صباح اليوم تكون قد مضت عدة ساعات على مغادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب سُدّة رئاسة أقوى دولة في العالم، لقد بقي في إدارته 4 أعوام بمعجزات لا يمكن تخيلها ولا تحملها.
ولعلنا نتذكر كيف أن ترمب واجه خلال تلك السنوات حروباً لا حصر لها من أعداء لا يرحمون اختبؤوا في أروقة السياسة والإعلام والفنون، بدءا من اتهامه بالتخابر مع الروس وأنهم انخرطوا في التأثير على الانتخابات لصالحه، وليس انتهاء بمحاولات عزله ومحاكمته وجره إلى السجن حتى قبل أيام من انتهاء ولايته.
مرحلة ترمب التي يمكن أن يطلق عليها المرحلة الشعبوية الأكثر وضوحا في التاريخ الأمريكي، تختصر بصدق السياسة الطبقية التي بناها الغربيون منذ حكم القياصرة في روما واليونان، مرورا بالعائلات الأرستقراطية في أوروبا، وما زالت تحكم بأشكال وألوان مختلفة، لكنها في نهاية الأمر «سيد غربي» يحكم مرة كقيصر ومرة كنبيل ومرة كرئيس.
حين قاد ترمب ما يسمى انقلابا مؤقتا لطبقة شعبية لا يستهان بها، رفضت قيم اليسار والليبرالية الجديدة المتطرفة، طبقة من محافظين وعائلات ليس لديها اهتمام بالسياسة، نظر لها كلحظة مؤقتة لن تستمر في التاريخ حتى عند من يدعون الديموقراطية وحكم الشعب، ولا ننسى أن الطبقة المتنفذة في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا كانت وما زالت تحتقرهم وتضعهم في طبقة متدنية.
صراع بين النبلاء الجدد -أو هكذا يرون أنفسهم- وبين أبناء الفقراء والطبقات المتوسطة الذين تحولوا إلى أغنياء أو استطاعوا اختراق المؤسسات السياسية من باب الصدفة وليس صعودا عبر السلالم واتباع التوجيهات، التزامات تأتي دائماً من العرابين وقيادات الأحزاب وملاك المؤسسات المالية الجديدة «أمازون، فيسبوك، تويتر... إلخ» الذين يحركونهم في ما بعد كالدمى.
خلاصة الأمر، أن ترمب لم يكن محسوبا أبدا على طبقة النبلاء ولا السياسيين ولا العائلات التي ترى نفسها مؤتمنة على مستقبل وهوية وعلاقات أمريكا مع العالم، فلا هو ابن سياسي أباً عن جد توارث كرسي الكونغرس، ولا غناه جاء من عائلات أرستقراطية، مجرد شاب مغامر مكافح قادم من بئر السلم الاجتماعي، استطاع أن يتحول إلى رجل أعمال ناجح، بنى إمبراطورية مالية من عرق جبينه، تمكن من تحويلها لمنصة أوصلته إلى سدة الرئاسة الأمريكية، متخطيا الحواجز والأعراف والتراتب الحزبي والقيم السياسية الأمريكية التي وضعها الآباء المؤسسون.
لعل ترمب ارتكب أكبر أخطائه عندما رفض أن ينصاع لمؤسسة الحكم ويصبح جزءا منها بعد وصوله وهي القائمة من 300 عام، لو وقف في المنتصف وقبل المساومات لتمكن من تخطي مدة الرئاسة وربما أكمل أربع سنوات أخرى، كما فعل رونالد ريغان الممثل الفاشل الذي استطاع أن ينفذ سياسات المؤسسات دون أن يتعارك معها.
لكن ترمب عاش خلال السنوات الأربع الماضية مغردا خارج السرب، حتى حلفاؤه الأمريكان الذين التفوا حوله في بدايات دخوله البيت الأبيض تخلوا عنه سريعا واحدا تلو الآخر، لأنهم تربوا داخل المؤسسات وعملوا بنظامها، أو ربما كانوا مدفوعين من حكماء المؤسسات الذين حاولوا ترشيد سلوكه بما يخدم مصالحهم، لكنهم فشلوا في ذلك وكان من الصعب عليهم الاستمرار بالعمل مع رجل أعمال بقبعة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ما حصل ببساطة هو أن رجلا من خارج المؤسسات برجالها ومصالحها وتشابكها ومساحات المال والنفوذ هبط عليهم بمظلة في لحظة غير متوقعة، وأفاقوا فجأة على وجوده كرئيس من خارج «تنظيماتهم السياسية» يمتلك السلطة والنفوذ الذي احتكره ووضعه في درج مكتبه البيضاوي، ولذلك حاولوا الإطاحة به، حاصروه، شوهوه، أخفوا إنجازاته..
ولكن يحسب لترمب شخصيته المقاتلة التي استند عليها في مقاومتهم حتى خارت قواه، وسقط المدافعون والملتفون حوله وهم ليسوا بقليل، إذ يشكلون نصف الشعب الأمريكي تقريبا.
دونالد ترمب لم يكتف بأعداء الداخل فأطلق غضب وحنق نبلاء أوروبا فشكلوا بدورهم خصوما آخرين لهم نفوذهم في أروقة السياسة الأمريكية، عاملهم ترمب كدول من الدرجة الثانية وليس كحلفاء يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم، ولذلك وقفوا ضده، لعل التاريخ لم ينصف السياسة الترمبية، لكن الشعبوية السياسية التي مثلتها ستتوقف إن لم تنته تماما من أمريكا والعالم وسيعمل الديمقراطيون على التخلص منها، وستؤكد ذلك الأشهر القليلة القادمة التي ستكون بمثابة إعادة العالم إلى ما كان عليه قبل عام 2016.
ولعلنا نتذكر كيف أن ترمب واجه خلال تلك السنوات حروباً لا حصر لها من أعداء لا يرحمون اختبؤوا في أروقة السياسة والإعلام والفنون، بدءا من اتهامه بالتخابر مع الروس وأنهم انخرطوا في التأثير على الانتخابات لصالحه، وليس انتهاء بمحاولات عزله ومحاكمته وجره إلى السجن حتى قبل أيام من انتهاء ولايته.
مرحلة ترمب التي يمكن أن يطلق عليها المرحلة الشعبوية الأكثر وضوحا في التاريخ الأمريكي، تختصر بصدق السياسة الطبقية التي بناها الغربيون منذ حكم القياصرة في روما واليونان، مرورا بالعائلات الأرستقراطية في أوروبا، وما زالت تحكم بأشكال وألوان مختلفة، لكنها في نهاية الأمر «سيد غربي» يحكم مرة كقيصر ومرة كنبيل ومرة كرئيس.
حين قاد ترمب ما يسمى انقلابا مؤقتا لطبقة شعبية لا يستهان بها، رفضت قيم اليسار والليبرالية الجديدة المتطرفة، طبقة من محافظين وعائلات ليس لديها اهتمام بالسياسة، نظر لها كلحظة مؤقتة لن تستمر في التاريخ حتى عند من يدعون الديموقراطية وحكم الشعب، ولا ننسى أن الطبقة المتنفذة في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا كانت وما زالت تحتقرهم وتضعهم في طبقة متدنية.
صراع بين النبلاء الجدد -أو هكذا يرون أنفسهم- وبين أبناء الفقراء والطبقات المتوسطة الذين تحولوا إلى أغنياء أو استطاعوا اختراق المؤسسات السياسية من باب الصدفة وليس صعودا عبر السلالم واتباع التوجيهات، التزامات تأتي دائماً من العرابين وقيادات الأحزاب وملاك المؤسسات المالية الجديدة «أمازون، فيسبوك، تويتر... إلخ» الذين يحركونهم في ما بعد كالدمى.
خلاصة الأمر، أن ترمب لم يكن محسوبا أبدا على طبقة النبلاء ولا السياسيين ولا العائلات التي ترى نفسها مؤتمنة على مستقبل وهوية وعلاقات أمريكا مع العالم، فلا هو ابن سياسي أباً عن جد توارث كرسي الكونغرس، ولا غناه جاء من عائلات أرستقراطية، مجرد شاب مغامر مكافح قادم من بئر السلم الاجتماعي، استطاع أن يتحول إلى رجل أعمال ناجح، بنى إمبراطورية مالية من عرق جبينه، تمكن من تحويلها لمنصة أوصلته إلى سدة الرئاسة الأمريكية، متخطيا الحواجز والأعراف والتراتب الحزبي والقيم السياسية الأمريكية التي وضعها الآباء المؤسسون.
لعل ترمب ارتكب أكبر أخطائه عندما رفض أن ينصاع لمؤسسة الحكم ويصبح جزءا منها بعد وصوله وهي القائمة من 300 عام، لو وقف في المنتصف وقبل المساومات لتمكن من تخطي مدة الرئاسة وربما أكمل أربع سنوات أخرى، كما فعل رونالد ريغان الممثل الفاشل الذي استطاع أن ينفذ سياسات المؤسسات دون أن يتعارك معها.
لكن ترمب عاش خلال السنوات الأربع الماضية مغردا خارج السرب، حتى حلفاؤه الأمريكان الذين التفوا حوله في بدايات دخوله البيت الأبيض تخلوا عنه سريعا واحدا تلو الآخر، لأنهم تربوا داخل المؤسسات وعملوا بنظامها، أو ربما كانوا مدفوعين من حكماء المؤسسات الذين حاولوا ترشيد سلوكه بما يخدم مصالحهم، لكنهم فشلوا في ذلك وكان من الصعب عليهم الاستمرار بالعمل مع رجل أعمال بقبعة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ما حصل ببساطة هو أن رجلا من خارج المؤسسات برجالها ومصالحها وتشابكها ومساحات المال والنفوذ هبط عليهم بمظلة في لحظة غير متوقعة، وأفاقوا فجأة على وجوده كرئيس من خارج «تنظيماتهم السياسية» يمتلك السلطة والنفوذ الذي احتكره ووضعه في درج مكتبه البيضاوي، ولذلك حاولوا الإطاحة به، حاصروه، شوهوه، أخفوا إنجازاته..
ولكن يحسب لترمب شخصيته المقاتلة التي استند عليها في مقاومتهم حتى خارت قواه، وسقط المدافعون والملتفون حوله وهم ليسوا بقليل، إذ يشكلون نصف الشعب الأمريكي تقريبا.
دونالد ترمب لم يكتف بأعداء الداخل فأطلق غضب وحنق نبلاء أوروبا فشكلوا بدورهم خصوما آخرين لهم نفوذهم في أروقة السياسة الأمريكية، عاملهم ترمب كدول من الدرجة الثانية وليس كحلفاء يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم، ولذلك وقفوا ضده، لعل التاريخ لم ينصف السياسة الترمبية، لكن الشعبوية السياسية التي مثلتها ستتوقف إن لم تنته تماما من أمريكا والعالم وسيعمل الديمقراطيون على التخلص منها، وستؤكد ذلك الأشهر القليلة القادمة التي ستكون بمثابة إعادة العالم إلى ما كان عليه قبل عام 2016.