لا تزال أصداء مقابلة وكيلة وزارة الموارد البشرية لتمكين المرأة هند الزاهد على إحدى القنوات الإخبارية الفضائية مؤخراً، تلقى تفاعلاً عريضاً وواسعاً، وخصوصاً الفقرة التي قالت فيها: «تولي المرأة السعودية لمنصب قاضية بات قريباً»، والحقيقة أن المراقب الموضوعي والعقلاني لما يحصل في السعودية في السنوات الأخيرة لن يجد في هذا التصريح أي مفاجأة ولا استغراب؛ لأن السعودية قررت تصبح عضواً طبيعياً من العالم، والذي يشمل العالم الإسلامي نفسه. ومسألة وصول المرأة إلى منصب القاضية تم حسمه والقبول به في معظم الدول الإسلامية وأصبح «رفض» ذلك رأياً «غريباً». المتابع للتطور اللافت والمهم في ملف المرأة في السعودية، والمتعلق بشكل رئيسي بالاعتراف بآدميتها وكرامتها أولاً، ومن ثم إقرار الحقوق التي تكفل لها العيش الكريم، وبناء على هذا التغيير العميق في المفهوم سنت القوانين والأنظمة وأقرت التشريعات، ووضعت جانباً الممارسات الاجتماعية التي تم توارثها من حقب الجاهلية، وكذلك كان الأمر في ما يخص بعض الآراء والتفاسير المنفرة للنصوص المقدسة. تعلمت المرأة وعملت وترقت في مواقع ومناصب مختلفة، وكانت جزءاً فعالاً ومنتجاً من مساهمات مجتمعها الذي كان معطلاً وإلى حد كبير مشوهاً بدون معالجة ملف المرأة بشكل سوي وكريم. السعودية اجتماعياً اليوم أصبحت في حالة سلام مع النفس، ولديها مساحة كبيرة جداً من القبول والجاهزية لقبول القرارات الكبرى، مثل أن تكون المرأة قاضية أو حتى وزيرة، وذلك بعد أن سقطت فزاعات التشكيك والتخويف في كل من يفكر في هذه المسائل. ولعل أكبر شهادة في حق المرأة السعودية نفسها، هي مقابلة هند الزاهد الأخيرة التي أظهرت مسؤولاً حكومياً تنفيذياً كبيراً تتحدث بمنتهى الثقة والمهنية والاحترافية، فلا تبالغ بالمفردات المستخدمة ولا العبارات المعتمدة، فيصل الحديث إلى المتلقي بهدوء ومصداقية عميقة فتكون بالتالي واجهة مشرفة ومشرقة لما تستطيع فعله المرأة السعودية متى ما منحت الفرصة وهيئت لها الظروف بعدالة وسوية وكرامة. التطور الإنساني والأخلاقي المهول في أسلوب التعامل مع المرأة في السعودية هي شهادة نجاح كبرى تم فيها الخلاص من إرث ثقيل من التشوهات الاجتماعية والتشدد الفكري، وكلاهما كان يتم إخراجه باسم الدين فيقع المجتمع بكافة فئاته في الأسر نتاج ذلك. مساهمة المرأة ونجاحها اليوم شهادة بحق كل سعودي لأن هذا النجاح يحقق منافع للكل. سقف الطموح والأماني يزيد مع كل خطوة بعد أن كانت الأحلام التي من هذا النوع غير ممكنة.
كاتب سعودي
hashobokshi@gmail.com
كاتب سعودي
hashobokshi@gmail.com