ» حاشدةٍ غداً في واشنطن أمام مبنى الكابيتول للضغط على المشرعين، للحؤول دون استكمال إجراءات انتقال السلطة سلمياً للرئيس الديمقراطي الجديد.

الرئيسَ ترمب، في حقيقةِ الأمرِ، لا يأبه بأي تداعيات سلبية يلحقها سلوكه السياسي غير التقليدي ومناورات مؤيديه السياسة، على استقرار وسمعة الممارسة الديمقراطية. ولن يتخلى، كما قال، منذ أيامٍ، عن خوضِ معركةِ، للتوِ بدأت!

تُرى عن أي معركةٍ كان الرئيس ترمب يتكلم.. وعن أي نزالٍ يَعِدُ له. المؤكدُ أن الرئيس ترمب لن يخضعَ لنتيجة المعركة الدستورية والقانونية وحتى السياسية، التي وإن خسرها، إلا أنه لن يقرَ بهزيمته فيها. إنه يُحَضّرُ لحربٍ أخرى، ربما تكون أشدُ عنفاً، يختار هو ساحتها وعتادها وجندها، وربما يمتد مسرحها إلى خارج الولايات المتحدة. هو كما قال عن نفسه: لا يحب الهزيمة ويمقت الانهزاميين. شخصيةٌ معاندةٌ، مثل الرئيس ترمب، مفرطةٌ في «نرجسيتها» لا يمكن أن ترضى بأنصافِ الحلول، ولا تقبل بتأجيلِ خوضِ معركةٍ، وإن تضاءلت فرصُ كسبها.

الرئيسُ ترمب يعي تماماً، أنه: لا الدستور.. ولا مصالح الساسة، ولا مؤسسات الدولة، يمكن أن ينصفوه، وهو الذي جاء لتزعمِ ثورةٍ على واشنطن، وما تمثله من مؤسسات ورموزٍ وقيم. هو يعرف تماماً، أنه: إن خسر هذه المعركة، لن تُتاح له فرصةَ القتال، مرةً أخرى.

معركةَ الرئيسُ ترمب الحقيقيةُ لم تبدأ، بعد. غداً ستتكشف معالم هذه الحرب، التي وعدَ الرئيس ترمب بها مؤيديه.. وتوعَدَ بها خصومه. أما ما الذي قد يتمخض عنه انقشاع غبار هذه المعركة، فإن هذا آخر ما يفكر فيه الرئيس ترمب.